السنة الثالثة في الخدمة: المرصد الديناميكي الشمسي (SDO) قصة إبداع إنساني

في 11 فبراير/شباط 2010، أطلقت وكالة ناسا إلى الفضاء مرصداً شمسياً لا مثيل له وهو المرصد الديناميكي الشمسي (SDO)، الذي حلق بالاعتماد على صاروخ أطلس 5، وحمل الأجهزة التي تمنى العلماء أن تقوم برصد الشمس والحصول على مشاهدات ثورية لها. وإذا ما تم كل شيء حسب الخطة، فسيقدم SDO بيانات عالية الدقة لكامل القرص الشمسي. 


عندما عرض فريق العلماء الصورة الأولى في شهر ابريل/نيسان عام 2010، أذهلت البيانات التي قدمها SDO كل الأشخاص وفاقت توقعاتهم؛ فقد قدم هذا المرصد مشاهد تفصيلية ومثيرة للشمس. وخلال السنوات الثلاث الماضية، تابع المرصد الديناميكي الشمسي (SDO) التقاط صور ومقاطع فيديو تحبس الأنفاس لنشاطات الثوارانات الشمسية.


هذه الصور أكثر من مذهلة وجميلة بكثير، فهي تحتوي على الكثير من البيانات والمعلومات التي يتابع العلماء دراستها. ومن خلال الاعتماد على التصوير عند أطوال موجية مختلفة، تمكن العلماء من معرفة كيفية تحرك المواد فوق الشمس. وتُقدم هذه الحركة بدورها دلائلاً وبراهين على السبب الأساسي الكامن وراء الانفجارات العملاقة على الشمس، التي قد تتسبب في تعطل تكنولوجيا الفضاء إذا ما اتجهت نحو الأرض بعد حصولها.


على أية حال، وبعد ثلاث سنوات من الرصد، قدّم المرصد الديناميكي الشمسي أبحاثاً علمية غير متوقعة وفتح الأبواب أمام أبحاث علمية أخرى. وخلال السنة الأخيرة، صرف العلماء وقت أكبر على دراسة البيانات القادمة من مشاهدة المذنبات. يرصد العلماء المذنبات التي تتحرك بالقرب من الشمس -تُعرف باسم الرعاة الشمسيين sun-grazers- ولكن لطالما كانت عمليات رصدهم مقيدة بلمعان ضوء الشمس عند الاقتراب الشديد للمذنبات منها. لكن قام SDO بالتقاط صور لمذنبَين أثناء عبورهما قريباً من الشمس. 

 

وفي الشهر الأخير من العام 2011، قام المذنب لوفجوي (Lovejoy) بالانحراف والدخول في الإكليل الشمسي مع ذيله الهائل الطول الذي امتد خلفه. رصد المرصد الديناميكي الشمسي هذا الحدث وأرسل صور للذيل الطويل لهذا المذنب والذي تم تقاذفه من قبل الأنظمة الموجودة حول الشمس. يتحرك مثل هذا الذيل الذي يملكه المذنب لوفجوي بشكلٍ يخضع للحقل المغناطيسي غير المرئي للشمس، ولذلك يمكن الاعتماد عليه كمتعقب للحقل المغناطيسي المعقد والموجود في الطبقات العليا من الإكليل الشمسي، مما يُعطي العلماء طريقة فريدة من نوعها لمراقبة الحركة الموجودة هناك. 


أيضا استُخدمت المعلومات المتعلقة ببخار الماء الموجود في ذيل المذنب والمواد التي يفقدها المذنب وكيفية تبخرها نتيجة الإشعاع الشمسي الشديد في دراسة المواد الذرية ونسبها في الإكليل الشمسي. ولذلك وبعد مرور ثلاث سنوات على عمل هذه المهمة، استقطب SDO نوعين من مجتمعات الأبحاث: باحثي المذنبات الذين يمكنهم استخدام مراقبات SDO من أجل دراساتهم، وعلماء الشمس الذين يمكنهم استخدام مراقبات المذنبات لدراسة الشمس.

 

القصة الثانية التي قام SDO بروايتها حصلت في 5 يونيو/حزيران 2012 عندما عبر كوكب الزهرة أمام القرص الشمسي عند النظر إليه من الأرض وهو حدث لن يتكرر من جديد إلا بعد أكثر من 100 عام. تم الاعتماد على هذا الحدث وتصويره من قبل المرصد الديناميكي الشمسي بغرض فهم الغلاف الجوي للزهرة بشكل أكبر. وقام العلماء أيضا بتسجيل كيفية عبور الأشعة فوق البنفسجية الشديدة القادمة من الشمس عبر الغلاف الجوي لكوكب الزهرة لتعلم المزيد حول العناصر الموجودة حول هذا الكوكب. 


مجال البحث الثالث الذي دخله المرصد الديناميكي الشمسي هو البيانات القادمة من المصور المغناطيسي والزلزالي الشمسي (HNI). وهو جهاز يقدم لنا خرائط زمنية حقيقية للحقل المغناطيسي الشمسي الموجود في كافة أرجاء سطح الشمس حيث يرينا مقدار قوة هذه الحقول –وهذا يحدث لأول مرة على الإطلاق في التاريخ العلمي- وفي أي الاتجاهات تتجه. 


وبما أن HMI تُقدم نوعا من البيانات يتم جمعها للمرة الأولى، فإن هذا الأمر يفتح الآفاق أمام نوع جديد كليا من مجالات البحث. ويُعد هذا النوع من البيانات حرج ومهم جدا لأن تغير وإعادة تنظيم الحقول المغناطيسية هو أمر يرتبط بشكل أساسي بقلب الشمس.  وفي السنة الأخيرة، صرف العلماء الكثير من الوقت على محاولة الاستفادة من هذه البيانات لصنع خريطة تعتمد عليها، كما أنهم في الوقت ذاته بذلوا الكثير من الجهد لتفسير هذه البيانات.


تُساعد دراسة هذه الحركات المغناطيسية المعقدة داخل الشمس العلماء في فهم الحقول المغناطيسية المعقدة حول الشمس، والتي تقود إلى ثوارانات شمسية يمكن أن تسبب طقس فضائي يؤثر على جوار الأرض والأجسام الأخرى في النظام الشمسي. ويُمكن أن تقودنا البحوث الأخيرة في مجال الحقول المغناطيسية المتغيرة إلى اكتشاف آلية تحذيرية من هذه النشاطات، التي ترسل إشعاع، وجسيمات، وحقول مغناطيسية نحو الأرض، وأحيانا تتسبب في تعطل تكنولوجيا الأرض والكواكب الأخرى. 


SDO هي المهمة الأولى التي أطلقتها ناسا في برنامج النجوم، ومهمتها الأساسية هي تطوير فهمنا العلمي لصياغة المفاهيم الخاصة بالنظام الشمسي-الأرضي، الذي يؤثر مباشرة على حياتنا ومجتمعنا؛ ويقوم مركز غودارد لرحلات الفضاء في غرينبيلد بتشغيل وإدارة المركبة الفضائية SDO لصالح ناسا. 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات