كاليستو هو قمر كبير يدور حول المشتري، ذو سطح خارجي قديم مجوف يشير إلى أنّ العمليات الجيولوجية يمكن ان تكون قد ماتت أو انتهت، ومن الممكن أيضاً أنه يحتجز محيطاً تحت أرضه. ليس واضحاً إن كان هناك حياة في ذلك المحيط لأنّ السطح الخارجي قديم جداً، مما يتطلب المزيد من الاستكشاف لهذا القمر الكبير ليتم التأكد من ذلك.
لقد كان هذا القمر مادة دسمة لعدة عمليات جوية، بما فيها رحلة غاليليو Galileo التي استمرت لفترة طويلة إلى كوكب المشتري خلال العقد الأخير من الألفية الأولى و العقد الأول من الألفية الثانية. لحسن الحظ بالنسبة للعلماء، ستركز مهمة جديدة تدعى JUICE (مستكشف قمر المشتري الجليدي) على أقمار المشتري الثلاثة الجليدية بما فيها كاليستو للحصول على معلومات أكثر عن بيئته، كما يُتوقع أن تصل JUICE إلى المشتري عام 2030 م.
معلومات أساسية
- العمر: عمر كاليستو حوالي 4.5 مليار سنة، أي ما يعادل عمر المشتري تقريبا، كما أنّه الجسم الأكثر تجاويفاً في النظام الشمسي ولا يكاد يوجد أي نشاط بيولوجي على سطحه الخارجي وفقاً لوكالة ناسا. لم يطرأ أي تغيير على السطح الخارجي منذ أن تشكلت قوة الاصطدام الأولية للسطح الخارجي من حوالي 4 مليار سنة مضت.
- البعد عن كوكب المشتري: إنها أبعد نقطة عن المركز بالنسبة لأقمار غاليليو بسبب دورانها في مسافة 1.168.000 ميل (1.880.000 كم) عن المشتري. أي يستغرق سبعة أيام أرضية لتدور دورةً كاملة حول الكوكب، كما يختبر تأثيرات متفاوتة أقل من أقمار غاليليو الأخرى لأنه يدور خلف حزام إشعاعات المشتري الأساسي. إنّ قمر كاليستو محكم بشكل متفاوت لذلك تقابل الجهة ذاتها دائماً كوكب المشتري .
- الحجم: بحجم كوكب عطارد تقريبا، أي يبلغ قطره حوالي 3000 ميل (4800 كم)، وهو ثالث أكبر قمر في النظام الشمسي بعد جانيميد Ganymede وتيتان Titan (قمر كوكب الأرض هو خامس أكبر قمر بعد قمر آيو Io).
- الحرارة: متوسط حرارة السطح الخارجي لكاليستو 218.47 درجة فهرنهايت (ما يعادل -139.2 سيليسيوس).
اكتشافه
عندما قام عالم الفلك غاليلي غاليليو Galilei Galileo بتحريك التليسكوب باتجاه المشتري في السابع من كانون الثاني عام 1610، رأى شيئا فاجأ الجميع، لم يكن الكوكب وحيداً، فلقد وجد 4 أقمار تحيط به، في وقت كان الاعتقاد السائد فيه أنّ كوكب الأرض هو الوحيد الذي يدور حوله قمر. لمدة قرنين سُميت أقمار كوكب المشتري (كمجموعة) تيّمناً باسم عائلة إيطالية ذات سلطة سياسيّة تدعى ميديتشي Medicis. وفقاً لناسا، كانت هذه الأقمار تلقّب فرديا بالمشتري 1/2/3/4، والقمر المشار إليه بالرقم 4 هو الذي ندعوه اليوم بكاليستو.
لا تقتصر آثار هذا الاكتشاف على الأثر الفلكي فقط، بل كان أثره دينيا أيضاً. في الوقت الذي دعمت فيه الكنيسة الكاثوليكية فكرة أنّ كل شيء يدور حول الأرض، وهي فكرة قديمة دُعمت أيضاً من قبل أرسطو وبطليموس، جاءت بحوث غاليليو لأقمار المشتري -كما لاحظ مرور كوكب الزهرة بمراحل كالتي مرّ بها قمرنا- لتقدّم دليلاً واضحاً على عدم دوران كلّ شيءٍ حول الأرض.
كما أثبتت بحوث التليسكوب بالرغم من ذلك أنّ هناك رأياً جديداً حول الكون قد بدأ بالظهور، وهو أنّ الأقمار والكواكب ليست ثابتة ولا مثالية، فعلى سبيل المثال: تبيّن الجبال التي شوهدت على سطح القمر أنّ هناك عمليات جيولوجية قد حدثت في مكان آخر. إلى جانب ذلك، كل الكواكب تدور حول الشمس، مع الوقت تم اكتشاف أنّ الأقمار تدور حول كواكب أخرى واكتشاف أقمار أخرى حول المشتري، أقمار مديتشي Medici تم إعادة تسميتها إلى آيو Io وأوروبا Europa وجانيميد Ganymede وكاليستو Callisto لتجنب الارتباك بحلول منتصف القرن التاسع عشر.
بحوث عصر الفضاء
في الوقت الذي تطوّرت فيه التلسكوبات جوهرياً في عصر الفضاء خلال ستينيات المئوية الماضية، لم يعرف إلا القليل فقط عن القمر كاليستو وفقاً لكتاب (المشتري: الكوكب، الأقمار، المجال المغناطيسي) مما استطاع أن يفصح عنه علماء الفلك أنّ السطح الخارجي بدا ساكناً بالمقارنة مع قمري آيو Io وجانيميد Ganymede.
يعدّ القمر كاليستو ذو انعكاسية منخفضة وعُرف أيضاً بكثافة منخفضة لكن لم يلحظ علماء الفلك أي دليل على انبعاثات للماء وقد خلصوا إلى استنتاج أنّ سطحه الخارجي صخري.
حلّقت كلّ من مركبتي بايونير 10 و11 Pioneer على مقربة من كوكب المشتري وأقماره في أوائل السبعينيات، لكن لم تقدم هذه المهمات معلومات جديدة أكثر عن كاليستو مما أظهرته التليسكوبات المثبتة على الأرض .
بينما عرضت مهمات لفوياجر Voyager في أواخر السبعينيات صورة مختلفة حقاً عن القمر، حيث تم صقل كثافة و درجة حرارة كاليستو، كما أظهرت صورة من السطح الخارجي تضاريس صغيرة بحجم 1 كم لكل بكسل، أي أنّ دقة تفاصيل الصورة كانت صغيرة كفاية ليلاحظ تأثير الفجوات. في الواقع، كان كاليستو مجوّفاً جداً بالمقارنة مع أقمار أخرى، وفقاً للمؤلفين. وأضافوا: "لقد قللّ البعض من أهمية القمر كاليستو واعتبروه كأكثر العناصر الفضائية إثارة للضجر، تبعاً لحجمه في النظام الشمسيّ".
أبحاث أكثر دقة تطلبت الانتظار حتى عام 1996، عندما بدأت الرحلة الأولى لمركبة غاليليو المؤلفة من 12 رحلة للقمر، حيث كشفت رحلات غاليليو المكررة عن صور بدقّة أعلى ومعلومات أكثر بكثير مما عرفوه سابقاً حول كاليستو. تم رسم خريطة لمساحة أكبر من السطح الخارجي، كما اكتشفت طبقةٍ رقيقة لغلاف جويّ من ثنائي أكسيد الكربون، وعثر أيضاً على دليل لوجود محيط قريب من السطح الخارجي.
لقد نبعت النقاشات حول وجود هذا المحيط من قسمين من الأدلة وفقاً لناسا: كان الأول ملاحظة العلماء لبعض الذبذبات المنتظمة للحقل المغناطيسي لكاليستو بينما يدور حول كوكب المشتري، مما يشير إلى وجود تيارات كهربائية داخل القمر مُحفزة من قبل الحقل المغناطيسي للكوكب. من الضروري أن يكون ذلك التيار قد انطلق من مكان ما، مما يصل بنا إلى القسم الثاني من الأدلة، فالسطح الحجري والغلاف الجوي الرقيق اللذان يبدوان كتفسير مرجّح لوجود محيطات مالحة تحت سطح القمر.
أسئلة رائعة
هل القمر كاليستو صالح للسكن؟ وكيف تشكل بهذه الطريقة؟ من ضمن أسئلة مدهشة أخرى حول هذا القمر، ستبدأ مهمة جوس JUICE بدراستها، حيث يتم تجهيز هذه المهمة للانطلاق نحو المشتري في عام 2022 للعمل على الكوكب لثلاث سنوات على الأقل بين 2030 و2033، وستركز هذه المهمة على القمر جانيميد Ganymede لكن أهدافها العلمية بخصوص القمر كاليستو ستكون مشابهة لذلك، وهذا يتضمن البحث عن طبقات المحيط أو عن خزانات مياه ورسم خريطة للسطح والتمعن بالغلاف الجوي واكتشاف شكل البنية الداخية لكاليستو.
تتضمن أبحاث علمية حديثة لكاليستو نمذجة لكيفية تفاعل الحقول المغناطيسية للقمر كاليستو وكوكب المشتري (تقدم هذه الدراسة أدلة عن وجود محيط قريب من السطح) وإيجاد أكسجين ذرّي في الغلاف الجوي باستخدام تليسكوب هابل الفضائي، كما ركزت أبحاث أخرى على جوانب كثيرة كاحتمال وجود الماء تحت السطح وصقل الفجوات اعتماداً على السطح الخارجي وبحوث الغلاف الجوي.