كيف تنتج الشمس الطاقة؟

كيف تنتج الشمس الطاقة؟

 

تُمدّنا الشّمس يومياً بالنُّور و الطاقة و الحرارة اللازمة للحياة، فهل حصل و أنْ تساءلت عن كيفيّة إنتاج هذه الطاقة المجانية؟ تكمن الإجابة المختصرة عن هذا السؤال في جملة واحدة : تُنتِج الشّمسُ الطّاقة بعملية الاندماج النووي لذرات الهيدروجين في نواتها محولةً إياها إلى ذرات هيليوم. تحتوي نواة الشمس على كمية هائلة من ذرات الهيدروجين، يُنتِج اتحادُها خلال عملية الإندماج النووي ذراتِ هيليوم و كميةً عظيمة من الطاقةِ تَظهرُ على شكل حرارةٍ و إشعاعٍ ثم تنتقل هذه الطاقة من النواة إلينا، عبر النظام الشمسي. إن كنت ترى أن هذا مازال غير كاف لإرضاء فضولك، فإليك إذن شرحٌ مفصل لكيفية انتقال الطاقة من النواة إلى الأرض، و الأجسام الأخرى في النظام الشمسي.

 

تمتد نواة الشمس من المركز إلى حوالي ربع القطر الشمسي، بكثافة تبلغ \(150 g/cm^3\)، و حرارة تقارب 13600000 كلفن. و في إطار هذه الأبعاد، تَنتُج الطّاقةُ من اندماج نووي خلال سلسة من الخطواتِ تُدعى: سلسلة بروتون-بروتون (p-p)، محولةً الهيدروجين المؤين إلى هيليوم. و تُعدّ النواةُ الجزءَ الوحيدَ من الشّمسِ الذي ينتج قدراً معتبراً من الحرارة عبر الاندماج (99%). حيث تنتج تلك الطاقة الهائلة عن فقد في وزن النواة الناتجة عن الاندماج النووي، و هذا الفقد في الكتلة يتحول إلى طاقة طبقاً لمعادلة ألبرت أينشتاين التي تربط العلاقة بين الكتلة و الطاقة.

 

تعمل الطاقة المنتقلة خارج النواة على تسخين باقي النجم ابتداءً بالطبقات التي تليها. ثم تسافر الطاقة عبر العديد من الطبقات إلى الفوتوسفير الشمسي، قبل أن تصل إلى الفضاء كطاقة حرارية (في هذه الحالة، ضوء الشمس). و تحدث سلسة البروتون-بروتون حوالي \(9.2 ×10^{37}\) مرة كل ثانية. كما يُطلق دمج الهيدروجين إلى هليوم طاقة تعادل حوالي 0.7% من الكتلة المدمجة كطاقة، لذلك تطلق الشمس في تحوُّل الكتلة إلى طاقة ما يعادل 4.26 مليون طن متري بالثانية.

 

أما الطبقة التالية لنواة الشمس فهي المنطقة المشعة. حيث المادة الشمسية ساخنة و كثيفة بما يكفي ليكون الإشعاع الحراري هو كل ما نحتاجه لنقل الحرارة الشديدة إلى الخارج، إذ لا وجود للحمل الحراري. فالمادة تبرد بزيادة الارتفاع، و انحدار الحرارة أقل من معدل سقوط الحرارة، لذلك لا تستطيع خلق حمل حراري. لذا تنتقل الحرارة لأن أيونات الهيدروجين و الهيليوم تبعثُ فوتوناتٍ تسافر مسافة قصيرة ثم يعاد امتصاصها.

 

ثم تأتي المناطق ذات الحمل الحراري (convective zone)، حيث لا تكون البلازما الشمسية كثيفة أو ساخنة بما يكفي لنقل حرارة الداخل عبر الإشعاع. و هنا يحدث الحمل الحراري، و يبدو كأعمدة حرارية تحمل مادة ساخنة إلى الطبقة التالية، و هي الفوتوسفير. عندما تبرد المادة في الفوتوسفير، تغوص إلى قاعدة منطقة الحمل الحراري، و تستقبل حرارة أكثر من أعلى المنطقة الإشعاعية.

 

تنخفض الحرارة (بالمقارنة مع النواة) على سطح الشمس إلى 5700 كلفن، فيسبب الحمل الحراري المضطرب لهذه الطبقة من الشمس تأثيراً ينتِج أقطابا مغناطيسية شمالية و جنوبية على سطح الشمس.

 

تصل الطاقة أخيرا، إلى الفوتوسفير، و هو السطح المرئي من الشمس، حيث يكون ضوء الشمس المرئي حرا لينتشر في الفضاء ( ينتقل في الفضاء). تنتقل الطاقة عبر السطوح أو الأغلفة الجوية للأجسام في النظام الشمسي. و بالنسبة للأرض، يقوم الغلاف الجوي بتصفية لبعض الإشعاعات فوق البنفسجية فلا تصل إلينا، لكنه يسمح بمُرور قسم من الطاقة. هذه الطاقة ترتد بدورها عن السطح، لتنعكس عائدة بواسطة الغلاف الجوي، و بعد هذا الارتداد، تمتص الأرض بعضاً من الطاقة و يسخن كوكبنا.

 

أتمنى أن تكون قد أصبحت لديك الآن فكرة واضحة عن كيفية إنتاج الشمس للطاقة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات