الفرق بين الشهب والأحجار النيزكية والكويكبات

كويكبات، وشهب، وأحجار نيزكية… قد يكون من العدل أن نقول أن هذه الصخور الفضائية تُلهم سكان الأرض التساؤلَ والخوفَ في آن واحدٍ معًا. ولكن القليل من المعرفة الإضافية بكل منها وبالطريقة التي تختلف فيما بينها قد تزيل بعضًا من تخوفاتنا. يتم تسمية الأجرام الفضائية اعتمادًا على موقعها، فيختلف اسم الأجرام التي تندفع في الفضاء عن تلك التي تندفع خلال غلافنا الجوي، وتصطدم بسطح الأرض.

 

نيازك مختلفة من الكويكب (2008 TC3) الذي هبط في السودان عام 2008. Credit: P. Jenniskens, et. al.)
نيازك مختلفة من الكويكب (2008 TC3) الذي هبط في السودان عام 2008. Credit: P. Jenniskens, et. al.)


هنا ستجد التعريفات بلغة مبسطة:


  • الكويكب (Asteroid): هو جسم صخري عملاق في الفضاء، ويدور في مدار حول الشمس.
     
  • النيزك (Meteoroid): تتكون النيازك من صخور أو أجزاء تدور حول الشمس وأحجامها أصغر بكثير من الكويكبات.
     
  • الشهاب (Meteor): إن دخل النيزك الغلاف الجوي لكوكب الأرض ثم احترق وتبخر دون أن يصل لسطح الأرض، يطلق عليه اسم "شهاب".
     
  • الحجر النيزكي (Meteorite): إن دخل كويكب صغير أو نيزك كبير الغلاف الجوي للأرض وهبط على سطح الأرض فيطلق عليه اسم "حجر نيزكي".
     
  • وهناك مصطلح يجدر ذكره هنا، وهو الشهاب المتفجر (Bolide) وهو شهاب لامع جدًا تَفجر في الغلاف الجوي، ويطلق أيضا عليه اسم كرة النار (Fireball).
     

 

  • الكويكبات (asteroids)الكويكبات موجودة بشكل رئيسي في حزام الكويكبات (الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري). قد يحدث أحيانًا أن تضطرب مداراتها أو تتغير، وتنتهي بعض الكويكبات بالاقتراب من الشمس، وبالتالي تصير أقرب للأرض أيضًا. وكذلك، وبالإضافة إلى حزام الكويكبات، يوجد نقاش طرح مؤخرا بين الفلكيين حول احتمالية وجود كميات كبيرة من الكويكبات في حزام كايبر (Kuiper Belt) وسحابة أورت (Oort Cloud).


أحيانا يطلق على الكويكبات اسم "كواكب صغيرة" (minor planets)، لكن مهما اختلفت التسمية، فهي بشكل عام أجسام صخرية لا تملك غلافًا جويًا، ولكن القليل منها لديه أقماره الخاصة. يحتوي نظامنا الشمسي على الملايين من الكويكبات، ويعتقد أن أغلبها يمثل بقايا مبعثرة من الكواكب متناهية الصغر (planetesimals)، وهي أجسام كانت موجودة في سديمنا الشمسي اليافع، ولكنها لم تكبر بشكل كافٍ لتصبح كواكب.

أما بالنسبة للحجم الذي يجب أن يكون عليه جسمٌ ما ليصنف كويكبًا، فإنه ليس محددًا بدقة بعد؛ ذلك أن الكويكبات يتراوح قطرها من عدة أمتار، مثل الجلاميد (boulders)، لمئات الكيلومترات، وأكبر كويكب معروف هو سيريس (Ceres) والذي يبلغ قطره 952 كيلومترًا ويعتبر هذا الكويكب كبيرًا جدًا فيصنف أيضا على أنه كوكب قَزَم.

تتكون أغلب الكويكبات من الصخور، ولكن، وكلما استكشفنا أكثر وتعلمنا أكثر عنها، نجد أن بعضها مكونٌ من المعادن كالحديد والنيكل بشكل أساسي. وبحسب ناسا فهناك عدد من الكويكبات كانت في السابق مذنبات، لكنَّ جليدها انصهر لاحقا، وتكسرت هي، وقُذفت إلى الفضاء لتصبح كويكبات. اكتشف الفلكيون مؤخرًا بعض الكويكبات التي تحاكي المذنبات في انبعاث الغازات والغبار، ويبدو أن هناك عددًا كبيرًا من الأجسام الفضائية التي تشبه مكوناتها مكونات الكويكبات، لكنَّ مداراتها تشبه مدارات المذنبات.

ما هي احتمالية ضرب الكويكبات للأرض؟



تصور فنان لحزام كويكبات.Credit: NASA
تصور فنان لحزام كويكبات.Credit: NASA


كلنا يعلم أن هناك بعض الكويكبات تمر بقرب مدار الأرض حول الشمس، ونحن بالتالي محظوظون خلال تاريخ الإنسانية، لأن أحدها لم يصطدم بالأرض مؤخراً (في آخر بضع آلاف من السنين). قبل أن يكون نظام التصوير عبر الأقمار الصناعية شائعًا، فإن العلماء لم يكونوا قادرين على رؤية دليل على اصطدام الكويكبات بالأرض قديمًا.

أحد أشهر الحفر الناتجة عن الاصطدام على الأرض هي الفوهة النيزكية التي تقع في أريزونا في الولايات المتحدة، والتي حدثت بسبب اصطدام قبل 50 ألف سنة، ويوجد غيرها 175 حفرة حول العالم، وجزء قليل منها كبير الحجم جدًا مثل حفرة فيردفورت (Vredefort Crater) في جنوب إفريقيا والتي يبلغ نصف قطرها 190 كيلومترًا (118 ميلًا)، والذي جعلها أكبر حفرة لاصطدامٍ حصل على سطح الكرة الأرضية. ويوجد موقع اصطدام آخر مشهور موجود قبالة ساحل شبه جزيرة يوكاتان Yucatan Peninsula في المكسيك، وَيُعتَقد أنها تمثل تسجيلًا للحادثة التي أدت لانقراض الديناصورات قبل 65 مليون سنة.

لا تشكل الاصطدامات تهديدًا كبيرًا هذه الأيام؛ فحسابات ناسا تشير إلى أنه في المعدل، يدخل كويكب بحجم سيارة الغلافَ الجوي للأرض مرة كل سنة، وهذا الكويكب ينتج كرة نار (fireball) مثيرة لِلإعجاب ويتفكك في الهواء دون أن يصل الأرض.

أما دراستنا لتاريخ الأرض فهي تشير إلى أن معدل اصطدام جسم بحجم ملعب كرة قدم بالأرض، بحيث يحدث ضرراً كبيرًا، هو واحد كل 5000 سنة. وأنَّ معدل اصطدام كويكب كبير كفاية، بحيث يحدث كارثة إقليمية أو عالمية بالأرض، هو واحد كل عدة ملايين من السنين.

الشهب، والنيازك، والشهب المتفجرة:


يدعى حطام الفضاء الذي يكون أصغر من الكويكب بالـ نيزك (meteoride)، فالنيزك هو مادة بين كوكبية (interplanetary matter) أصغر من الكويكب، وكثيرًا ما تكون بحجم عدة ميلليمترات. تكون أغلب النيازك الداخلة للغلاف صغيرةً جدًا بحيث تتبخر كليًا ولا تصل إلى سطح الأرض، وعندما تحترق خلال نزولها، فإنها تخلق أثرًا من الضوء خلفها، وهو ما يعرف باسم شهاب (meteor).

لا يكون أغلبُ هذه الشهب مؤذيًا، ولكن الشهب الكبيرة منها، والتي تنفجر في الغلاف الجوي، والتي تدعى أحيانًا بـ الشهب المتفجرة (Bolides)، تستطيع التسبب بموجة صادمة في الهواء، الأمر الذي قد يتسبب بأضرار. ففي شباط/فبراير 2013 تفجر شهاب فوق تشيليابنسك-روسيا، وكسر زجاج النوافذ بانفجاره ذاك. من المتوقع أن قطر هذا النيزك، أو الشهاب المتفجر بلغ 18 مترًا (59 قدمًا). وفي عام 1908، يُعتقد أن نيزكًا صخريًا، ذا قطرٍ أقل من 100 متر، دخل الغلاف الجوي فوق منطقة تونغوسكا في صربيا وأن الموجة الصادمة الناتجة عنه أدت إلى إسقاط الأشجار الممتدة في مساحة مئات الكيلومترات المربعة.

ما هي احتمالية ضرب نيزك للأرض؟


بسبب الشهاب الذي أصاب تشيليابنسك في 2013، حصل علماء الفلك على معلومات حول معدل ضرب الشهب الكبيرة للأرض، وأصبح هناك إجماع متزايد على الأرض تضرب بصخور فضائية بشكل كبير، أكثر مما كان يعتقد سابقا.




تقول مؤسسة B612 أنه معدلاً، ينفجر كويكبٌ واحد في الغلاف الجوي كل سنة، بحيث تكون قوة انفجاره مماثلة لقوة انفجار القنبلة الذرية في هيروشيما، لكنا لا نلاحظ العديد منها، ﻷنها تنفجر في طبقات الجو العليا، أو لأن معظم سطح الأرض مكون من مياه، وأن قسمًا كبيرًا من اليابسة غير مسكون.

صورة للكويكب فيستا (Vesta) كما تراه مركبة الفضاء داونCredit: NASA/JPL-Caltech/UCAL/MPS/DLR/IDA
صورة للكويكب فيستا (Vesta) كما تراه مركبة الفضاء داونCredit: NASA/JPL-Caltech/UCAL/MPS/DLR/IDA


تختلف التقديرات حول كمية الغبار الكوني والشهب التي تدخل الغلاف الجوي للأرض كل يوم، وتتراوح التقديرات بين 5 إلى 300 طن متري. تُشير مشاهداتُ الأقمار الصناعية أن 100 إلى 300 طن من الغبار الكوني يدخل غلاف الأرض الجوي يوميا. وتحسب كميات الغبار الكوني الداخلة عن طريق حساب نسبة تراكمها في مراكز جليد القطبين، ونسبة رواسب العناصر الكيميائية النادرة (والمرتبطة بالغبار الكوني) في البحار، مثل الإيرديوم (iridium) والأوزميوم (osmium). وهناك طرق أخرى مثل المشاهدات الرادارية للشهب، والمشاهدات الليزرية، وقياسات الطائرات ذات الارتفاع العالي. كل هذه الطرق تقدر أن كميات الغبار تكون تقريبا 5 أطنان مترية في كل يوم.

حفرة ناتجة عن اصطدام نيزك في ونسلو في ولاية أريزونا الأمريكية Credit: NASA
حفرة ناتجة عن اصطدام نيزك في ونسلو في ولاية أريزونا الأمريكية Credit: NASA


الأحجار النيزكية (Meteorites):


إن دخل جزء ما من نيزكٍ الغلافَ الجوي ووصل إلى سطح الأرض واصطدم به، فإنه يطلق عليه اسم "حجر نيزكي". مع أن الغالبية العظمى من النيازك صغيرةٌ جداً، وأحجامها تتراوح بين أجزاء من الغرام "وهي ككتلة الحصاة" إلى 100 كيلوغرام (220 باوندًا)، ويمكن أن تكون أكثر من ذلك "كما يكون في الشهب المتفجرة الكبيرة، والمدمرة". تُصَنَّفُ الأحجار النيزكية التي يصغر حجمها عن 2 ملم كأحجار نيزكية صغيرة (micrometeorites).

تقسم الأحجار النيزكية إلى ثلاثة تصنيفات، وذلك بالاعتماد على بنيتها، وتركيبها الكيميائي والنظائري، وعلم المعادن؛ فالأحجار النيزكية الصخرية (stony meteorites) عبارة عن صخور، وتتكون بشكل رئيسي من معادن السيليكات (silicate minerals)، أما الأحجار النيزكية الحديدية (iron meteorites) فتتكون أغلبها من النيكل الحديدي المعدني (metallic iron-nickel)، وأما الأحجار النيزكية الحديدية الصخرية (stony-iron meteorites) فتحتوي كميات كبيرة من كلٍ من المادة المعدنية والمادة الصخرية.

وجدت الأحجار النيزكية أيضًا على القمر والمريخ، وبالمقابل، فقد تتبع العلماء أصل النيازك التي وجدت هنا على الأرض ووجدوا أن مصدرها المريخ، والقمر، والكويكب "4 فيستا" (4 Vesta)، و المذنب "وايلد 2" (Wild 2).هذا ويجدر بنا أن نذكر، أن النيازك تشكل مصدرًا رئيسياً لجزءٍ كبير من معرفتنا بمكونات الأجسام السماوية الأخرى.


شهاب لامع في 21 أيلول/سبتمبر عام 1994. Credit: John Chumack
شهاب لامع في 21 أيلول/سبتمبر عام 1994. Credit: John Chumack


ما هي احتمالية ضرب حجر نيزكي للأرض؟



حسب معهد علوم الكواكب Planetary Science Institute، فإنه من المتوقع أنّ 500 حجر نيزكي يصل إلى سطح الأرض كل سنة، ولكننا لا نستطيع استخراج أكثر من 10 منها، هذا ﻷن أغلبها يقع في الماء (محيطات، أو بحار، أو بُحيرات) أو في مناطق بعيدة، أو يصعب الوصول إليها، أو أنها لا تُلاحَظ عندما تسقط أساساً.

ملخص:


باختصار، يعتمد الفرق بين الكويكبات والشهب في النهاية على موقع كل منها؛ فتكون الكويكبات والنيازك موجودة في الفضاء. وإن دخلت الغلاف الجوي واحترقت، يصبح اسمها "شهبًا"، وإن وصلت إلى سطح الأرض يطلق عليها اسم "أحجار نيزكية". كل هذه الأجسام مكونة من نفس المواد الأساسية وهي المعادن والصخور وكل منها نشأ في الفضاء. يكمن الفرق بينها في مكان وجودها، ووقتِ رصدها.

الشهاب المتفجر الذي وقع على تشيليابنسك كما سجلته كاميرا سيارة من كامينسك أورالسكي، شمال تشيليابنسك، بينما كان الوقت لا يزال فجرًا
الشهاب المتفجر الذي وقع على تشيليابنسك كما سجلته كاميرا سيارة من كامينسك أورالسكي، شمال تشيليابنسك، بينما كان الوقت لا يزال فجرًا

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكواكب الصغرى (minor planets): هو جسم فلكي يدور في مدار مباشر حول الشمس، لكنه ليس بالكوكب ولا يُصنف في الأساس على أنه مذنب.
  • الكوكب الدقيق (planetesimal): هي تجمعات غير مصقولة من مواد صخرية التحمت ببعضها لتكوّن الكواكب.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات