هابل يتعقب هجرة الأقزام البيضاء في عنقود 47 Tucanae النجمي

باستخدام تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ESA ووكالة ناسا ، قام علماء فلك ولأول مرة ، بتعداد نجوم قزمة بيضاء يافعة بدأت هجرتها من الوسط المزدحم لعنقودٍ نجمي قديم، إلى ضواحٍ اقل ازدحامًا . تتحدى النتائج الجديدة أفكارنا المتعلقة بكيفية ووقت فقد نجمٍ لكتلته عند اقتراب نهاية حياته.

الأقزام البيضاء هي الآثار المحترقة للنجوم القديمة التي أغلقت و بسرعة أفرانها النووية، ومن ثم بردت فاقدةً كتلتها في نهاية حياتها النشطة. ومع تقدم عمر هذه الجثث النجمية وفقدانها لكتلتها ، فإنها تُطرد من المركز الكثيف للعناقيد الكروية وتهاجر إلى مداراتٍ أوسع . مع أن علماء الفلك على علمٍ بهذه العملية ، فإنهم لم يشهدوا حدوث إحداها من قبل، حتى الآن.

استخدم علماء الفلك تلسكوب هابل لتعقب هذه الرحلة النجمية من خلال دراسة 3000 قزمٍ أبيض في عنقود النجوم الكروي (47 Tucanae)، وهو تجمع كثيف من مئات آلاف النجوم في مجرة درب التبانة.

وأوضح جيرمي هيل Jeremy Heyl من جامعة كولومبيا البريطانية، كندا، والمؤلف الأول للورقة العلمية: "لقد رأينا الصورة النهائية من قبل والتي تتمثل بالأقزام البعيدة التي كانت قد هاجرت، واستقرت في مدارات بعيدة خارج النواة، والتي حُددت من قبل كتلتها. لكن في هذه الدراسة، التي تضم ربع الأقزام البيضاء اليافعة في العنقود، فنحن في الواقع نقوم برصد النجوم أثناء عملية الانتقال إلى خارج العنقود ومن ثم توزُّعُها على نحو مناسب وفقا لكتلتها".

باستخدام القدرات فوق البنفسجية لكاميرا (Wide Field Camera 3) ذات العيون الحادة، تتبع علماء الفلك تجمعات الأقزام البيضاء على نطاقٍ من الأعمار. باستخدام ألوان النجوم، يمكن لعلماء الفلك أن يقدروا عمر كل نجم. فقد بدأت للتو مجموعة من النجوم، ذات عمر يناهز الستة ملايين سنة، رحلتَها من وسط العنقود الكثيف، وهناك مجموعة أخرى بعمرٍ يصل الى 100 مليون سنة، قد وصلت بالفعل الى موقعها الجديد، على بعد 1.5 سنة ضوئية من نقطة انطلاقها ، وبعيداً عن مركز العنقود.

وأوضحت المؤلفة المشاركة إليسا أنطوليني Elisa Antolini من جامعة بيروجيا في إيطاليا: "قبل أن تصبح أقزامًا بيضاء، كانت النجوم المهاجرة من بين الأثقل في العنقود، تقريبا بمثل كتلة الشمس، كنا نعلم أنه أثناء فقدان النجوم لكتلتها سنرى هجرةً إلى ضواحي العنقود البعيدة؛ هذا لم يكن مفاجئاً . ولكن، ما كان مفاجأةً لنا هو أن مجموعةً من أصغر الأقزام البيضاء عمرًا كانت قد بدأت رحلتها للتو. هذا يمكن أن يكون دليلاً على أن النجوم تفقد الكثير من كتلتها في مرحلةٍ متأخرة من حياتها أكثر مما كنا نعتقد، وهو بحد ذاته اكتشافٌ مثير".

قبل تطور النجوم إلى الأقزام البيضاء بحوالي 100 مليون سنة، فإنها تنتفخ وتصبح نجوماً عملاقة حمراء. كان يعتقد كثيرٌ من علماء الفلك أن النجوم تفقد معظم كتلتها خلال هذه المرحلة. ومع ذلك، فإذا كانت هذه هي الحالة، فإن النجوم ستكون قد طُردت بالفعل من مركز العنقود في مرحلة العملاق الأحمر.

ويوضح عضو الفريق هارفي ريتشر Harvey Richer من جامعة كولومبيا البريطانية، كندا: "عمليات الرصد باستخدام تلسكوب هابل وجدت أقزاماً بيضاء بدأت للتو هجرتها إلى مدارات أوسع. هذا يكشف أن هجرة النجوم من المركز -والخسارة في كتلتها التي تسببت في ذلك أصلًا- تبدأ في وقتٍ لاحقٍ في حياة النجم، متأخرًا أكثر مما كان يُعتقد سابقًا. تفقد هذه الأقزام البيضاء كمية كبيرة من الكتلة قبل أن تصبح أقزامًا بيضاء وليس خلال مرحلة العملاق الأحمر السابقة ".

تظهر النتائج الجديدة أن النجوم تفقد في الحقيقة 40-50٪ من كتلتها قبل 10 ملايين سنة من احتراقها إلى أقزام بيضاء.

سوف تستمر دراسات العزل الكتلي للأقزام البيضاء، حيث يُعتبر عنقود (Tucanae 47) مكانً مثالياً للقيام بها بسبب قربه منا، وبسبب عدد النجوم الكبير في مركز العنقود والتي يمكن تحليلها من خلال الرؤية الواضحة لتلسكوب هابل.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات