هذه الصورة المُركّبة تُظهر حجم وموقع سحابة سميث Smith Cloud في السماء. حيث تُظهرُ الموجات الراديوية السحابة بالألوان الزائفة مثلما رصدها تلسكوب الضفة الخضراء في ولاية فرجينيا الغربية، كما يُظهر حقل النجوم بالضوء المرئي في خلفية الصورة موقع السحابة باتجاه كوكبة العقاب Aquila.
المصدر: Saxton / Lockman / NRAO / AUI / NSF / Mellinger
وجد فلكيو تلسكوب هابل أن القول المأثور القديم "ما طار طيرٌ وارتفع، إلا كما طار وقع" ينطبق على سحابة هائلة من غاز الهيدروجين تقع خارج مجرتنا درب التبانة. وهي سحابةٌ غير مرئية، وتهبط على نحو سريع باتجاه مجرتنا بسرعة تقارب 700,000 ميل في الساعة.
على الرغم من وجود المئات من سحب الغاز ذات السرعات العالية التي تئزُّ حول مجرتنا، إلا أن "سحابة سميث" تعتبر فريدة من نوعها بسبب مسارها المعروف جيداً. وتشير أرصاد هابل الجديدة الى أنّ هذه السحابة انطلقت من المناطق الخارجية لقرص المجرة منذ حوالي 70 مليون سنة، وقد اكتشفها طالب الدكتوراه في علم الفلك غيل سميث Gail Smith في عام 1960 Gail Smith، حينما اكتشف الموجات الراديوية المنبعثة من الهيدروجين في السحابة.
تمضي السحابة الآن في مسار تصادمي مرتد يتوقع أن يجرف قرص مجرة درب التبانة خلال حوالي 30 مليون سنة، وعندما يحدث ذلك، فإن علماء الفلك يعتقدون أنه سيشعل انفجاراً هائلاً من تشكُّل النجوم، وربما سيوفر ما يكفي من الغاز لتشكيل مليوني نجم مثل شمسنا.

يقول أندرو فوكس Andrew Fox قائد الفريق من معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور، ماريلاند: إن السحابة هي مثال عن كيفية تغير المجرة مع مرور الوقت"، ويضيف: " إنها تخبرنا أن مجرة درب التبانة مكان محتدم ونشط للغاية حيث يمكن طرد الغاز من جزء ما منها ليعود هذا الغاز إلى جزء آخر".
ويقول فوكس: "تعمل مجرتنا على إعادة تدوير الغاز بواسطة السحب، وأحد هذه الأمثلة هي سحابة سميث التي ستشكل النجوم في أماكن مختلفة عن ذي قبل. تساعدنا قياسات هابل حول سحابة سميث على تصوّر مدى نشاط الأقراص في المجرات"
اعتقد علماء الفلك منذ فترة طويلة أن سحابة سميث قد تكون مجرّة ضعيفة وخالية من النجوم، أو غازًا من الفضاء بين المجرّي سقط الى داخل مجرة درب التبانة. وإذا ثبت صحة أي من هذه السيناريوهات، فإنّ مكوّنات السحابة ستكون من الهيدروجين والهيليوم، وليس من العناصر الأثقل التي تصنعها النجوم. ولكن، إن كانت قد جاءت من داخل المجرة فإنها ستحتوي على العناصر الموجودة داخل شمسنا.

من أجل تحديد مصدر سحابة سميث استخدم الفريق تلسكوب هابل للمرة الأولى لقياس تركيبها الكيميائي، ورصد العلماء الأشعة فوق البنفسجية من النوى المضيئة لثلاث مجرات نشطة تقع على بعد مليارات السنين الضوئية خلف السحابة، وقاموا بقياس ترشّح الضوء خلال السحابة باستخدام مطياف الأشعة الكونية في هابل.
بحث العلماء عن الكبريت – الذي يمكن أن يمتصّ الأشعة فوق البنفسجية - في السحابة على وجه الخصوص، وأوضح فوكس: "من خلال قياس الكبريت يمكننا معرفة مدى غنى السحابة بذرات الكبريت مقارنة بالشمس". الكبريت مقياس جيّد للعناصر الأثقل الموجودة في السحابة.
وجد علماء الفلك أن سحابة سميث غنية بالكبريت مثل القرص الخارجي لدرب التبانة، وهو المنطقة التي تبعد حوالي 40,000 سنة ضوئية عن مركز المجرة (حوالي 15000 سنة ضوئية أبعد عن شمسنا والنظام الشمسي)، و هذا يعني أن سحابة سميث غنيّة بالمواد الموجودة في النجوم، وهو أمرٌ لن يحدث لو كان أصل الهيدروجين من خارج المجرة، أو من بقايا مجرة تخلو من النجوم.
ظهر بحث الفريق في عدد 1 يناير/ كانون الثاني 2016، من مجلة الفيزياء الفلكية.