هل يمكن لكوننا أن يكون صورة مجسمة لكون بأبعاد أكثر؟

إن الصور المجسمة هي أحد أكثر الأشياء 'المسطحة' إثارة للاهتمام والتي يمكن أن يخلقها البشر. من خلال ترميز مجموعة من المعلومات ثلاثية الأبعاد تماماً على سطح ثنائي الأبعاد، فإن الصور المجسمة تغير مظهرها وفقاً لذلك مثلما تقوم أنت بتغيير المنظور الخاص بك. 


Dominic Alves of flickr under a c.c.-by-2.0 license, viahttps://www.flickr.com/photos/dominicspics/5480234275.
Dominic Alves of flickr under a c.c.-by-2.0 license, viahttps://www.flickr.com/photos/dominicspics/5480234275.


حسناً، تقول العديد من امتدادات فهمنا الحالي للكون إن أبعادنا المكانية الثلاثة قد تكون هي الثلاثة فقط التي نستطيع إدراكها، فقد يكون هناك في الواقع أكثر من ذلك. وعلاوة على ذلك، هناك إمكانية محيرة أننا قد نكون في الواقع إسقاطاً مجسماً لكون ذو أبعاد أعلى، من منظور معين. القارئ جيم براي Jim Bray أراد أن يعرف المزيد عن هذا، فيسأل:


"يبدو أن الكون المجسم يفسر الكثير من الأمور، لنفترض أن وجهة النظر التجسيمية صحيحة، إذاً ما هي العلاقة بين السطح ثنائي الأبعاد والتجسيم ثلاثي الأبعاد، هل تنفعنا فكرة التجسيم الشائعة في التفكير في ما سبق؟"

لقد رأينا جميعاً الصور المجسمة من قبل، ولكن معظم الناس لا يعرفون كيف تصنع فعلاً. العلم الكامن وراءها ليس أقل من مذهل!


إعداد مختبر لخلق صورة ثلاثية الأبعاد. مصدر الصورة: via Epzcaw of Wikimedia Commons, under a c.c.a.-3.0 unported license.
إعداد مختبر لخلق صورة ثلاثية الأبعاد. مصدر الصورة: via Epzcaw of Wikimedia Commons, under a c.c.a.-3.0 unported license.


الصور بسيطة للغاية: تأخذ الضوء المنبعث أو المنعكس عن غرض ما، وتجمعه من خلال عدسة، وتسجل ذلك على سطح مستو. هذا ليس فقط كيف يتم التصوير، بل هو أيضاً العلم الكامن وراء ما تراه عيناك في أي لحظة. تقوم العدسة في مقلة العين بتجميع الضوء، وتقوم العصي والمخاريط على الجزء الخلفي من كرة العين بتسجيله وإرساله إلى الدماغ الذي يعالجه ويحوله إلى صورة.

ولكن باستخدام مستحلب خاص وضوء متماسك (على سبيل المثال، ليزر)، يمكننا بدلاً عن ذلك إنشاء خريطة للحقل الضوئي الكامل لغرض ما، وهو ما يشكل صورة ثلاثية الأبعاد. 

ويمكن لجميع الاختلافات في الكثافة والقوام والتعتيم وأمور أخرى أن يتم تسجيلها بأمانة. عندما تضاء الخريطة المسطحة ثنائية الأبعاد بشكل صحيح، فإنها تعرض مجموعة كاملة من المعلومات ثلاثية الأبعاد التي يمكن استخلاصها من وجهة نظرك، ولكن الجزء المدهش هو أنها تفعل ذلك لكل منظور ممكن تستطيع مشاهدتها منه. اطبعها على فيلم معدني فتكون قد حصلت على الصورة ثلاثية الأبعاد التقليدية الشائعة.



حالياً، الكون -كما نراه في الواقع-له ثلاثة أبعاد مكانية متوافرة لنا. ولكن ماذا لو كان هناك بشكل أساسي أكثر من ذلك؟ تماماً مثلما الصورة ثلاثية الأبعاد الشائعة هي سطح ثنائي الأبعاد يُرمز مجموعة كاملة من المعلومات حول عالمنا ثلاثي الأبعاد، هل يمكن أن يكون عالمنا ثلاثي الأبعاد يُرمز معلومات حول واقع يتكون بشكل أساسي من أربع أبعاد أو أكثر وننتمي نحن إليه؟ 

قد يكون ذلك ممكناً، وهناك بعض الاحتمالات الممتعة التي تظهر، ولكن لدى هذه الاحتمالات أيضا حدود من المهم أن نفهمها.

وجاءت فكرة أن الكون قد يكون صورة ثلاثية الأبعاد من مفهوم نظرية الأوتار. نمت نظرية الأوتار من اقتراح -نموذج الأوتار-لشرح التفاعلات القوية، إذ كان معروفاً أن الأجزاء الداخلية لكل من البروتونات والنيوترونات والباريونات الأخرى (والميزونات) تملك بنية مركبة. أعطت الفكرة مجموعة كاملة من التنبؤات لا معنى لها، على الرغم من أنها لم تتوافق مع التجارب، بما في ذلك وجود الجسيمات ذات العزم (السّبين)-2.

أدرك الناس أنه إذا أخذت مقياس الطاقة ذاك لمستويات عالية تصل إلى مقياس بلانك، يمكن لإطار نظرية الأوتار أن يوحد القوى الأساسية المعروفة مع الجاذبية، وهكذا ولدت نظرية الأوتار. وهناك ميزة (أو عيب، وهذا يتوقف على الطريقة التي ننظر إليها) لهذه المحاولة تبعاً لقوانين الفيزياء 'المقدسة'، هو أنها تتطلب بالتأكيد وجود عدد كبير من الأبعاد الإضافية. حتى ذلك الحين يصبح السؤال الكبير هو كيف يمكننا الحصول على عالمنا، الذي يضم ثلاثة أبعاد مكانية فقط منطلقين من نظرية تعطينا مزيداً من الأبعاد الأخرى؟

وأي نظرية أوتار هي الصحيحة، بما أن هناك العديد من الأوجه الأخرى الممكنة لنظرية الأوتار؟



مصدر الصورة : David Trowbridge of flickr, under c.c.-by-s.a.-2.0, viahttps://www.flickr.com/photos/davidtrowbridge/528769754.
مصدر الصورة : David Trowbridge of flickr, under c.c.-by-s.a.-2.0, viahttps://www.flickr.com/photos/davidtrowbridge/528769754.


ربما، قد يتبع إدراكنا لكوننا العديد من نماذج نظرية الأوتار المختلفة والسيناريوهات الموجودة والتي هي في الواقع جوانب مختلفة من نفس النظرية الأساسية، ينظر إليها من وجهات نظر مختلفة. 

في الرياضيات، النظامان الإثنان اللذان يكافئ أحدهما الآخر يُعرفان باسم "الثنائي"، والاكتشاف المدهش المرتبط بالصور المجسمة هو أنه في بعض الأحيان قد يكون لدينا نظامان مكافئان لبعضهما ولديهما عدد مختلف من الأبعاد.

إن سبب تحمس الفيزيائيين جداً لهذا هو أنه في العام 1997، اقترح الفيزيائي خوان مالداسينا Juan Maldacena نظرية توافق الحقل المحدود Ads/CFT، الذي ادعى أن كوننا ثلاثي الأبعاد (إضافة للوقت) -مع نظريات المجال الكمومي التي تصف الجسيمات الأولية وتفاعلاتها- هو مكافئ لزمكان ذو أبعاد أعلى (فضاء anti-de Sitter) الذي يلعب دوراً في نظريات الكمّ الخاصة بالجاذبية.


توافق Ads/CFT. بين الحجم الداخلي وحدود السطح التي تحيط به  مصدر الصورة:  Alex Dunkel (Maky) and Polytope24 of wikimedia commons, under a c.c.a.-by-s.a.-3.0,
توافق Ads/CFT. بين الحجم الداخلي وحدود السطح التي تحيط به مصدر الصورة: Alex Dunkel (Maky) and Polytope24 of wikimedia commons, under a c.c.a.-by-s.a.-3.0,


حتى الآن، المكافئات الوحيدة التي اكتشفت تربط خصائص الفضاء ذو الأبعاد الأعلى إلى مثيله الحدودي ذو الأبعاد الأدنى حيث ينقص عدد الأبعاد واحداً. 

ليس من الواضح بعد ما إذا كان يمكننا أن نذهب من، لنقل، نظرية أوتار بعشرة أبعاد إلى كون ثلاثي الأبعاد مثل كوننا، وأن يكونا مكافئين لبعضها البعض. 

إن الصور المجسمة ثنائية الأبعاد التي يمكننا خلقها الآن تُرمز فقط معلومات ثلاثية الأبعاد، إذ لا يمكننا ترميز المعلومات رباعية الأبعاد في صورة ثنائية الأبعاد، مثلما لا يمكننا أن نُرمّز كوننا ثلاثي الأبعاد على بعد واحد.


مجسمة للأرض  مصدر الصورة :  flickr user Kevin Gill, under c.c.-by-2.0. Viahttps://www.flickr.com/photos/kevinmgill/14676390490.
مجسمة للأرض مصدر الصورة : flickr user Kevin Gill, under c.c.-by-2.0. Viahttps://www.flickr.com/photos/kevinmgill/14676390490.


وهناك سبب آخر يجعل من تكافئ فضاءين بأبعاد مختلفة مثيراً للاهتمام هو ما يلي: إن المعلومات المتوفرة عن المثيل الحدي ذو الأبعاد الأقل لسطح ما هي أقل من المعلومات المتوفرة داخل حجم الفضاء الكامل المحاط بالسطح.


لذلك إذا كنت تستطيع قياس شيء ما يحدث على السطح، قد تعلم أكثر من شيء واحد حول ما يحدث داخل حجمه المكافئ في البعد الأعلى. فالأوضاع المتعلقة بما يحدث في فضاء ذو أبعاد أعلى قد تكون ذات صلة بما يحدث في أماكن أخرى، بدلاً من أن تكون مستقلة عنها. 

قد يبدو هذا "غير واقعي"، ولكن ربما كان منطقياً بعض الشيء إذا كنت تفكر في التشابك الكمّي، وكيف أن قياس خاصية عضو واحد من نظام متشابك يقول لك على الفور معلومات عن الآخر. فمن الممكن أن التجسيم الصوري له علاقة بهذه الخاصية المميزة للطبيعة.


لقطة من مستخدم YouTube مراقب للنجوم مصدر الصورة:https://www.youtube.com/channel/UCuE22KuJhcIRyeTx8Yp1rBQ.
لقطة من مستخدم YouTube مراقب للنجوم مصدر الصورة:https://www.youtube.com/channel/UCuE22KuJhcIRyeTx8Yp1rBQ.


التكافؤ (أو الازدواجية) هي حقيقة رياضية، وإمكانية فيزيائية مثيرة للفضول. هل ستؤدي في نهاية المطاف إلى رؤى عميقة تسمح لنا بفهم أفضل لكوننا؟ ربما، ولكن حتى الآن لسنا متأكدين إلى أي مدى يمكن العمل بتطبيقاتها، وعما إذا كانت سوف توفر صلة بين نظرية القياس والجاذبية الكمومية التي نطمح إليها جميعاً. ولكن هذا هو الأمل الأسمى. إذا كان الكون هو حقا صورة ثلاثية الأبعاد، فتلك في الواقع هي النتيجة الأعظم!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية. (IKI): معهد أبحاث الفضاء في روسيا، و هو تابع لأكاديمية العلوم الروسية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات