قمر زحل قد يُخفي قلباً

تقترح دراسة جديدة تركز على الجزء الداخلي من قمرِ زُحل الجليدي "ميماس" أن سطحه المليء بالفوهات يُخفي وراءه أحد احتمالين مذهلين: إما قلبا متجمدا يأخذ شكلا مشابها للكرة، أو محيطا مائيا سائلا.


استخدم باحثون الكثير من الصور التي التقطتها المركبة الفضائية كاسيني-ناسا لميماس من أجل تحديد مقدار ترنّح القمر على طول مداره حول زحل، وبعد ذلك قاموا بتقييم بضعِ نماذج محتملة بخصوص الكيفية التي يُرتَّب الجزءُ الداخلي من القمر وفقًا لها؛ ليستنتجوا احتمالين مناسبين للبيانات.

و قد نشرت هذه الدراسة في عدد 17 أكتوبر من مجلة العلوم.

 

يقول رضوان تاج الدين (Radwan Tajeddine)، الباحث المشارك في مهمة كاسيني من جامعة كورنل وهو المؤلف الرئيسي للورقة العلمية: " تقترح البيانات أن شيئاً ما غير صحيح داخل ميماس؛ فمقدار الترنّحِ الذي نقيسه أكبرُ بحوالي الضعفين مما تمَّ التنبؤ به".

 

ووفقاً لتاج الدين فإنَّ كِلا الاحتمالين ملفتٌ للنظر، خصوصاً عند النظر إلى أن السطح المليء بالفوهات لا يقترح وجود أي شيء غير اعتيادي تحته. يتوقع العلماء أن القلب الداخلي لقمر ميماس لا بدّ أن يكون شكله قريبا من الدائري؛ لأنّ هذا القمرَ تشكّلَ منذ حوالي 4 مليارات عام؛ ولذلك إذا كان قلب هذا القمر مستطيل الشكل سيكون من المرجح أنه يُمثل سجلّاً زمنياً لتاريخ تشكل القمر.

 

سينضم ميماس إلى نادي "العوالم المائية" إذا كان لديه محيط؛ وتتضمن هذه العوالمُ بضعَ أقمار حول المشتري، وقمري زحل "انسيلادوس" و"تيتان". ويضيفُ تاجُ الدين قائلا: "إنّ وجود محيط عالمي سيشكّلُ مفاجأة لأنَّ سطح القمر لا يُقدم أي إشارات على وجود نشاط جيولوجي".

 

مثل العديد من الأقمار الموجودة في النظام الشمسي بما فيها قمرنا، يُبدي ميماس دوماً الوجه نفسَه بالنسبة للكوكب الأم؛ ويُعرف هذا الأمر بالطنين المداري-السبيني (spin-orbit resonance) الذي يعني أن دوران القمر أو سبينه يتزامنُ مع مداره حولَ زحل؛ وبشكلٍ مشابه لقمر الأرض، يتساوى الوقت اللازم لدوران القمر حول زحل مع ذلك اللازم من أجل إتمام دورة واحدة للقمر حول نفسه.

 

يمتدُّ مدار ميماس قليلاً إلى الخارج، ويُشكّلُ هذا المدار قطعاً ناقصاً بدلاً من دائرة، ويؤدي هذا الانحراف الصغير إلى تغيّر النقاط الموجودة على سطح القمر والمقابلة لزحل قليلاً مع مرور الوقت -سيشاهد مراقب موجود فوق زحل ميماس وهو يترنح قليلاً خلال دورانه؛ وينتج عن ذلك إمكانية رؤية تضاريس قليلة وموجودة على طرف القمر؛ ويُعرف هذا التأثير بالميسان (libration) ويعاني قمر الأرض من هذا التأثير أيضاً.

 

يقول تاج الدين: "يُمكن لمراقبة الميسان أن تقدم رؤى جديدة حول ما يجري داخل الجسم؛ وفي هذه الحالة يُخبرنا أن هذا القمر الصغير والمليء بالفوهات ربما يكون أكثر تعقيداً مما اعتقدناه في السابق"

 

توضح النماذج التي طوّرها تاجُ الدين والمؤلفون المشاركون من فرنسا وبلجيكا أنَّ ميماس يُخفي محيطاً مائياً سائلاً يقعُ على بعد حوالي 15 إلى 20 ميلًا (24 إلى 31 كيلومتر) أسفل سطح القمر. بعرضه البالغ حوالي 246 ميلاً (396 كيلومتر)، يُعتبر ميماس صغيرًا جداً على أن يحافظ على حرارة داخلية ناجمةٍ عن بداية تشكله؛ ومن هنا لا بدّ من وجود بعض المصادر الأخرى للطاقة من أجل المحافظة على محيطٍ أسفل السطح.

 

لاحظ الباحثون وجودَ أدلة تُشير إلى أن المدارَ الحالي المتطاول لميماس ربما كان أكثر تطاولاً في الماض؛ وهو أمر سمح بخلق تسخين مدّي (tidal heating) كافٍ من أجل إنتاج محيط.

 

على الرغم من أن وجود محيط داخل ميماس سيُشكل مفاجأة، إلا أن المؤلفين وجدوا بأن النموذج الداخلي الذي أخذوه بعين الاعتبار يُعطي القمر شكلاً مختلفاً قليلاً عمّا نرصده. وفي هذا السياقِ يقترح الباحثون أنّ بالإمكان تطوير نماذج أخرى من أجل شرح الميسان المرصود للقمر؛ وستساعد القياسات المستقبلية القادمة من كاسيني في تحديد أي النماذج يُمكن أن يكون مرجحاً بشكلٍ أكبر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات