المشتري الفائق بعدسة هابل

 توضيحٌ لكوكبٍ بكتلةٍ تعادل أربع مرات كتلة المشتري يدور حول مُرافقه القزم البني على مسافة 5 مليار ميل (النجم الأحمر الساطع المرئي في الخلفية). يبعد هذا الكوكب عنا 170 سنة ضوئية فقط. شمسنا عبارة عن نجمٍ خافت في الخلفية.
 

قاس الفلكيون مُعدل دوران كوكبٍ خارجيٍّ هائلٍ باستخدام تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا عن طريق رصد اختلاف السُّطوع في غلافه الجوي. مع الإشارة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها قياسُ دوران كوكبٍ خارجيٍّ فائقٍ باستخدام التصوير المباشر.


قال دانيال أباي Daniel Apai من جامعة أريزونا في توكسون، وقائد أبحاث هابل: "النتيجة مثيرةٌ للغاية، منحتنا تقنيةً فريدةً من نوعها لاستكشاف الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية وقياس معدلات دورانها".


سُمي هذا الكوكب 2M1207b، وكتلته أكبرُ بأربع مراتٍ من المشتري ويطلق عليه المشتري الفائق" (super-Jupiter).

يصاحبُ هذا الكوكب نجمًا منهارًا يُعرف بالقزم البني (brown dwar)، يدور حوله على بعد 5 مليارات ميل. وبالمقارنة، يَدور المشتري حول الشمس على بعد 500 مليونِ ميلٍ تقريباً. يُعرف هذا القزم البني بـ 2M1207. يتواجد هذا النظام على بعد 170 سنةٍ ضوئيةٍ من الأرض.


سمح استقرار صورة هابل، ودقتها العالية، وقدرات التصوير عالية التباين للفلكيين بقياس تغير سُطوع الكوكب بدِقة أثناء دورانه. يُرجع الباحثون تَغير السطوع لأنماط السُّحب المعقدة في الغلاف الجوي للكوكب. لم تُثبت قياسات هابل الجديدة وجود هذه السحب فقط، بل أظهرت طبقات السحب الغير متجانسة وعديمة اللون.


رَصد العلماء الكوكب الخارجي فائق الكتلة للمرة الأولى منذ 10 سنوات بواسطة هابل. أظهرت الأرصاد أنّ الغلاف الجوي للكوكب الخارجي ساخنٌ بما يكفي لتشكيل سُحب أمطار من السيليكات: تَبرد الصُّخور المُتبخرة لتُشكِّل جُسيماتٍ صغيرة بحجم مشابه لتلك التي في دخان السجائر. أعمق في الغلاف الجوي، تتشكل قطرات الحديد وتسقط مثل المطر، وتتبخر في النهاية لأنها تدخل في مستويات منخفضة من الغلاف الجوي.


قال يفان تشو Yifan Zhou من جامعة أريزونا، وهو المؤلف الرئيسي لورقة البحث: "في هذا الكوكب، تُمطر زجاجاً على ارتفاعاتٍ عاليةٍ، وعلى ارتفاعاتٍ أخفض تمطر الحديد، ودرجات الحرارة الجوية بين 2200 و 2600 درجة فهرنهايت".

المشتري الفائق ساخنٌ جداً بحيث يَظهر بشكل أسطع في الأشعة تحت الحمراء. استخدم الفلكيون كاميرا هابل واسعة النطاق رقم 3 (Hubble's Wide Field Camera 3) لتحليل الكوكب الخارجي بالأشعة تحت الحمراء لاكتشاف غطاء السحب لهذا الجسم وقياس مُعدل دورانه. الكوكب ساخنٌ لأنّ عُمره فقط 10 مليون عام ولا يَزال يتقلص ويبرد. وعلى سبيل المقارنة، عُمر كوكب المشتري في نظامنا الشمسي حوالي 4.5 مليار عام.


لكن لن يحافظ الكوكب على هذه الدرجات العالية من الحرارة. بعد القليل من مليارات السنين القادمة، سيبرد وينكمش بشكلٍ تدريجي. وستتناقص دَرجات حرارته، ستتشكل سحب السيليكات والحديد بشكل أقل وأقل في الغلاف الجوي وستتلاشى عن الأنظار في النهاية. كما أكَّد تشو وفريقه أيضاً أنّ المشتري الفائق يكمل دورةً كل 10 ساعات تقريباً، ويدور في نفس معدل سرعة المشتري تقريباً.


كتلة المشتري الفائق أصغرُ من كُتلة قزمِه البني المُضيف له من خمسٍ إلى سبع مرات. على العَكس، كُتلة شَمسنا أكبر بألف مرة من المشتري. يشرح تشو: "لذلك فإن هذا دليلٌ جيدٌ جداً على أنّ نظام 2M1207 الذي ندرسه تَشكل بشكلٍ مختلف عن نظامنا الشمسي". تدور الكواكب حول شمسنا التي تشكلت داخل قرص نجمي دوّار متنامٍ. لكن ربما تشكَّل المشتري الفائق ومرافقه عن طريق انهيار ثقالي لزوجٍ من الأقراص المنفصلة.


قال أباي: "تبرهن دراستنا على أنّ هابل وخلفه تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا سيتمكنان من استخلاص خرائط السحب للكواكب الخارجية معتمدين على الضَّوء القادم مِنها". في الواقع، هذا المشتري الفائق هدفٌ مِثاليٌّ لتلسكوب جيمس ويب الفضائي، وهو مَرصدٌ فضائيٌّ بالأشعة تحت الحمراء من المقرر إطلاقه في 2018. سيُساعد ويب الفلكيين على تحديدٍ أفضل لمكونات الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية واستنتاج خرائط تفصيلية من التغيرات في السطوع مع التقنية الجديدة التي ظهرت في أرصاد هابل.


ظهرت نتائج هذه الدراسة في 11 شباط/فبراير 2016، ونشرت في مجلة الفيزياء الفلكية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات