أول نموذج طبوغرافي عالمي لعطارد

كشفت بعثة مسنجر MESSENGER التابعة لناسا عن أول نموذج عالمي لارتفاع رقمي (DEM) للمريخ، ويظهر هذا النموذج تفاصيل مذهلة للتضاريس الموجودة في كل أنحاء الكوكب كما أنه يمهد الطريق للعلماء ليقوموا بتوصيف كامل للتاريخ الجيولوجي لعطارد.


نموذج الطبوغرافية العالمي هو واحد من ثلاثة منتجات جديدة من نظام البيانات الكوكبي (PDS)، وهي منظمة تمولها ناسا ومهمتها هي أرشفة وتوزيع البيانات الكوكبية لبعثات ناسا لعامة الناس. ومع صدور هذه البيانات الخامسة عشر والأخيرة تكون بعثة MESSENGER قد شاركت ما هو أكثر من 10 تيرابايت من البيانات العلمية لكوكب عطارد، وتتضمن 300,000 صورة، وملايين الأطياف، والعديد من منتجات الخرائط، إضافة إلى العديد من الأدوات التفاعلية التي تسمح للناس باكتشاف هذه البيانات.


تقول سوزان إنسور Susan Ensor، وهي مهندسة برامج في مختبرات جامعة جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية APL في لوريال- ولاية ماريلاند: "لقد ازدادت هذه البيانات بعد تمديد بعثة MESSENGER من مدتها الأولية والتي تبلغ سنة واحدة، إلى مدة تتجاوز الأربع سنوات والتي مكنتنا وستمكننا من الوصول إلى اكتشافات علمية مثيرة عن عطارد في العقود القادمة". خلال السنوات التسع الماضية أدارت إنسور مركز العمليات العلمية لبعثة MESSENGER، وهو المركز الذي يشرف على جمع البيانات.


أول طبوغرافية عالمية للكوكب الأكثر قرباً من الشمس


يكمل هذا النموذج العالمي الجديد أحد المنتجات القديمة التي صدرت عن بعثة MESSENGER، الخريطة الطبوغرافية المستمدة من قياسات سابقة قام بها ليزر قياس ارتفاع عطارد (MLA). وقد تمكن MLA، بسبب المدار ذو الشذوذ المركزي الكبير للسفينة الفضائية، من القيام بالقياسات الأولية في النصف الشمالي والمنطقة شبه الاستوائية لعطارد، وبقيت تضاريس النصف الجنوبي غير معروفة حتى الآن.


رسم متحرك لنموذج الارتفاع الرقمي العالمي الجديد (DEM) تمت صناعته باستخدام صور بعثة MESSENGER . وقد تم تلوين سطح عطارد وفقاً لتضاريسه، حيث لُوّنت المناطق المرتفعة بالبني، والأصفر والأحمر بينما لُوّنت المناطق المنخفضة باللونين الأزرق والبنفسجي. 
مصدر الصورة: ناسا/ أميركا. المسح الجيولوجي/ جامعة ولاية أريزونا/ مؤسسة كارنغي Carnegie في واشنطن/ JHUAPL.


يكشف هذا النموذج الجديد عن مجموعة من الميزات الطبوغرافية المثيرة للاهتمام، كما هو مبين في الرسم أعلاه، بما في ذلك أعلى وأخفض نقاط الكوكب. إن أعلى ارتفاع على عطارد هو على مستوى 2.78 ميل (4.48 كم) فوق متوسط ارتفاع هذا الكوكب وتقع إلى جنوب خط استواء أقدم تضاريس عطارد.

 

وأخفض نقطة هي 3.34 ميل (5.38 كم) أقل من متوسط عطارد. والموجودة في قاع حوض رحمانينوف Rachmaninoff، وهو حوض ذو حلقة ثنائية يشتبه في أنه يحتوي على الرواسب البركانية الأخيرة على هذا الكوكب.


استُخدِمت أكثر من 100,000 صورة لخلق هذا النموذج الجديد. خلال المرحلة المدارية لبعثة MESSENGER تم الحصول على صور باستخدام نطاق كبير من عرض هندستها وظروف الإضاءة، والتي ساعدت لاحقاً على تحديد التضاريس على سطح عطارد.


الكشف عن ألوان السهول البركانية الشمالية في عطارد


توفر هذه الخريطة الجديدة نظرة غير مسبوقة إلى المنطقة قرب القطب الشمالي في عطارد تقول نانسي شابوت Nancy Chabot عضوة في APL وعالمة أدوات في نظام التصوير الثنائي لعطارد (MDIS): "كشفت بعثة MESSENGER مسبقاً أن نشاطاً بركانياً قديماً قد قام بدفن هذا الجزء من الكوكب تحت الكثير من الحمم البركانية على عمق يزيد عن ميل في بعض المناطق، وغطى مساحة واسعة تعادل 60% من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية".


بيد أنه ونظراً إلى وجود هذه المنطقة بالقرب من القطب الشمالي لعطارد فإن الشمس تبقى منخفضة في الأفق فتسقط ظلالاً طويلة مما يحجب خصائص لون الصخور. ونتيجة لذلك تقوم MDIS بالتقاط صور هذا الجزء من الكوكب بعناية حيث يتم تقليل الظلال عن طريق مرشحات ذات خمسة ألوان ضيقة النطاق. تظهر مناطق السهول البركانية الشمالية في عطارد بألوان صارخة، كما يظهر في الصورة أدناه.

 

تظهر السهول البركانية الشمالية في عطارد بألوان معدّلة لإظهار الألوان المختلفة للصخور على سطح الكوكب. في الجزء السفلي الأيمن من الصورة يظهر حوض مندلسون Mendelssohn الذي يبلغ قطره 181 ميل (291 كيلومتر)، والذي سمي تيمناً بالموسيقار الألماني، ويبدو فيها أنه قد كان مليئاً في السابق بالحمم البركانية. أما في الجزء السفلي الأيسر فتظهر تلال متعرجة تشكلت عندما بردت الحمم البركانية. ويمكن التعرف أيضاً على الحفر التي دفنتها الحمم البركانية في هذه المنطقة. بالقرب من أعلى الصورة، تظهر منطقة برتقالية زاهية وهي موقع فوهة البركان. مصدر الصورة: NASA/JHUAPL/Carnegie Institution of Washington
تظهر السهول البركانية الشمالية في عطارد بألوان معدّلة لإظهار الألوان المختلفة للصخور على سطح الكوكب. في الجزء السفلي الأيمن من الصورة يظهر حوض مندلسون Mendelssohn الذي يبلغ قطره 181 ميل (291 كيلومتر)، والذي سمي تيمناً بالموسيقار الألماني، ويبدو فيها أنه قد كان مليئاً في السابق بالحمم البركانية. أما في الجزء السفلي الأيسر فتظهر تلال متعرجة تشكلت عندما بردت الحمم البركانية. ويمكن التعرف أيضاً على الحفر التي دفنتها الحمم البركانية في هذه المنطقة. بالقرب من أعلى الصورة، تظهر منطقة برتقالية زاهية وهي موقع فوهة البركان. مصدر الصورة: NASA/JHUAPL/Carnegie Institution of Washington


تقول شابوت: "إن هذه الخريطة قد أصبحت من خرائط عطارد المفضلة لدي". ثم تضيف: "والآن بعد أن باتت متوفرة أنا متشوقة حتى يتم استخدامها لدراسة الحدث البركاني الذي تسبب في تكوين سطح عطارد".


إرث مسنجر


على الرغم من انتهاء العمليات المدارية لبعثة MESSENGER قبل حوالي سنة إلا أن البيانات التي صدرت اليوم هي من أهم معالم هذا المشروع. إن أرشفة مجموعة البيانات الواسعة التي صدرت عن MESSENGER في بيانات الكواكب الخاصة بناسا ستبقى إرثاً دائماً لهذه البعثة.


يقول الباحث الرئيسي في بعثة MESSENGER، و مدير مرصد الأرض لامونت دوهرتي بجامعة كولومبيا شون سولمن Sean Solomon: "لقد كشفت بعثة MESSENGER خلال ملاحظاتها المدارية التي دامت أربع سنوات عن الخضائص العالمية لواحد من أقرب الكواكب إلينا". ثم يضيف: "ويأمل علماء ومهندسو MESSENGER أن يستمر استخدام بيانات البعثة من قبل المجتمع العلمي للكواكب لسنوات قادمة، وليس فقط لدراسة الكوكب بل أيضاً لمعالجة مسائل أوسع تتعلق بتشكيل وتطور النظام الشمسي الداخلي بشكل عام".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات