بيانات مسنجر تقترح وجود هطلٍ شهابيٍ دوريٍ فوق عطارد

يبدو أن الكوكب الأقرب إلى الشمس يتعرض لهطلٍ دوري من الشُّهب، ومن المحتمل أنَّ هذا الهطلَ مُترافقٌ مع مذنبٍ يُسبب عدَّة أحداثٍ سنويًا على الأرض.


تُشير الأدلة إلى اكتشاف الهطل في عطارد في الهالة الرقيقة جداً، والمكوَّنة من الغاز المشكل للغلاف الجوي الخارجي (exosphere) لعُطارد، الذي تقوم بدراسته المركبة الفضائية مسنجر (MESSENGER) التابعة لوكالة الفضاء والطيران الوطنية – ناسا. واسم المركبة اختصارٌ للعبارة MErcury Surface, Space ENvironment, GEochemistry, and Ranging.


تقول روزميري كيلن (Rosemary Killen) عالمة الكواكب في مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا في غرينبلد، ميريلاند، وهي المؤلف الرئيسي للدراسة: "إن الاكتشاف المحتمل للهطل الشهابي فوق عطارد مثيرٌ جداً ومهم بشكلٍ خاص، لأن بيئة البلازما والغبار المحيطة بعطارد غير مستكشفة نسبيًا''.


يحصل هطل الشُهب عندما يَعبرُ الكوكبُ داخلَ شريطِ الحُطام الذي يُخلفه وراءَه مذنبٌ أو كويكبٌ ما. تَخضع الأجزاء الأصغر من الجليد والصخور والغبار لقوة الإشعاع الشمسي، الذي يدفعها بعيداً عن الشمس، ما يؤدي، في بعض الأحيان، إلى تشكُّلِ ذيلٍ مُذهلٍ للمذنب. تتجمَّع الكُتل الأكبر على شكل ذيل من الفتات على طول مدار المذنب، الأمر الذي يتسبب في تكوين حقلٍ من النيازك الصغيرة.


تَشهدُ الأرضُ عدَّةَ عملياتِ هطلٍ للشُهب كل عام، ومنها هطل البرشاويات التي تُشاهد في فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، الناجم عن مذنب سويفت-توتل (Swift–Tuttle)، وهطل التوأميات، وهو واحدٌ من الأحداثِ القليلةِ التي تترافق مع كويكب. خلَّف المذنب إنك (Encke) وراءه عدَّة حقول حطام في الجزء الداخلي من النظام الشمسي، ما أدى إلى هطلِ شُهبِ الثَّوريات في النصفين الشمالي والجنوبي، وهو الهطلُ الذي يصل إلى ذروته في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، في حين يصل هطلُ الثوريات بيتا إلى ذروته في حزيران/يونيو وتموز/يوليو.


السمة المميزة المقترحة لهطل الشُهب فوق عطارد هو وجود ذُرى منتظمة من الكالسيوم في الغلف الخارجي. وكشفت القياسات التي سجَّلها مطياف التركيب السطحي والغلاف الجوي لعطارد الموجود على متن مسنجر، عن وجود ذُرى موسمية من الكالسيوم حصلت بشكلٍ منتظم طوال الأعوام التسعة الأولى، من أعوام عطارد، منذ بدأت مسنجر بالدوران حول الكوكب في آذار/مارس 2011.


المشتبه به وراء هذه الارتفاعات في مستويات الكالسيوم هو هطلٌ مكون من جسيمات غبارية صغيرة تصدم الكوكب، وتطرق الجسيمات الحاملة للكالسيوم، ما يؤدي إلى تحرير الكالسيوم من السطح. تُعرف هذه العملية بالتبخر التصادمي (impact vaporization)، وتُجددُ بشكلٍ مستمر الغازَ الموجودَ في الغلاف الجوي الخارجي لعُطارد أثناء سقوط النيازك والغبار بين الكوكبي فوق الكوكب.
 

على أية حال، لا يُمكن عزو الغبار بين الكوكبي في الجزء الداخلي من النظام الشمسي عمومًا إلى الارتفاعات الدورية في الكالسيوم فقط. يستدعي هذا الأمر وجودَ مصدرٍ إضافيٍ للغبار، يمكن أن يكون، على سبيل المثال، حقلُ حطامٍ لمذنب. وتوضح عمليات التحليل الخاصة بحفنةٍ من المذنبات التي يُمكن أن تسمح مداراتُها لحطامِها بالتقاطع مع مدار عطارد أن المصدر المرجَّح لهذا الحدث فوق الكوكب هو المذنَّب إنك.


يقول جوزيف هان (Joseph Hahn) عالم ديناميك كواكب في مكتب علوم الفضاء في أوستن، تكساس وهو مؤلفٌ مشاركٌ في الدراسة: "إذا كان السيناريو الخاص بنا صحيحًا، فسيكون عطارد جامعًا عملاقًا للغبار. فالكوكب واقعٌ تحت حصارٍ ثابتٍ من الغبار بين الكوكبي، وبالتالي فهو يَعبُر بشكلٍ منتظمٍ هذه العاصفة الغبارية، التي نعتقد بأنها قادمةٌ من إنك".


وضع الباحثون عملياتِ نمذجةٍ (محاكاةٍ) حاسوبيةٍ تفصيليةٍ لاختبار فرضية دور المذنَّب إنك. إلا أن ارتفاعات الكالسيوم الموجودة في بيانات مسنجر مُزاحةٌ نوعًا ما عن النتائج المتوقعة. ويُحتمل أن يكون هذا الانزياح ناتجًا عن التغيرات الحاصلة في مدار المذنب مع مرور الزمن، جرَّاء السحب الثقالي القادم من المشتري والكواكب الأخرى.


يُضيف شون سولومون (Sean Solomon) الباحث الرئيسي في مهمة مسنجر من المرصد الأرضي لامونت-دورتي (Lamont-Doherty) في جامعة كولومبيا بنيويورك: "إن التغيرات الحاصلة في الكالسيوم الموجود في الغلاف الجوي الخارجي لعطارد أثناء تحركه على مداره هي أمر معروفٌ جيدًا منذ بضعة سنوات بالاعتماد على مراقبات مسنجر ، لكن الاقتراح بأن مصدر هذا التغير قادمٌ من هطلِ شُهبٍ مُترافق مع مُذنَّبٍ محددٍ، هو الأمر الجديد. يجب أن تُقدِّم هذه الدراسة أساسًا لعمليات البحثِ عن أدلةٍ أعمقَ على تأثير عمليات هطلِ الشُّهب على التآثر (تبادل التأثير) بين عطارد وبيئته الشمسية''.


 بقي أن نُشير إلى أن مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) ببناء المركبة الفضائية مسنجر وهو يقوم بتشغيلها حاليًا، ويُدير مهمة الاستكشاف والاكتشاف هذه لصالح ناسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات