قزم مفقود في حالة غريبة

تتألف بعض أزواج النجوم من نجمين عاديين يتمتعان بكتل مختلفة. عندما يُعمر النجم ذو الكتلة الأكبر ويتوسع نحو الخارج ليصير عملاقاً أحمر، تنتقل المواد إلى النجم الآخر وينتهي المطاف بها محيطة بكلا النجمين على شكل غلاف غازي عملاق. عندما تختفي هذه السحابة يتحرك النجمين إلى مسافة أقرب ويُشكلان زوج متماسك جداً ويتألف من قزم أبيض، ونجم عادي (انظر 1). 


أحد تلك الأزواج النجمية هو V471 Tauri (انظر 2). هذا الزوج عضو في العنقود النجمي هايدز الموجود في كوكبة الثور، والذي قُدر بعده عنا بحوالي 163 سنة ضوئية ويبلغ عمره حوالي 600 مليون عام. النجمان قريبان جداً من بعضهما ويدوران لمرة واحدة كل 12 ساعة. ولمرتين أثناء كل دورة، يعبر أحد النجمين أمام الآخر، مما يؤدي إلى رؤية تغيرات منتظمة في لمعان الزوج من منظورنا على الأرض. 


استخدم فريق من علماء الفلك، يقوده آدم هاردي (Adam Hardy)، من جامعة فالباريسو في تشيلي، نظام الكاميرا فائقة السرعة (ULTRACAM)، الموجودة على متن التلسكوب التقني الجديد التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، بهدف قياس تغيرات اللمعان بدقة عالية جداً. تم قياس أزمنة الخسوف بدقة وصلت إلى أكثر من ثانيتين، وهو تطور كبير جداً مقارنةً بالقياسات السابقة. 


لم يكن توقيت الخسوف منتظماً، ولكن يُمكن شرح هذا الأمر بشكلٍ جيد بافتراض وجود قزم بني يدور حول كلا النجمين، ويقوم سحبه الثقالي بتشويه مدارات النجمين، ووجد الباحثون أيضاً إشارات على احتمال وجود جسم مرافق ثاني وصغير.      


مع ذلك وحتى الآن، فإنه من المستحيل تصوير قزم بني خافت وقريب جداً من نجوم لامعة. لكن سمحت قوة الأداة الجديدة SPHERE، المركبة على التلسكوب الكبير جداً، بالبحث عن الزمن الذي من المتوقع ظهور القزم البني فيه للمرة الأولى. لكن لم يشاهد الفريق أي شيء على الرغم من أنَّ وجود الصور عالية الدقة، القادمة من SPHERE، يجب أن تكشف عنه بسهولة (انظر 3). 


يقول هاردي: "هناك العديد من الأوراق العلمية التي تقترح وجود مثل هذه الأجسام المحيطية الثنائية، لكن تُقدم النتائج الموجودة دليلاً مضراً بهذه الفرضيات". ما الذي يتسبب في هذه التغيرات الغريبة الحاصلة في مدار النظام الثنائي إذا لم يكن هناك أي جسم آخر؟
 
تقترح بضعة نظريات، على الرغم من استبعاد بعض منها، أن هذا التأثير قد يكون ناجماً عن تغيرات الحقل المغناطيسي الحاصلة في أكبر النجمين (انظر 4)، ويحصل ذلك بطريقة مشابهة نوعاً ما للتغيرات الصغيرة في الشمس. 


يستنتج هاردي: "لطالما كان مثل هذه الدراسة مهماً جداً، لكنها أصبحت متاحة مؤخراً فقط والفضل في ذلك يعود إلى الأجهزة القوية والجديدة مثل SPHERE. هكذا يعمل العلم: يُمكن للمراقبات القادمة من التكنولوجيا الحديثة أن تؤكد، أو تنفي الأفكار السابقة. هذه طريقة ممتازة لبدء حياة الرصد لهذه الأداة المذهلة".


ملاحظات
(1)
يُعرف مثل هذه الأزواج بـ post-common-envelope binaries. 

(2) يعني هذا الاسم أن الجسم هو النجم المتحول 471 (أو كما يُوضح التحليل الأقرب، زوج من النجوم) وحُدد وجوده في كوكبة الثور. 

(3) صور أداة SPHERE دقيقة جداً بحيث يُمكنها الكشف عن مرافق أقل خفوتاً من النجم المركزي بحوالي 70000 مرة، وبعيد عنه لمسافة تصل إلى 0.26 ثانية قوسية فقط. تم التنبؤ بأنَّ المرافق القزم البني، الموجود في هذه الحالة، أكثر لمعاناً بكثير. 

(4) يُعرف هذا المفعول بآلية Applegate، وينتج عنها تغيرات نظامية في شكل النجم، مما يقود إلى تغيرات في اللمعان الظاهري للنجم المضاعف عند النظر إليه من الأرض. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات