أول نظام حلقي حول كويكب

اكتشاف امتلاك شاريكلو (Chariklo) لحلقات 


تُعتبر حلقات كوكب زحل واحدة من أكثر المشاهد إذهالاً في السماء، وقد اُكتشفت حلقات أقل بروزاً حول كواكب عملاقة أخرى. وبصرف النظر عن عمليات البحث الحذرة، لم يتم إيجاد أي حلقات حول الأجسام الأصغر التي تدور حول الشمس في النظام الشمسي. أثبتت الدراسات والمراقبات الحالية التي تجري على الكوكب الصغير والبعيد  شاريكلو (انظر 1)، أو 10199 Chariklo (انظر 2)، أثناء عبوره أمام نجم، أن هذا الجسم محاط بحلقتين رقيقتين.


يقول فيليب براغا-ريباس (Felipe Braga-Ribas)، من المرصد الوطني MCTI في ريودي جانيورو-البرازيل، وهو من خطط لحملة الرصد بالإضافة إلى كونه المؤلف الرئيسي للورقة الجديدة: "لم نكن نبحث عن حلقة ولم نعتقد أنّ الأجسام الصغيرة مثل تلك تمتلك حلقات، لذلك كان الاكتشاف –والكمية المذهلة من المعلومات التي حصلنا عليها –مفاجئاً تماما!" 


شاريكلو أكبر الأعضاء ضمن صنفٍ من الأجسام يُعرف بالقنطوريات (انظر 3)، وتدور هذه الأجسام بين زحل وأورانوس داخل الجزء الخارجي من النظام الشمسي. وأوضحت التنبؤات أن هذا الجسم سيمر أمام النجم UCAC4 248-108672 بتاريخ 3 يونيو/حزيران عام 2013 عند رصده في أمريكا الجنوبية (انظر 4). تمكن علماء الفلك باستخدام سبعة تلسكوبات موجودة في مواقع مختلفة، بما فيها التلسكوب الدنماركي ذو الفتحة 1.51-متر وتلسكوب TRAPPIST الموجودين في مرصد لاسيلا التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي، من مشاهدة اختفاء ضوء النجم لبضع ثوانٍ جراء حجب الضوء الناتج عنه من قبل شاريكلو – حالة كسوف (انظر 6).


لكن وجد علماء الفلك أيضاً ما يفوق توقعاتهم بكثير. فقبل بضع ثواني وبعد بضع ثواني من الكسوف الرئيسي، كان هناك انخفاضين قصيرين جداً في اللمعان الظاهري للنجم (انظر 7). ويوجد شيء ما ما حول شاريكلو يقوم بحجب الضوء!

ومن خلال مقارنة ما تمت مشاهدته من المواقع السبع المختلفة، لم يتمكن الفريق من إعادة بناء شكل وحجم الجسم فقط، وإنما من تحديد شكل، وعرض واتجاه الحلقات المكتشفة حديثاً بالإضافة إلى معرفة خواصها الأخرى.


وجد الفريق أن هذا النظام يتألف من حلقتين متقوقعتين وحادتين، ولهما عرض يبلغ 7 و 3 كيلومترات فقط ويفصل بينهما فجوة واضحة تبلغ من العرض 9 كيلومترات، وكل ذلك حول جسم صغير له قطر يبلغ 250 كيلومتر ويدور خلف زحل.

يقول أوف أغروي يورغنسون (Uffe Gråe Jørgensen)، من معهد نلز بور في جامعة كوبنهاغن-الدنمارك: "بالنسبة لي، من المذهل أن ندرك أننا لسنا قادرين على كشف نظام حلقي فقط، وإنما على تحديد أنّه يتألف من حلقتين متمايزتين ومنفصلتين. أحاول تخيل كيف سيبدو الأمر فيما لو وقفت على سطح هذا الجسم الجليدي، الصغير لدرجة يمكن معها لسيارة رياضية أن تصل إلى سرعة الإفلات منه وتدخل الفضاء، ونظرت إلى النظام الحلقي ذو العرض 20 كيلومتر، الذي سيكون أكثر قرباً من القمر بحوالي 1000 مرة" (انظر 8).


على الرغم من بقاء العديد من الأسئلة دون إجابات، إلا أن علماء الفلك يعتقدون أن هذا النوع من الحلقات تشكّل في الغالب من الحطام الذي خلّفه تصادم ما. ويضيف براغا-ريباس: "إذاً، بالإضافة إلى الحلقات، من المرجح امتلاك شاريكلو لقمر واحد على الأقل لا يزال ينتظر الاكتشاف". 

يُمكن أن يُبرهن لاحقاً على أن الحلقات، ما هي إلا عبارة عن ظاهرة، ربّما تقوم بدورها لاحقاً بتشكيل قمرٍ صغير. وقد تشرح، مثل هذه السلسلة من الأحداث عند مقياس أكبر بكثير، كيفية ولادة قمرنا في وقتٍ مبكر من عمر النظام الشمسي، بالإضافة إلى أصل العديد من الأقمار الأخرى الموجودة حول الكواكب والكويكبات. قام الأشخاص الذين يقودون الدراسة بإطلاق الألقاب Oiapoque و Chuí على الحلقات، وهما عبارة عن نهرين موجودين بالقرب من الحدود الشمالية والجنوبية للبرازيل (انظر 9).


حــــول الصورة – قدَّمت المراقبات القادمة من العديد من المواقع في أمريكا الجنوبية، بما فيها مرصد لاسيلا التابع لـ ESO، اكتشافاً مفاجئاً يقول بأنّ الكويكب البعيد شاريكلو محاط بحلقتين ضيقتين وكثيفتين. هذا هو أصغر الأجسام التي تم اكتشاف امتلاكها لحلقات وهو الجسم الخامس فقط، الذي تم اكتشاف تمتعه بهذه الخاصية، ضمن النظام الشمسي –بعد الكواكب الأكبر بكثير المشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون. يبقى أصل هذه الحلقات غامضاً، لكن قد تكون نتيجةً لتصادم خلق قرصاً من الحطام. 


نُشرت الدراسة الجديدة على الانترنت في عدد 26 مارس/آذار 2014 من مجلة ناتشر.


ملاحظات

(1) تُعرف كل الأجسام التي تدور حول الشمس، والصغيرة جداً (لا تمتلك كتلة كافية) إلى درجة لا تستطيع فيها جاذبيتها الخاصة أن تحولها إلى شكل كروي تقريباً، الآن من قبل IAU بأجسام النظام الشمسي الصغيرة. يتضمن هذا الصنف حالياً، معظم كويكبات النظام الشمسي، والأجسام القريبة من الأرض (NEOs)، وكويكبات المريخ وتروجان المشتري، ومعظم القنطوريات، ومعظم الأجسام العابرة لنبتون (TNOs)، والمذنبات بصيغتها غير الرسمية. وتستخدم كلمات كويكب والكواكب الصغيرة للدلالة على نفس الشيء.

 

(2) مركز الكواكب الصغيرة IAU هو المركز الأساسي للكشف عن الأجسام الصغيرة في النظام الشمسي. وتُوضع الأسماء على شكل جزأين، رقم يدل عادة على ترتيب الاكتشاف ولكن حالياً يدل على مرتبة التي تم عندها حساب المدارات بشكل جيد، والجزء الثاني هو الاسم.

 

(3) القنطوريات عبارة عن أجسام صغيرة بمداراتٍ غير مستقرة، وتقع ضمن النظام الشمسي الخارجي، حيث تعبر مدارات الكواكب العملاقة. وبسبب كون مداراتها مضطربة بشكلٍ متكرر، يُعتقد بأنها تبقى في تلك المدارات لملايين السنين فقط. القنطوريات منفصلة عن الكويكبات الكثيرة ة والموجودة في الحزام الرئيسي بين المريخ والمشتري، وقد كان مصدرها منطقة حزام كايبر. 

حصلت هذه الأجسام على اسمها –كما في اسطورة قنطورس- لأنها تتشارك خواص مع أشياء مختلفة، وفي هذه الحالة فإنها تأخذ صفات من كل من المذنبات والكويكبات. شاريكلو بحد ذاته يبدو أشد شبهاً بالكويكبات ولم يتم اكتشاف أي نشاط مذنبي ظاهر عليه.

 

(4) تم التنبؤ بالحدث بالاعتماد على البحث المنهجي، المُجرى بواسطة تلسكوب MPG/ESO ذو الفتحة 2.2 متر، الموجود في مرصد لاسيلا، ونُشر البحث في الوقت الحالي.

 

(5) بالإضافة إلى تلسكوبات مرصدي Danish 1.54-metre و TRAPPIST، تم استخدام مراصد أخرى هي:
Universidad Católica Observatory (UCO) Santa Martina operated by the Pontifícia Universidad Católica de Chile (PUC); PROMPT telescopes, owned and operated by the University of North Carolina at Chapel Hill; Pico dos Dias Observatory from the National Laboratory of Astrophysics (OPD/LNA) - Brazil; Southern Astrophysical Research (SOAR) telescope; Caisey Harlingten's 20-inch Planewave telescope, which is part of the Searchlight Observatory Network; R. Sandness's telescope at San Pedro de Atacama Celestial Explorations; Universidade Estadual de Ponta Grossa Observatory; Observatorio Astronomico Los Molinos (OALM) — Uruguay; Observatorio Astronomico, Estacion Astrofisica de Bosque Alegre, Universidad Nacional de Cordoba, Argentina; Polo Astronômico Casimiro Montenegro Filho Observatory and Observatorio El Catalejo, Santa Rosa, La Pampa, Argentina.

(6) هذه هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الحجم الدقيق وشكل جسم بعيد؛ فلشاريكلو قطر يبلغ 250 كيلومتر فقط وهو يبعد عن الأرض أكثر من مليار كيلومتر. حتى في المشاهد القادمة من أفضل التلسكوبات، يظهر مثل هذا الجسم البعيد والصغير على شكل نقطة خافتة من الضوء.

 

(7) اُكتشف كل من حلقات أورانوس والأقواس الحلقية لنبتون بطريقة مشابهة، خلال عمليات الكسوف التي حصلت في الأعوام 1977 و1984، على التوالي. وشاركت تلسكوبات ESO في عملية اكتشاف حلقات نبتون.

(8) بكلام دقيق، على السيارة أن تكون سريعة جداً –سيارة مثل بوغاتي فيرون 16.4 أو ماكلارن فورملا 1 –لأن سرعة الإفلات تصل إلى 350 كيلومتر في الساعة!

(9) هذه الأسماء للاستخدام غير الرسمي فقط، وستُوضع الأسماء الرسمية لاحقاً من قبل IAU وفقاً للقواعد المتبعة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات