هابل يكتشف أن المجرات القزمة شكَّلت نسبة من النجوم أكبر من الحصة التي عليها القيام بتشكيلها
ربما تكون صغيرة، لكنها قامت بتشكيل كمية كبيرة من النجوم. وتوضح المراقبات الجديدة القادمة من تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا أن المجرات الصغيرة، المعروفة أيضاً بالمجرات القزمة (dwarf galaxies)، مسؤولة عن تشكيل النسبة الأكبر من نجوم الكون.
دراسة هذا العصر المبكر من تاريخ كوننا هو أمرٌ مهم للحصول على فهمٍ كامل لكيفية تشكل هذه النجوم وكيفيَّة نمو وتطور المجرات خلال المرحلة الممتدة من 2 مليار عام إلى 6 مليار عام بعد بداية الكون. ويدعم هذه النتيجة عقداً كاملاً من البحث المتعلق بمعرفة فيما إذا وُجدت صلة بين كتلة المجرة ونشاط التشكل النجمي الموجود فيها، وتساعد أيضاً على رسم صورة منسجمة للأحداث التي حصلت في المراحل المبكرة من عمر كوننا.
يقول حكيم اتك (Hakim Atek)، من مدرسة البولتكنيك في سويسرا، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت في عدد 19 يونيو من مجلة الفيزياء الفلكية: "في الواقع، نعتقد أن هذا النوع من المجرات ساهم في الموجة الأولى من عملية التشكل النجمي، لكن هذه هي المرة الأولى التي تمكَّنا فيها من قياس التأثير الذي قامت به".
اقتصرت الدراسات السابقة المتعلقة بمجرات التشكل النجمي على تحليل المجرات متوسطة ومرتفعة الكتلة، تاركةً عدداً ضخماً من المجرات القزمة التي وُجدت خلال تلك الفترة التي ضجت بعمليات التشكُّل النجمي. وأجرى علماء الفلك الدراسة الجديدة باستخدام بيانات قادمة من الكاميرا الكوكبية واسعة المجال 3 (WFC3) الموجودة على متن تلسكوب هابل، ما نقلهم خطوة مهمة أخرى على طريق فهم هذا العصر التكويني من خلال فحص عينة من المجرات المشتعلة نجمياً، والتي وُجدت عندما كان الكون شاباً. تُشكل المجرات المشتعلة نجمياً (starburst galaxies) النجوم عند معدلات سريعة جداً، وهي أكبر بكثير من تلك التي توقعها الخبراء واعتبروها معدلاً طبيعياً لعملية التشكل النجمي.
سمحت القدرات التي تتمتع بها WFC3، في المجال تحت الأحمر، لعلماء الفلك بالقيام في النهاية بحساب مقدار إسهام هذه المجرات القزمة ومنخفضة الكتلة في عملية تكاثر النجوم الموجودة في كوننا. ويُضيف المؤلف المشارك جان بول كنيب (Jean-Paul Kneib)، من EPFL أيضاً: "تُشكل هذه المجرات النجوم عند سرعات مرتفعة جداً بحيث يُمكنها في الواقع مضاعفة كامل كتلتها، المكونة من النجوم، خلال 150 مليون سنة فقط –وهي مدة قصيرة جداً عند سلم القياس الفلكي".
يقول الباحثون، أن مثل هذا الربح في الكتلة سيتطلب إنجازه في المجرات العادية فترة من الزمن تمتد من 1 مليار عام إلى 3 مليار عام. وبالإضافة إلى الإسهام برؤى جديدة تتعلق بكيفية تشكل النجوم في كوننا ومكان تشكلها، قد يساعد هذا الاكتشاف أيضاً على حل الأسرار المتعلقة بالتطور المجرِّي. تتطوَّر المجرات عبر مزيج من العمليات المعقدة. فأثناء اندماج المجرات، يتم استهلاكها من قبل النجوم المتشكلة حديثاً والتي تتغذى على الغازات الموجودة، وتقوم النجوم المنفجرة والثقوب السوداء فائقة الكتلة بإصدار مواد مجريَّة؛ وهي عملية تسنتزف الكثير من كتلة مجرة.
من الاستثنائي اكتشاف مجرة موجودة في طور الاشتعال النجمي، مما يقترح على الباحثين أن المجرات المشتعلة نجمياً هي نتيجة لحدث غير اعتيادي حصل في الماضي، كعملية اندماج عنيف.