من أين يتم إعادة إمداد بلوتو بالنيتروجين؟

ما الذي يؤمّن النتروجين لكوكب بلوتو على الرغم من ارتشاح الغلاف الجوي وتدفق الأنهار الجليدية المكونة من النتروجين؟

مرحباً، أُدعى كيلسي سينغر Kelsi Singer، أنا باحثةٌ في بحوث ما بعد الدكتوراة في المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث Southwest Research Institute، كما أعمل في بعثة نيو هورايزنز التابعة لوكالة ناسا NASA’s New Horizons mission، بالإضافة إلى كوني مختصةٌ في الجيولوجيا والجيوفيزياء. أحد أهم المجالات التي أنا خبيرةٌ بها هو الحفر الاصطدامية impact cratering. قد يبدو هذا الموضوع للوهلة الأولى غير ذي صلةٍ بـالغلاف الجوي لكوكب بلوتو أو النتروجين بدرجةٍ أولى، ولكن دعوني أحدثكم عن دراسةٍ أجريتها بمساعدة الباحث الرئيسي في بعثة نيو هورايزنز آلان ستيرن Alan Stern، ونُشرت كبحثٍ تنبؤي أو مُفترض قبل تحليق مركبات البعثة فوق بلوتو.

في هذه الصورة التي التقطتها بعثة نيوهورايزنز التابعة لوكالة ناسا، نرى في الخلفية شعاع الشمس كما نرى الغلاف الجوي  محاطاً بصور مظلية وهو يضيء كهالة مضيئة. المصدر: NASA/JHUAPL/SwRI
في هذه الصورة التي التقطتها بعثة نيوهورايزنز التابعة لوكالة ناسا، نرى في الخلفية شعاع الشمس كما نرى الغلاف الجوي محاطاً بصور مظلية وهو يضيء كهالة مضيئة. المصدر: NASA/JHUAPL/SwRI


لقد أرسلت بعثة نيوهورايزنز عدداً من الصور المذهلة لكلٍ من السطح الخارجي لبلوتو، وغلافه الجوي. يشبه الغلاف الجوي لبلوتو غلاف الأرض، وذلك من ناحية أنه يتكون في الغالب من النتروجين (nitrogen) أو اختصاراً N. ولكن الفرق بينهما أن النتروجين موجود في الغلاف الجوي لبلوتو بنسبة 98%، بينما يوجد في غلاف الأرض بنسبة 78%. كما يعتبر الغلاف الجوي لبلوتو أرق من غلاف الأرض مع معدل ضغطٍ على السطح أخفض بـ 10 آلاف مرة.

يتدفق النتروجين الموجود في الغلاف الجوي لبلوتو (وهو موجود على شكل غاز النتروجين الجزيئي N2) بعيداً ومرتشحاً من الكوكب بمعدل يبلغ مئات الأطنان في الساعة. كما تُظهر صور عالية الدقة التقطتها بعثة نيوهورايزنز ما يشبه تدفق الجليد على سطح كوكب بلوتو. سيكون الماء الجليدي (H2O) الشبيه بالموجود عندنا في الأرض، جامداً وصلباً في درجات حرارة كوكب بلوتو، أما الجليد المكون من غاز النتروجين الجزيئي فسيتدفق على شكل أنهار جليدية. 

 

إذاً يبقى السؤال، من أين تأتي كل هذه الكمية من النتروجين؟


كيلسي سينغر باحثة في المعهد الجنوبي الغربي المصدر: ناسا
كيلسي سينغر باحثة في المعهد الجنوبي الغربي المصدر: ناسا

أحد الاحتمالات التي تفحصناها ودققنا بها هو قيام حطام المذنبات التي تصطدم ببلوتو بتأمين هذه المادة الضرورية. لذا قمنا بدراسة عدة طرق مختلفة يمكن فيها لحطام المذنبات أن يؤمّن وينقل النتروجين إلى سطح وغلاف بلوتو بشكلٍ يسد النقص الحاصل نتيجة ارتشاح النتروجين.

 

 
أولاً: هل من الممكن أن يؤمّن اصطدام المذنبات بشكل مباشر مع بلوتو النتروجين الكافي لكل من سطحه وغلافه الجوي؟

ثانياً: هل يمكن لهذه المذنبات أن تحفر أو تستخرج كميةً كافيةً من N2 من الطبقات القريبة من السطح على بلوتو عن طريق تشكيل حفر كبيرة؟.


الإجابة المختصرة عن هذه التساؤلات هي أنه -على ما يبدو- ليس باستطاعة آثار الحطام هذه أن تؤمّن النتروجين الكافي. 


لقد أشرنا في دراستنا المقترحة إلى أن السبب الأكثر ترجيحاً ليكون مسؤولاً عن إمداد بلوتو بالنتروجين هو الحرارة والنشاط الجيولوجي اللذان يحصلان في بلوتو نفسه. حيث يمكن لهذا النشاط أن يقوم بمعالجة واستخراج النتروجين من داخل الصخور الموجودة في بلوتو، ومن ثم إطلاقه إلى السطح الخارجي. وعلى الرغم من أننا لا نمتلك إلا جزءاً يسيراً من البيانات التي جمعتها بعثة نيوهورايزنز، إلا أنها تُظهر حقيقة وجود مناطقَ حديثة التشكل على سطح بلوتو، مما يلمح إلى حدوث نشاطٍ جيولوجي حديثٍ نسبياً. 

تدفق جليدي من النتروجين
تدفق جليدي من النتروجين

إذا فلتبقوا على اطلاع دائم، حيث سنحصل في الشهور القادمة على مزيد من البيانات المستقاة من مركبات بعثة نيوهورايزنز، والتي ستعزز وتدعم الاستنتاجات التي توصلنا إليها حول ارتشاح الغلاف الجوي لبلوتو. كما أنها ستقدم لنا مزيداً من الصور لبلوتو وسطحه حتى نتمكن من تقييم أنواع وتوقيت النشاط الجيولوجي الحاصل فيه.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات