الطبقات الجوفية الجليدية في تيتان، تقوم بتحويل مطر الميثان

كشفت المركبة الفضائية "كاسيني" التابعة لوكالتي الفضاء الأوروبية وناسا عن مئات البحيرات والبحار المنتشرة في كافة أرجاء المنطقة القطبية الشمالية من قمر زحل "تيتان"، هذه البحيرات لا تمتلئ بالماء، وإنما بالهيدروكربونات، وهي نوع من المركبات العضوية التي توجد بشكلٍ طبيعي فوق الأرض ومنها الميثان.

 

يعتقد أن القسم الأكبر من السائل الموجود في بحيرات "تيتان" ناتج عن الهطل المطري القادم من السحب الموجودة في الغلاف الجوي للقمر، لكن تظل كيفية تحرك هذا السائل عبر قشرة تيتان والغلاف الجوي أمراً مجهولاً نسبياً.

 

فحصت دراسة جديدة يقودها "Olivier Mousis" باحث مساعد من جامعة Franche - Comté في فرنسا، كيفية تفاعل الهطل المطري المكون من الميثان مع المواد الجليدية داخل المصارف الجوفية، ووجدت الدراسة أن تشكل المواد المعروفة بالكلاثريتات (clathrates) يؤدي إلى تغير التركيز الكيميائي للهطل المطري الذي يُزود هذه المصادر الجوفية الهيدروكربونية، تقود هذه العملية إلى تشكل احتياطات من البروبان والإيثان يمكن أن تغذي بدورها بعض الأنهار والبحيرات.

 

يقول Mousis: "عرفنا أن قسماً معتبراً من البحيرات، الموجودة فوق سطح تيتان، من المحتمل أن يكون متصلاً مع أجسام سائلة مختفية في الأسفل من قشرة تيتان، لكن لم نعرف كيف ستتفاعل مع بعضها البعض. الآن، لدينا فكرة أفضل عن تلك البحيرات والمحيطات المختفية وعن شكلها".

 

قام Mousis وزملاء من جامعة كورنل، ايثاكا، نيويورك، ومختبر الدفع النفاث في باسادينا بكاليفورنيا، بمحاكاة كيفية انتشار الهيدروكربونات السائلة الموجودة في مخازن جوفية أو كيف ستنتشر هذه المواد عبر القشرة الجليدية المسامية لتيتان، واكتشفوا خزاناً آخر يقوم بالتشكل ببطء في قاع الخزان الأساسي، الذي يحتوي على الميثان القادم من المطر، والخزان الثاني الذي يتشكل ببطئ يتألف من الكلاثريتات.

 

الكلاثريتات عبارة عن مركبات يشكل الماء فيها بنية بلورية داخل أقفاص صغيرة تحتجز المواد الأخرى مثل الميثان والإيثان، وُجدت الكلاثريتات التي تحتوي الميثان على الأرض في بعض الرسوبيات القطبية، وتلك الموجودة في المحيط. فوق تيتان، تسمح كل من درجة حرارة السطح وضغطه بتشكل الكلاثريتات عندما تتلامس الهيدروكروبونات السائلة مع جليد الماء؛ إذ أن جليد الماء مكون رئيسي من في قشرة القمر، تبقى طبقات الكلاثريتات تلك مستقرة عند الأعماق تمتد حتى بضعة أميال أسفل سطح تيتان.

 

إحدى الخواص المميزة للكلاثريتات أنها تقوم باحتجاز وشطر الجزيئات إلى مزيج مكون من الطورين السائل والصلب، وكل ذلك عبر عملية تُعرف بالتجزئة (fractionation). المصادر الجوفية للكلاثريتات تتفاعل مع سائل الميثان القادم من البحيرة الهيدروكربونية الجوفية وتقوم بتجزئته، وبالتالي تغير من تركيزه بشكلٍ بطيء، في النهاية، تتحول الطبقة الجوفية الأساسية والمكونة من الميثان إلى البروبان أو الإيثان.

 

يقول Mathieu: "توضح دراستنا أن تركيز الخزانات السائلة الجوفية في تيتان يُمكن أن يتغير بشكلٍ معتبر من خلال تفاعلها مع الطبقة الجليدية الموجودة أسفل السطح، ما يقدم خزانات أخرى تم اقتطاعها من الغلاف الجوي لفترة معينة من الزمن".

 

الأهم من ذلك، ستؤثر التحولات الكيميائية التي تحصل أسفل السطح على سطح تيتان، إذ أن الأنهار والبحيرات، التي تتغذى على الينابيع ستبدأ بالاعتماد على البروبان أو الإيثان القادمين من الخزانات الجوفية، بنفس النوع من التركيز، في الوقت الذي ستُظهر فيه الأنهار والبحيرات التي تتغذى على الهطل المطري تركيزاً معتبراً للميثان. ووفقاً لـ Mousis يعني ذلك أنه بإمكان الباحثين فحص تركيز البحيرات السطحية فوق تيتان من أجل تعلم شيء ما حول الأمور التي تجري عميقاً أسفل السطح.

 

نُشرت النتائج في عدد 1 سبتمبر 2014 من مجلة إيكاروس. تم تمويل الدراسة من قبل المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء (CNES) وناسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات