نتائجُ جديدة تعزز فهمنا لبلوتو وأقماره

هذه الصورة عالية الدقة لسطح بلوتو تمسح عبر السهول الممتلئة بالفوهات في الجزء الموجود إلى الغرب من نصف الكوكب الذي قابلته نيو هورايزنز، وعلى مدى العديد من الصدوع البارزة، حيث تمر بخفة على الحافة الشرقية للمنطقة المظلمة الوعرة، والمسماة بشكل غير رسمي منطقة كثولو Cthulhu Regio، ومارة في النهاية فوق الجبل المشهور بجبل رايت Wright Mons الغامض، والذي ربما كان ذا خصائص بركانية جليدية، وذلك قبل أن تصل إلى خط النهاية، أو خط الليل-النهار. من بين التفاصيل البارزة الكثيرة هنا، هي العلاقات المتداخلة والمالئة للمساحة والموجودة ما بين بعض الوحدات من الجليد المتطاير اللامع والأملس نسبياً، والذي يأتي من سهل سبوتنيك (على حافة الصورة الفسيفسائية) وبين الحافة المظلمة أو "ساحل" كثولو. أُخذت الصور في هذه الصورة الفسيفسائية بواسطة المصور الاستقصائي واسع المجال (LORRI) في وضع "التجوال مع"، وذلك مع مطياف LEISA، والذي يعمل بنمط "زيغ زاغ" أو نمط الدرجات. أُخذت هذه الصورة بعد وقت قصير من الاقتراب الأدنى لنيو هورايزنز من بلوتو في 14 يوليو/تموز، يمكن رؤية التفاصيل حتى 500 ياردة (500 متر).

حقوق الصورة: ناسا/مختبر الفيزياء التطبيقية/معد الأبحاث الجنوبي الغربي.


خمسة شهور مضت على مرور مركبة ناسا "نيو هورايزنز" قرب بلوتو لتأخذ الصور الأولى والقياسات الأولى لهذا العالم المتجمد ومنظومة الأقمار التابعة له، إلا أن معرفتنا حول هذا النظام البعيد لا تزال مستمرة النمو.

 

نحن الآن بعيدون جداً عن منتصف الطريق في عملية نقل المعلومات عن نظام بلوتو للأرض، ولكن تنوعاً واسعاً من النتائج العلمية بدأت بالظهور لتوها"- آلان ستيرن، الباحث الرئيسي في نيو هورايزنز 

سيقوم فريق من أعضاء الفريق العلمي لنيو هورايزنز بإبراز النتائج النهائية من مرور المركبة قرب بلوتو، وذلك هذا الأسبوع في لقاء الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي في سان فرانسيسكو. ومن بين هذه المعلومات المهمة سيتم عرض بصائر جديدة حول الطبيعة الجيولوجية لبلوتو وتكوينه، وكذلك تفاصيل جديدة حول الضباب الخفيف الموجود في الغلاف الجوي الخاص ببلوتو، وتفاعله مع الرياح الشمسية.

يقول آلان ستيرن Alan Stern الباحث الرئيسي في نيو هورايزنز من معهد الأبحاث الجنوبي الغربي في بولدر، كولورادو: "نحن الآن بعيدون جداً عن منتصف الطريق في عملية نقل المعلومات عن نظام بلوتو للأرض، ولكن تنوعاً واسعاً من النتائج العلمية بدأت بالظهور لتوها".

وجد الباحثون أدلة جيولوجية لماضٍ ممتد وحاضر موجود من النشاطات الجليدية، والتي تشتمل على تكوين شبكات من الأودية المتآكلة، وبعض هذه الأودية يشكل "أودية معلقة"، وهي أشبه ما تكون بمتنزه يلوستون الوطني في وايومنغ. يقول آلان هوارد Alan Howard من جامعة فيرجينيا، تشارلوتسفيل: "لقد فاق بلوتو توقعاتنا في الاختلاف الموجود في خصائصه الجيولوجية وفي عملياته التي تستمر حتى وقتنا الحاضر"، آلان هوارد هو أحد المتعاونين العلميين مع فريق الجيولوجيا، والفيزياء الجيولوجية، والتصوير التابع لنيو هورايزنز.

أحد المفاتيح الرئيسية لفهم النشاط القائم على بلوتو هو دور الطبقة العميقة من النيتروجين الصلب وأنواع الجليد المتطايرة الأخرى، والتي تملأ الجانب الأيسر من "قلب" بلوتو، وهو حوض واسع بعرض 620 ميلًا (1000 كم)، واسمه غير الرسمي هو "حوض سبوتنيك بلانوم" Sputnik Planum. تفسر النماذج الرقمية الجديدة للحمل الحراري الموجود في الطبقة الجليدية الملامح الجليدية متعددة الضلوع والمرئية على سطح سهل سبوتنيك، ليس هذا فحسب، بل إن هذه النماذج أيضاً تشير إلى أن هذه الطبقة قد تكون ذات سماكة تصل لبضعة أميال. يقود تبخر هذا النيتروجين وتكاثفه على التضاريس المحيطة به والأعلى ارتفاعاً إلى تدفق جليدي رجوعاً باتجاه الحوض، كما أن نماذج رقمية أخرى لتدفق جليد النيتروجين تظهر كيف تم تشكيل المناظر الطبيعية لبلوتو وكيف يستمر تشكلها حتى الآن.

"لقد فاق بلوتو توقعاتنا في الاختلاف الموجود في خصائصه الجيولوجية وفي عملياته التي تستمر حتى وقتنا الحاضر" - آلان هوارد من جامعة فيرجينيا، تشارلوتسفيل

في الأشهر القليلة الماضية، أعادت نيو هورايزنز كمية وافرة من البيانات الملونة والملتقطة عند زاوية الطور phase-angle، والتي ترتبط بالضباب الاستثنائي الموجود في الغلاف الجوي المحيط ببلوتو، والذي يرتفع لمئات الأميال أو الكيلومترات فوق السطح. إضافة لتقييم خصائصه البصرية، يقوم الفريق العلمي بفحص العديد من الأسئلة المهمة حول الضباب الكثير المحيط ببلوتو: أين منشؤه؟ ولماذا يتشكل في طبقات؟ ولماذا يختلف من حيث امتدادُه المكاني حول بلوتو؟.

يقول آندي تشينغ Andy Cheng، وهو الباحث المشارك في نيو هورايزنز من مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكنز، في لاوريل ماريلاند: "هذا الضباب أكثرُ تعقيداً مما ظننّا، شأنه في ذلك شأن كل الأشياء تقريباً على بلوتو. ولكن بحصولنا على البيانات الممتازة لنيو هورايزنز، نتوقع أن نمتلك قريباً فهماً أفضل بكثير".

كما وجدت نيو هورايزنز حدوداً جديدة أكثر كثافة للغلاف الجوي على القمر الأكبر لبلوتو، شارون. علاوة على ذلك، فإن العلماء الذين يدرسون عمليات الرصد الجارية في نطاق الأشعة تحت الحمراء لشارون باستخدام أداة LEISA الموجودة على متن نيو هورايزنز يرسلون تقارير حول دليل على أن امتصاص الأمونيا (NH3) يحدث على مستوىً منخفض على امتداد جزء كبير من سطح شارون، ولا يقتصر الأمر فقط على التراكيز المحلية العالية التي اكتشفت مسبقاً في بعض المناطق. إحدى هذه المناطق، والتي تسمى بشكل غير رسمي فوهة أورغانا، لوحظ عليها مسبقاً أنها غنية بالأمونيا. ومع ذلك، فإنه ليس من الواضح بعد ما الذي يتحكم بتوزيع الأمونيا في شارون، ولا إن كان مصدرها هو جوف شارون أو أنها من مصدر خارجي.

كما يعرض علماء نيو هورايزنز نتائج حول كيفية تفاعل بلوتو وأقماره مع الرياح الشمسية، وهي عبارة عن مجرى مستمر من الجسيمات والبلازما التي تتدفق من الشمس، وتبقى تسير بسرعة 900,000 ميل في الساعة (1.4 مليون كيلومتر في الساعة) عندما تصل بلوتو. كما يوفر غلاف بلوتو الجويُّ المتدفقُ للخارج مصدراً من الذرات المتعادلة التي يمكنها أن تتبادل الإلكترونات مع الذرات المشحونة بشحنة موجبة، من الأوكسيجين (O)، والكربون (C)، والنيتروجين (N). كما ساهمت الأرصاد التي تمت خلال الاقتراب الأدنى من بلوتو، والتي قام بها مرصد شاندرا للأشعة السينية والموجود في مدار حول الأرض، في زيادة فهم العلماء للعمليات الجارية على بلوتو. كما قام أعضاء الفريق بالبحث عن انبعاثات سينية الأشعة قريباً من بلوتو لتساعدهم على تحديد معدل فقدان غلاف بلوتو الجوي في الفضاء، بطريقة مشابهة جداً لاستخدام الأشعة السينية لتوصيف تدفق المواد من المذنبات.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات