لِم يلتقط تلسكوب هابل صوراً دقيقة للمجرات البعيدة بعكس بلوتو؟

لِم تكون صور المجرات البعيدة التي يتلقطها هابل أدق من صور بلوتو؟

كيف يُعقل أن تكون الصور التي يلتقطها هابل للمجرات التي تبعد عنه مليارات السنين الضوئية دقيقةً ومفصلة بشكل بديع، في حين تظهر صور بلوتو كفقاعات صغيرة على الرغم من أنه أقرب إليها من تلك المجرات بكثير؟ يُطرح عليّ هذا السؤال، أو أسئلة أخرى تُشبهه، كثيراً. الحقيقة أنه يَصعب استيعاب ذلك لأن الفكرة في عُقولنا تقول أن المسافة إلى بلوتو ''بعيدة'' والمسافة إلى المجرات الأخرى ''بعيدة جداً''، وهذا ما نعرفه. لكنني لا أظن أن الكثير من الناس يفهمون بالضبط كم هي تلك المسافات البعيدة ولا حتى أحجامها النسبية (أنا أيضاً لا أعرف).

لكن لا تقلقوا، فمن خلال استخدام بعض قوانين الرياضيات الأساسية سنتمكن من فهم السبب الذي يؤدي إلى الحصول على صور واضحة للمجرات البعيدة كما في الصورة أدناه:


وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، آدم ريس (معهد علوم تلسكوب الفضاء/جامعة جونز هوبكنز) إل. ماكري (جامعة تكساس إيه آند أم)، وفريق تراث هابل (معهد علوم تلسكوب الفضاء/رابطة الجامعات لأبحاث الفلك) مجرة NGC 5584الملتقطة بواسطة الكاميرا واسعة النطاق 3 (WFC3) على متن تلسكوب هابل يرسم الضوء الأزرق اللامع الصادرعن النجوم الشابة شكل الأذرع اللولبية الجميلة التي تُميز مجرة 5584 NGC. كما تظهر العديد من خطوط الغبار الرقيقة وهي تنساب من قلب المجرة ذي اللون المائل إلى الصُفرة حيث تُوجد النجوم الأقدم. أما النِقاط الحمراء المنتشرة في الصورة فهي بشكل عام مجرات أخرى بعيدة.
وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، آدم ريس (معهد علوم تلسكوب الفضاء/جامعة جونز هوبكنز) إل. ماكري (جامعة تكساس إيه آند أم)، وفريق تراث هابل (معهد علوم تلسكوب الفضاء/رابطة الجامعات لأبحاث الفلك) مجرة NGC 5584الملتقطة بواسطة الكاميرا واسعة النطاق 3 (WFC3) على متن تلسكوب هابل يرسم الضوء الأزرق اللامع الصادرعن النجوم الشابة شكل الأذرع اللولبية الجميلة التي تُميز مجرة 5584 NGC. كما تظهر العديد من خطوط الغبار الرقيقة وهي تنساب من قلب المجرة ذي اللون المائل إلى الصُفرة حيث تُوجد النجوم الأقدم. أما النِقاط الحمراء المنتشرة في الصورة فهي بشكل عام مجرات أخرى بعيدة.


أما صور بلوتو وأقماره فتبدو هكذا:

وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، مارك شوالتر (معهد البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض "سيتي") و إل. فراتر (معهد علوم تلسكوب الفضاء) قمرٌ خامسٌ لبلوتو تُظهر هذه الصورة التي التقطتها الكاميرا واسعة النطاق 3 على متن تلسكوب هابل الفضائي في 7 يوليو/تموز 2012، قمر بلوتو الخامس المُكتشَف حديثاً. هذا وقد تم إطلاق الإسم (Kerberos) على القمر P4، بينما حصل القمر P5 على الإسم (Styx).
وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، مارك شوالتر (معهد البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض "سيتي") و إل. فراتر (معهد علوم تلسكوب الفضاء) قمرٌ خامسٌ لبلوتو تُظهر هذه الصورة التي التقطتها الكاميرا واسعة النطاق 3 على متن تلسكوب هابل الفضائي في 7 يوليو/تموز 2012، قمر بلوتو الخامس المُكتشَف حديثاً. هذا وقد تم إطلاق الإسم (Kerberos) على القمر P4، بينما حصل القمر P5 على الإسم (Styx).

 

لكن السؤال الأساسي الذي نطرحه هنا هو: كم يبلغ الحجم الظاهري للمجرات وبلوتو في السماء؟ 


للإجابة على هذا السؤال علينا أولاً أن نعرف أحجامها ومسافاتها.

  •  بناءً على المعلومات المذكورة في قسم البيانات السريعة (Fast Facts)على موقع تلسكوب هابل ادخال الرابط هنا -والتي نُشرت مع صورة مجرة NGC 5584 المُرفقة أعلاه، تبعدُ تبعد تلك المجرة عنا بمسافة 72 مليون سنة ضوئية، وتبلغ المساحة التي تُغطيها الصورة حوالي 50 ألف سنة ضوئية.
     
  •  من ناحية أخرى، يُظهر مُحاكي المجموعة الشمسية Solar System Simulator أن بلوتو كان يبعد عن الأرض مسافة 4.675 مليار كيلومتر عندما التُقطت له تلك الصورة مع أقماره بتاريخ (7 يوليو/تموز 2012). يبلغ عرض بلوتو حوالي 2400 كيلومتر.

ولقياس الحجم الذي تظهر به تلك الأجرام في سمائنا، يمكن أن نأخذ نسبة أحجامها إلى مسافاتها. لكن لا تبدأوا بعمل الحسابات الرياضية الآن، فقبل ذلك عليكم القيام بدراسة نسب الأقدار الظاهرية لهذه الأجرام.


لذا نقول أن:


  •  عرض المجرة يساوي (مئة ألف) مقسوماً على مساف (مئة مليون). إذاً، تكون النسبة بين العرض والمسافة هي: (جزء من الألف).
  •  أما عرضُ بلوتو فيساوي: (ألف) مقسوماً على مسافة (مليار). إذاً تكون النسبة بين العرض والمسافة هيجزء واحد من المليون).
  •  بناءً على هذا، ستظهر المجرة أكبر بألف مرة في السماء من بلوتو.


لذا، من المهم جداً أن نقوم باختبار الحقائق مثلما فعلنا أعلاه، لأنه عند التعامل مع الأرقام الكبيرة أو الصغيرة جداً لا يجب نسيانُ ولو صفرٍ واحد، لأن ذلك سيُؤثر بشكل كبير على النتيجة.
 
الآن، وبما أننا انتهينا من هذه العملية، يُمكننا البدءُ بإدخال الأرقام الحقيقية التي نريد اختبارها:


  •  بالنسبة للمجرة، 50 ألف سنة ضوئية / 72 مليون سنة ضوئية = 0.00069
  •  بالنسبة لبلوتو، 2400 كيلومتر / 4675 مليون كيلومتر = 0.00000051

 خُذ نسبة هذه الأرقام وستلاحظ أن المجرة تظهر في السماء أكبر من بلوتو بنحو 1300 مرة. (لاحظ أن تقديرنا السابق للقدر الظاهري لكل من المجرة وبلوتو كان ألف مرة، وهذا رقم قريبٌ للغاية من الرقم الحقيقي).


إلى أي درجة من الوضوح يجب أن يرى هابل المجرةَ أو بلوتو؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً أن نعرف الدقة الزاوية (angular resolution) لكاميرا تلسكوب هابل. استُعملت الكاميرا واسعة النطاق 3 في كلا الصورتين. قُم بالبحث عن دقتها الزاوية وسوف تجد أنها تساوي 0.04 ثانية قوسية (Arcsecond) – (تُعادل الثانية القوسية 1/3600 جزء من الدرجة). هذا يعني أن بيكسل واحد لهابل يمتد على طول زاوية قياسها 0.04 ثانية قوسية. 

أُريد الآن أن أُحول هذا الرقم إلى الراديان (زاوية نصف قطرية). لذا، تكون النتيجة: 0.04 ثانية قوسية × 1/ 3600 درجة/ثانية قوسية × 2 بي أي راديان /360 درجة = 0.00000019 راديان، أو 0.19 ميكرو راديان. لماذا أقوم بهذا التحويل؟ لأن هناك حيلة يمكنك استعمالها مع القياسات الزاوية فيما يخص الزوايا الصغيرة جداً. فعندما تكون الزاوية صغيرة جداً، فإن مماسها يكون مساوياً تقريباً للزاوية نفسها عندما نعبر عن الزاوية باستخدام الراديان. هل تتذكر كيف تحسب مماس زاوية؟ المماس هو طول ضلع المثلث قائم الزاوية المقابل للزاوية مقسوماً على طول الضلع المحاذي لتلك الزاوية. لكن مُثلثنا نَحيف لدرجة أن إسم "مثلث قائم الزاوية" الذي أطلقناه عليه هنا هو للتقريب فقط. بالنظر إلى مجرتنا في السماء، فإننا نتحدث هنا عن عرض المجرة مقسوماً على مقدار بُعدهاعن الراصد – وهي النسبة ذاتها التي حسبناها من قبل.

إذن، فنسبة عرض المجرة لبُعدها عنّا، والذي يساوي 0.00069، تُمكننا من معرفة الزاوية التي تُقابلها المجرة في السماء بالراديان. قم بقسمة ذلك على الدقة الزاوية التي حسبتها الكاميرا واسعة النطاق 3 (WFC3) بالراديان في البيكسل الواحد والبالغة قيمتها (0.00000019)، وستحصل على 3600 بيكسل. وقد تَوصّلنا حسابياً فيما سبق إلى أن عرض بلوتو يمثِّل 1/1300 من عرض المجرة– أي أقل من 3 بيكسِلات في لقطة هابل.

بلوتو عالم صغير للغاية، لكن حتى إذا وضعت المشتري (الذي هو أكبر من بلوتو بستين مرة) على نفس المسافة بين بلوتو والشمس، فسيظهر المشتري بحجم 150 بيكسل فقط، أي أقل بكثير مما تظهر عليه المجرة.

صحيح أن المجرات بعيدةٌ جداً عنا، لكن أغلبها ضخمة لدرجة أن حجمها أكبر من المسافة بيننا وبينها، على الأقل مقارنة بالعوالم الموجودة في نظامنا الشمسي! تأمّل في ذلك قليلاً – كيف يُمكن لشيء يبعد عنا مليارات السنين الضوئية أن يظهر لنا أكبر بألف مرة من جسم يوجد داخل نظامنا الشمسي؟

سؤال لكُم الآن:


لديّ سؤال آخر كثيراً ما أتلقاه من الناس وهو مرتبط بالموضوع الذي تحدثنا عنه سابقاً. كلنا نعلم أن هناك مركبة في طريقها إلى بلوتو حالياً وعلى متنها كاميرا ذات دقة عالية. تلك المركبة هي مركبة نيو هورايزنز (New Horizons). تمكنت هذه المركبة إلى الآن من الوصول إلى ما وراء مدار أورانوس، وهي أقرب إلى بلوتو الآن من الأرض. في الواقع، تبعد نيو هورايزنز عن بلوتو مسافة مليار كيلومتر فقط، بينما تبعد عن الأرض مسافة 4 مليارات كيلومتر. إذن، فنيو هورايزنز الآن أقرب إلى بلوتو بحوالي أربع مرات من قربها من الأرض. أفلا يُفترض أن تلتقط هذه المركبة صوراً أفضل وأوضح لبلوتو من هابل؟

طبعاً لم نحصل بعدُ على صور جيدة لبلوتو من نيو هورايزنز، إذن فالإجابة هي لا. لكن يجب أن تحاول حساب ذلك بنفسك، ثًمّ الإجابة عن السؤال التالي: متى ستصبح الصور التي تلتقطها نيو هورايزنز لبلوتو أفضل من الصور التي تم الحصول عليها من هابل؟ 


إليك معلومات أساسية لحل المسألة: تملك كاميرا نيو هورايزنز الأعلى دقة والمعروفة بإسم المُصور الاستقصائي واسع النطاق (Long Range Reconnaissance Imager) أو اختصاراً (LORRI)، دقة زاوية تبلغ 5 ميكرو راديان. وإذا أردت أن تعرف المسافة التي ستفصل نيو هورايزنز عن بلوتو في المستقبل، قم باستعمال مُحاكي النظام الشمسي التابع لمختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory.

سوف أنشر الجواب يوم الإثنين !

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات