مرحبا، أدعى ستيوارت روبينز Stuart Robbins، وأنا عالم أبحاث في المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث في بولدر بولاية كولورادو. قامت المركبة الفضائية نيو هورايزونز التابعة لوكالة ناسا بالمئات من الأرصاد المستقلة أثناء تحليقها بالقرب من نظام كوكب بلوتو خلال منتصف شهر يوليو/تموز. وتعمل المركبة في الوقت الحالي على إرسال العديد من الصور والبيانات التركيبية، حيث أنها أرسلت على مدى الشهريْن الماضييْن العشرات من الصور التي التقطتها أثناء تحليقها في منطقة نصف الكوكب، ويبلغ مستوى دقة تلك الصور 400 متر لكل بكسل. ومن شأن هذه العملية أن تمنح العلماء والجمهور على حد سواء فرصة إلقاء نظرة على مشاهدَ غير مسبوقة لهذا العالم الغامض.
استُخدمت هذه الصور في المقام الأول لوضع خرائط للفوهات الموجودة على امتداد سطح بلوتو وقمره الأكبر شارون وذلك بهدف معرفة عدد المذنبات الآتية من حزام كايبر Kuiper Belt والتي اصطدمت بكل من بلوتو وشارون. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع يشكل محور الأبحاث التي أجريها، إلا أنني مهتم أيضاً بمعرفة كيفية تصميم بعض الصور البصرية التي ستنقل بعضاً من الجمال النقي لتلك المعالم التي كشفت عنها مركبة نيو هورايزونز. وبأخذ هذا كله بعين الحسبان، تمكنت من تصميم عرضٍ للرسوم المتحركة هو عبارة عن تحليق فوق سطح بلوتو، وقد استخدمت في ذلك مجموعةً من الصور التي أرسلتها نيو هورايزونز في هذا الشهر.
ومنذ قيامي بتصميم فيلم التحليق فوق بلوتو ومن ثم إطلاقه ونشره في 28 أغسطس/آب، استخدمت مجموعة أخرى من الصور لإنتاج عرض للرسوم المتحركة يوضح لنا ما قد يبدو عليه الأمر عند الذهاب في رحلة جوية عبر الغلاف الجوي الرقيق لبلوتو، ومن ثم الارتفاع فوق سطح الأماكن التي اكتشفتها مركبة نيو هورايزونز مسبقاً.
تم جمع أحدث الصور (بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول) التي أرسلتها مركبة نيو هورايزونز وجعلها ضمن إطار واحد من أجل إنتاج فيلم التحليق هذا. وقد استخدمت لتصميمه الصور الملتقطة بواسطة المصور الاستكشافي طويل المدى LORRI، ويبدأ هذا الفيلم بمشهد من علو منخفض يظهر المنطقة التي تدعى بشكل غير رسمي: جبال نورغاي Norgay Montes. ثم ينتقل المشهد للتحليق باتجاه الشمال فوق الحدود الفاصلة بين منطقتي سبوتونيك بلانوم Sputnik Planum وسيثولو ريدجو Cthulhu Regio، ثم يدور المشهد لينحرف ببطء نحو جهة الشرق. وفي أثناء عرض فيلم الرسوم المتحركة هذا، سيزداد الارتفاع الذي يُرى منه المشاهد حتى يبلغ 10 أضعاف، وذلك بهدف إظهار ما يقرب من 80% من مساحة منطقة نصف الكوكب التي حلقت فوقها مركبة نيو هورايزونز بأقرب شكل ممكن بتاريخ 14 يوليو/تموز.
المصدر: NASA/JHUAPL/SwRI, Stuart Robbins
تم تصميم هذه الصورة المركبة المستخدمة في الفلم بعناية بالغة من قبل أعضاء فريق بعثة نيو هورايزونز، حيث استخدموا أحدث الصور التي أرسلتها المركبة من أجل تقديم صورة دقيقة بشكل مذهل لسطح بلوتو. ويبدأ هذا العرض بمشهد لقلب بلوتو الذي يدعى بشكل غير رسمي: تومبو ريدجو Tombaugh Regio، وتظهر أيضاً المنطقة المحيطة به مباشرة ضمن نطاق يبلغ 400 متر لكل بكسل. كما وتتضمن هذه الصورة المركبة صوراً أخرى لمنطقة نصف الكوكب التي حلقت فوقها مركبة نيو هورايزونز، ويبلغ مقياس دقة تلك الصور 800 بيكسل لكل متر وقد تم نشرها الأسبوع الماضي. أما بقية الصور في العرض فيبلغ مقياس دقتها 2.1 كم لكل بيكسل.
تبدأ جولتنا فوق منطقة جبال نورغاي على ارتفاع منخفض يبلغ 120 ميلاً (200 كم)، حيث نرى أن هذه الجبال المتعرجة ترتفع فوق السطح المحيط بها بحوالي 2 ميل (3 كم). ثم نكمل فنتوجه شمالاً نحو منطقتي سبوتونيك بلانوم "المنطقة الساطعة إلى اليسار" وسيثولو ريدجو "المنطقة المظلمة إلى جهة اليمين". وبالمقارنة بين المنطقتين نجد تناقضاً كبيراً بينهما، حيث أن سبوتونيك بلانوم تبدو ملساء ضمن نطاق هذه الصور، بينما تكون منطقة سيثولو ريدجو مليئة بالفوهات الناجمة عن اصطدام المذنبات، وهذا يفضي إلى نتيجة مفادها أن منطقة سيثولو ريدجو هي الأقدم من بين المنطقتين. ويمكننا كذلك ملاحظة أن الاختلاف في السطوع على سطح بلوتو يعد أكبر الاختلافات الطبيعية في السطوع، وهو يفوق بذلك أي جرم سماوي آخر موجود في النظام الشمسي.
ترتفع رؤية مشهد الفيلم بشكل مطرد لتصل إلى ارتفاع يبلغ 150 ميلاً (240 كم)ومن ثم تدور باتجاه الشرق. ومن هذه النقطة، ننحرف ببطء باتجاه الشرق فيكون القطب الشمالي لبلوتو إلى جهة اليسار، بينما تشغل منطقة تومبو ريدجو حيزاً كبيراً في منتصف المشهد (العرض)، كما نرى مناطق قديمة كثيرةَ الفوهات وذلك في تناقض صارخٍ مع الأنهار الجليدية الأصغر سناً الموجودة في المنطقة الواقعة إلى يسار قلب بلوتو، ألا وهي سبوتونيك بلانوم. وبينما لا نزال مستمرين في التحليق، سيرتفع مسارنا إلى أن يبلغ أكثر من 1500 ميل (2500 كم)، حيث نصل إلى المشهد الختامي الذي يُظهر معظم قرص بلوتو الذي شاهدته نيو هورايزونز أثناء تحليقها بتاريخ 14 يوليو/تموز.
نشأ مفهوم فيلم الرسوم المتحركة هذا من الرغبة في عرض أحدث الصور الواردة في الفترة الأخيرة من مركبة نيو هورايزونز، بالإضافة إلى إظهار العدد الهائل والمتنوع من التضاريس الموجودة على سطح بلوتو. وفي الواقع، لا أطيق الانتظار حتى نحصل على صور أخرى ذات دقة أفضل، أي ضمن نطاقٍ يصل إلى سبع مرات أكبر لكل بيكسل. وستُظهر هذه الصور مناطق مختارة من سطح بلوتو وذلك بهدف رؤية ما يخبؤه لنا بلوتو في جعبته من أسرار ومفاجآت جديدة.