كيف يتفاعل


حصل العلماء على هذا المنظر الشامل لبلوتو من خلال الجمع بين أربع صور التقطها جهاز التصوير الاستطلاعي بعيد المدى (LORRI) وبين بيانات ملونة التقطتها أداة رالف (Ralph) الموجودة على متن مركبة نيوهورايزنز. التقطت جميع هذه الصور عندما كانت المركبة على بعد مسافة من بلوتو تقدر بنحو 280 ألف ميل (450 ألف كم)، حيث تظهر معالم صغيرة جدا بأطوال تصل إلى 1،4 ميل (2،2 كم). 

المصدر: NASA/JHUAPL/SwRI


اكتشف الباحثون أن بلوتو هو أشبه بالكواكب (مثل المريخ أو الزهرة) منه إلى المذنبات بطريقة تفاعله مع الرياح الشمسية، والتي هي عبارة عن تيار مستمر من الجسيمات المشحونة المنبعثة من الشمس.

حيث توصل العلماء إلى هذه النتيجة عبر عملية التحليل الأولى لبيانات أرصاد بعثة "نيوهورايزنز"، والتي كان محورها الرئيسي هو كيفية تفاعل بلوتو مع الرياح الشمسية. نشر الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي (AGU) هذه النتائج في مجلة Geophysical Research – Space Physics

عملت أداة رصد الرياح الشمسية حول بلوتو (SWAP) على جمع البيانات أثناء تحليق المركبة نيوهورايزنز بالقرب من بلوتو في شهر يوليو/ تموز من سنة 2015. وقد تمكن العلماء باستخدام تلك البيانات من رصد المواد القادمة من الغلاف الجوي لبلوتو، ودراسة كيفية تفاعلها مع الرياح الشمسية مما ساهم في كشف النقاب عن مفاجأة جديدة حول هذا العالم المدهش. 

وفي هذا الصدد، يقول دايفيد .ج. ماكوماس David J. McComas، وهو المؤلف الرئيسي في الدراسة: "لم نشهد مثل هذا النوع من التفاعل في أي مكان داخل نظامنا الشمسي من قبل. في الواقع، إنها نتائج مدهشة للغاية". ومن الجدير ذكره هنا هو أن ماكوماس أستاذ في علوم الفيزياء الفلكية في جامعة برينستون ونائب رئيس مختبر برينستون لفيزياء البلازما. وهو يقود عمليات الرصد التي تجريها أداة (SWAP) الموجودة على متن نيوهورايزنز، كما عمل أثناء وجوده في معهد البحث الجنوبي الغربي (SwRI) للأبحاث على تطوير تلك الأداة. 

يقول علماء الفيزياء المختصون بدراسات الفضاء بأنهم يمتلكون الآن كنزاً دفيناً من المعلومات حول تفاعل الغلاف الجوي لبلوتو مع الرياح الشمسية. حيث أن الرياح الشمسية عبارة عن البلازما التي تنبعث من الشمس وتنتقل عبر النظام الشمسي بسرعة تفوق سرعة الصوت تبلغ نحو 100 مليون ميل في الساعة (160 مليون كم في الساعة). تتحرك تلك الرياح على شكل سحابة تتكون في الغالب من الفوتونات والإلكترونات، تنهمر على الكواكب والكويكبات والمذنبات والفضاء الموجود بين الكواكب.

اعتقد الباحثون سابقا أن خصائص بلوتو تجعله شبيها جدا بالمذنبات من ناحية امتلاكه منطقة كبيرة من الرياح الشمسية ذات الحركة المتباطئة، وذلك على نقيض ما تواجهه كواكب مثل المريخ أو الزهرة من رياح شمسية ذات ميلان شديد للغاية. وبالتالي نظرا لوجود هاتين الظاهرتين في بلوتو فهو أشبه إذن بالسيارة الهجينة التي تعمل على الغاز والكهرباء. 

ما يزال بلوتو لغزا محيرا للعلماء. يقول آلان سترن Alan Stern، وهو الباحث الرئيسي في بعثة نيوهورايزنز: "تمنحنا نتائج الدراسة إشارات جديدة على التأثير الكبير لعمليات الاستكشاف الفضائي. فمرة أخرى، ذهبنا إلى مكان جديد في الكون واكتشفنا معالم جديدة تقدمها لنا الطبيعة" .

يعد بلوتو أصغر وأبعد الكواكب الموجودة في النظام الشمسي، إذ يبعد عن الشمس نحو 3،7 مليار ميل (4،8 مليار كم). وبناء على هذا، يعتقد العلماء أن جاذبية بلوتو ليست قوية بما يكفي للحفاظ على الأيونات الثقيلة في غلافه الممتد، ولكن ماكموس يخالف ذلك فيقول: "جاذبية بلوتو قوية بما فيه الكفاية للحفاظ على المواد محجوزة في غلافه الجوي". 

استطاع الباحثون بفضل أداة SWAP من فصل الأيونات الثقيلة للميثان، وهو الغاز الرئيسي الذي يهرب من الغلاف الجوي لبلوتو، عن أيونات الهيدروجين الخفيفة الآتية من الشمس. 

ومن بين النتائج الإضافية التي توصل إليها العلماء:

  • يعد بلوتو شبيها بالأرض من ناحية وجود ذيل طويل من الأيونات يمتد باتجاه تلك الرياح إلى مسافة تبلغ نحو 100 ضعف نصف قطره (73،800ميل/118،700 كم، أي تقريبا ثلاثة أضعاف محيط الأرض). يكون هذا الذيل محملا بالأيونات الثقيلة القادمة من الغلاف الجوي وبكميات مُعتبرة.
  • وجد العلماء أن بلوتو يعيق حركة الرياح الشمسية المعاكسة للكوكب بشكل أقل مما اعتقدوه سابقا، إذ يتم اعتراض حركة تلك الرياح لمسافة تبلغ نحو بضعة أنصاف القطر الكوكبي (1،844 ميل/3000 كم، أي تقريبا المسافة الفاصلة بين مدينتي شيكاغو ولوس أنجلوس). 
  • يمتلك بلوتو حدا خارجيا رقيقا مكونا من ذيل الأيونات الثقيلة ومن الرياح الشمسية التي تعرضت للصد، وهو ما يمثل عائقا أمام تدفق تلك الرياح. 


تقول هيذر إليوت Heather Elliott، وهي مؤلفة مشاركة في الورقة العلمية وعالمة في معهد البحوث الجنوبي الغربي: "إن المقارنة بين تفاعل بلوتو مع الرياح الشمسية وبين تفاعل بقية الأجرام معها هو أمر مثير للغاية، وذلك نظرا لاختلاف الظروف الفيزيائية لكل واحد منها، وبالتالي اختلاف العمليات الفيزيائية المعتمدة على تلك الظروف". 

يقول ماكوماس بأن نتائج الدراسة تمنحنا دلائل حول طبيعة البلازما الممغنطة التي يمكن أن نجدها في النجوم الأخرى، "يمكن القول أن تفاعل الأجرام مع الرياح الشمسية متنوع للغاية، وبالتالي فإن المقارنة بين أنواع التفاعلات المختلفة ستساعدنا في الوصول إلى فهم أفضل للروابط الموجودة في نظامنا الشمسي وما وراءه". 

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات