التقطت هذه الصورة للطبقات الضبابية على حدود كوكب بلوتو بواسطة الأداة رالف (Ralph) وكاميرا التصوير المرئي متعددة الأطياف (Multispectral Visible Imaging Camera) أو اختصاراً (MVIC)، الموجودتان على متن المركبة الفضائية "نيو هورايزنز" New Horizons. بإمكاننا رؤية ما يقارب 20 طبقة ضبابية، وهي تمتد أفقياً لمئات الكيلومترات، لكنها ليست بمحاذاة سطح بلوتو بشكل دقيق.
على سبيل المثال، لاحظ العلماء طبقة ضبابية تمتد لثلاثة أميال (5 كم) تقريباً فوق السطح (المنطقة السفلى جهة اليسار)، والتي تنحدر إلى السطح جهة اليمين.
Credits: NASA/JHUAPL/SwRI/Gladstone et al./Science 2016
قبل عامٍ مضى، كان بلوتو مجرد بقعة مضيئة في أعين كاميرات المركبة الفضائية نيو هورايزنز، لا يختلف كثيراً عن ظهوره في التلسكوبات الأخرى منذ اكتشاف كلايد تومبو Clyde Tombaugh للكوكب التاسع في عام 1930.
لكن في هذا الأسبوع في مجلة العلوم journal Science، نشر علماء نيو هورايزنز أول مجموعة شاملة من الأوراق تصف نتائج تحليق نيو هورايزنز حول بلوتو، قال آلان ستيرن Alan Stern، الباحث الرئيسي لنيو هورايزنز في معهد أبحاث الجنوب الغربي، أو اختصاراً (SwRI)، مدينة بولدر - ولاية كولورادو: "هذه خمس ورقات مفصلة تماماً تعكس رؤيتنا عن بلوتو -الكشف عن الكوكب الفلكي سابقاً- ليكون عالماً حقيقياً مفعماً بالتنوع والنشاط الجيولوجي، والكيمياء السطحية الغريبة، والغلاف الجوي المعقد، والتفاعلات الغامضة مع الشمس والنظام الغريب للأقمار الصغيرة".

منذ تسع سنواتٍ ونصف من إطلاق أسرع وأبعد مركبة فضائية وقطعها رحلة ثلاثة مليارات ميل، تصل نيو هورايزنز إلى هدفها الرئيسي (كوكب بلوتو) في 14 يوليو/ تموز عام 2015، وقد جمعت بأدواتها العلمية السبعة نحو 50 غيغابايت من البيانات المخزنة بالمسجلات الرقمية الموجودة على متن المركبة الفضائية، وجمعت معظم تلك البيانات خلال تسعة أيام من العمل المتواصل منذ أول لقاء لها بالهدف.
كشفت أولى الصور المقربة عن منطقة كبيرة على شكل قلب منحوت على سطح كوكب بلوتو، وقال العلماء إن هذا النوع "جديد" في العالم الكوكبي -أكبر وألمع وأول استكشاف في المنطقة الغامضة (المنطقة الثالثة) من نظامنا الشمسي والمعروفة باسم حزام كايبر Kuiper Belt- سيكون أكثر غموضاً وإثارة للاهتمام عن النماذج المتوقعة.
للإطلاع على الأوراق العلمية المنشورة حديثاً، يرجى زيارة الرابط
قال جيف مور Jeff Moore، المؤلف الرئيسي للورقة الجيولوجية من مركز أبحاث أميس التابع لناسا، موفيت فيلد - ولاية كاليفورنيا: "مراقبة بلوتو وشارون عن قرب، تجعلنا نعيد النظر والتفكير كلياً في أي نوع من النشاط الجيولوجي الذي يمكن أن يستمر على تلك الكواكب المنعزلة في هذه المنطقة البعيدة من النظام الشمسي، وكان يُعتقد أن العوالم السابقة بقيت على حالها دون أي تغيير يذكر منذ تكوّن حزام كايبر".
يقول العلماء القائمون على دراسة بنية وتركيب بلوتو، إن تنوع مظهر بلوتو الطبيعي ناتج عن تدهور التفاعل بين الميثان المتنقل وعالي التطاير والنيتروجين وأول أكسيد الكربون الجليدي مع الماء الجليدي الصلب والخامد.
قال ويل جراندي Will Grundy من مرصد لويل Lowell Observatory، مدينة فلاغستاف - ولاية أريزونا، والمؤلف الرئيسي لورقة البنية: "نحن نرى العديد من الاختلافات في توزيع جليد بلوتو المتطاير التي تشير إلى دورات رائعة من عمليات التبخر والتكاثف"، وأضاف قائلاً: "هذه الدورات أكثر غنى بكثير من التي تحدث على الأرض، حيث يتواجد هناك مادة واحدة فقط تتكاثف وتتبخر (الماء)، هناك على بلوتو، ثلاث مواد على الأقل تتفاعل بطرقٍ لا نفهمها تماماً حتى الآن، ونحن نرى آثارها حتماً في جميع أنحاء سطح بلوتو".

اكتشف العلماء فوق سطح بلوتو غلافه الجوي بطبقاته الضبابية، ووجدوا أنه أكثر برودةً وإحكاماً مما كان متوقعاً، وكان لذلك دوراً في كيفية فقدان بلوتو لغلافه الجوي العلوي إلى الفضاء، وكيفية تفاعله مع تيار الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس، والمعروفة باسم الرياح الشمسية solar wind، قال فران باجينال Fran Bagenal من جامعة كولورادو - مدينة بولدر، والمؤلف الرئيسي لورقة الجسيمات والبلازما: "لقد اكتشفنا أن تقديرات فقدان بلوتو الكثير من مواد غلافه الجوي قبل نيو هورايزنز كان مبالغاً فيها"، وأضاف قائلاً: "كان يُعتقد أن الغلاف الجوي يهرب مثل المذنب، ولكن في الواقع، المعدل أكثر من ذلك بقليل، كما هو الحال مع الغلاف الجوي لكوكب الأرض".
راندي جلادستون Randy Gladstone بمعهد أبحاث الجنوب الغربي (SwRI)، من سان أنطونيو، هو المؤلف الرئيسي للورقة العلمية الخاصة بنتائج الغلاف الجوي، أضاف قائلاً: "أيضاً، اكتشفنا أن غاز الميثان، وليس النيتروجين، هو غاز الهروب الأساسي لبلوتو، إنه أمرٌ غريبٌ جداً، حيث يصل معدل النيتروجين بالقرب من سطح بلوتو في غلافه الجوي إلى أكثر من 99% ".
قام العلماء أيضاً بتحليل أولى الصور التي حصلوا عليها من مسافة الاقتراب الأولى لأقمار بلوتو الصغيرة وهي "ستيكس" Styx، و"نيكس" Nix، و"كيربيروس" Kerberos، و"هيدرا" Hydra، المكتشفة بين عامي 2005 و 2012، وتتراوح أقطار الأقمار الأربعة من 25 ميلاً (40 كم) لكل من نيكس وهيدرا، إلى 6 أميال (10 كم) لكل من ستيكس وكيربيروس، لاحظ علماء المهمة كذلك أن لدى الأقمار الصناعية الصغيرة معدلات شاذة للغاية في الدوران واتجاهات قطبية غير عادية وغير منتظمة، بالإضافة إلى ذلك، تختلف الأسطح الجليدية بلمعانها وألوانها عن تلك الموجودة على بلوتو وشارون.
لقد وجدنا دليلاً على أن بعض الأقمار تشكلت بفعل اندماج الأجسام الصغيرة، وتصل أعمار أسطح تلك الأقمار إلى 4 مليارات سنة على الأقل، وقال هال ويفر Hal Weaver، عالم المشروع نيو هورايزنز من مختبر الفيزياء التطبيقية، جامعة جونز هوبكنز في لوريل - ولاية ماريلاند، والمؤلف الرئيسي للورقة العلمية عن أقمار بلوتو الصغيرة: "تعزز النتائج الأخيرة الفرضية القائلة بأن الأقمار الصغيرة تشكلت في أعقاب الاصطدام الذي أخرج نظام بلوتو وشارون الثنائي".
ما يقرب من نصف بيانات نيو هورايزنز وصلت إلى الأرض -من مسافاتٍ حيث تحتاج الإشارات الراديوية وبسرعة الضوء نحو خمس ساعات للوصول إلى الأرض- ومع ذلك من المتوقع أن تصل البيانات المتبقية بحلول نهاية عام 2016.
قال كورت نيبور Curt Niebur، عالم برنامج نيو هورايزنز في مقر ناسا بواشنطن: "لهذا السبب نحن نستكشف"، وأضاف قائلاً: "اكتشافات نيو هورايزنز العديدة هي الأفضل للبشرية ومصدر إلهامنا لمواصلة رحلة استكشاف النظام الشمس وما وراءه".