مقدمة في الفيزياء الحرارية

هذا المقال هو الجزء الأول من سلسلة مقالات مرتبطة حول الفيزياء الحرارية. تسعى هذه السلسلة إلى تقديم شرح متكامل حول مفهوم الحرارة والطاقة الحرارية وتجلياتها في الكون، ودور الفيزياء في تدقيق مفهومها وشرح أساسياتها.

يمكنك الاطلاع على المقالات الأخرى بالترتيب من خلال الروابط التالية: الجزء الثاني، الجزء الثالث، الجزء الرابع، الجزء الخامس.
 

الحرارة ودرجة الحرارة


تتخلل الحرارة والطاقة ودرجة الحرارة جوانب حياتنا، فنحن نفكر بالبرودة والحرارة لنقرر ما الذي سنرتديه في الصباح، وفي المساء وعندما نأوي إلى الفراش، نفكر بهذه الأمور عندما نتخير بين اسخدام الأغطية أو عدمها، وإذا استخدمناها فكم سيكون عددها؟ وهل سنلتفّ بها أم ننام فقط تحتها للحفاظ على درجة الحرارة المناسبة لنا؟


يملك العديد منا أنظمة تدفئة وتبريد في المنازل والمدارس وأماكن العمل للتحكم بدرجة الحرارة ليلاً ونهاراً، حيث تؤمن لنا الراحة قدر الإمكان دون أن تكون كلفتها عالية جدا. فمثلاً نقوم بتركيب المراوح الثابتة أو المتنقلة للحفاظ على راحتنا، ويملك العديد منا سيارات مزودة بأنظمة تدفئة وتبريد للهواء، أضف إلى أن البعض لديهم في سياراتهم مقاييس لقياس درجة الحرارة داخل وخارج السيارة، فالكثير منا يستمع ويشاهد نشرات الطقس، خصوصاً درجات الحرارة المتوقعة، بكثير من الاهتمام، بحيث نتمكن من تقرير ما الذي سنرتديه أو ماذا سنفعل خلال الأيام المقبلة.


أجسامنا حساسة للغاية تجاه الحرارة والبرودة، حيث تعلمنا مبكراً في الحياة أنه يجب أن لا نلمس الوعاء الساخن على الموقد، ولا اللمبة المضاءة. درس في غاية الأهمية يترك انطباعاً لدينا مدى الحياة، وتعلمنا بأنه علينا الحذر حيال تذوق الأطعمة الساخنة أو وضعها في فمنا، تعلمنا كيفية استخدام أيدينا لتحسس الحرارة الصادرة عن مثل هذه الأطعمة وتعلمنا كيفية النفخ بهدوء في الطعام لتبريده.

يعرف منا من كان ذي جينات ضعيفة، أو غير المهتمين بعناية أسنانهم (أو كليهما) الألم الذي تسببه المثلجات عندما تضرب وتراً حساساً في سن مجوّف. جميعنا لدينا ذكريات حية عن أبوينا أثناء قيامهما بوضع مقياس الحرارة تحت ألسنتنا (أو في أي مكان آخر) ليحصلوا على درجة حرارة أجسامنا لمعرفة ما إذا كنا مصابين بالحمى. نعرف جميعنا تجربة التعرق، حيث تقوم أجسامنا بتشغيل آلية التبريد لديها عندما تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع، فلدى أجسامنا نطاق ضيق من درجات الحرارة يتوجب الحفاظ عليه، وأي خروج عن هذا النطاق يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الموت.

قضايا ساخنة وأسئلة صعبة


أصبحت قضايا الطاقة قضايا ذات اهتمام عالمي ووطني، فالساسة والعلماء يناقشون القضايا المرتبطة بمزودي الطاقة والطاقات البديلة وتأثير تبعيات طاقتنا على البيئة. فمثلا الاحتباس الحراري، من المواضيع الساخنة في الأوساط الوطنية والدولية، إذ كلما ارتفع سعر البنزين الأوكتان في محطات التعبئة، يتصاعد اهتمامنا بكفاءة نقل الطاقة، فيبحث العلماء بشغف عن وقود بديل، والذي عليه أن يكون بفعالية كلفته وصديق للبيئة على حد سواء. فنحن نسمع دائما عن أزمة طاقة أو عن نقص في الطاقة. في الوقت نفسه يشير العلماء إلى قانون حفظ الطاقة، تاركين العامة في حيرة حول الكيفية التي يمكن بها لشيء مصان أن يصاب بالنقص.

ماهي الحرارة ومن أين تأتي؟ كيف يعمل التبريد والتسخين؟ عندما يبرد شيء ما ماذا يفقد وماذا يكتسب؟ ماهي الحرارة وماهي البرودة؟ هل الحرارة ودرجة الحرارة هما الشيء ذاته؟ وماهي درجة الحرارة؟ كيف يقوم مقياس درجة الحرارة بقياسها؟ وماهي الطاقة ومن أين تأتي؟ ما المقصود بمصونية الطاقة؟ لماذا نحتاج هذا الشيء الذي ندعوه الطاقة؟ كيف يمكننا قياس الحرارة والطاقة؟ ماذا يحدث للطاقة بعد استخدامها؟


هذه بعض من الأسئلة التي نريد أن نلقي الضوء عليها خلال هذه الوحدة والوحدات القادمة من فيزياء الصف التعليمية. فكما هو الحال في قوانين الجاذبية، تبدو قوانين الطاقة والحرارة غير المكتوبة وكأنها تهيمن على السلوك الحراري لأجسامنا والأجسام المحيطة بنا، وكلنا نرغب بفهم هذا السلوك والقوانين التي يبدو أنها تسيطر عليه.


ولكن، يحتاج فهمنا هنا لأن يكون على المستوى المجهري والجسيمي. حيث يمكن شرح النماذج التي تمت ملاحظتها فيما يتعلق بدرجة الحرارة والحرارة والطاقة إذا فكرنا في المادة على المستوى الجسيمي، عندها سنكتشف أن سلوك الذرات والجزيئات- اللبنات الأساسية للمادة- هو الأساس في فهم الحرارة والطاقة.

 

لتبسيط الأمر، تتألف المادة من أجسام صغيرة الحجم وكأنها متصادمات و مذبذبات مصغرة، هذه الجسيمات (المتصادمات والمذبذبات) في حالة حركة مستمرة، وهي تتصادم ببعضها البعض وبجدران الحاوية، كما تتذبذب أيضاً حول موضع ثابت. السلوك الذي نلاحظه (على المستوى المجهري)، يُشرح بواسطة السلوك الذي لا يمكننا ملاحظته للمتصادمات والمذبذبات على المستوى الجسيمي.


جهودنا في هذا الفصل وما يليه ستنصب في فهم النموذج الملاحظ من السلوك الحراري وشرح مثل هذه النماذج من حيث الجسيمات التي تتألف منها المادة.
في المقال القادم سنتناول درجة الحرارة ومقاييسها.

 
شرح

بنزين الأوكتان: هو البنزين مرتفع رقم الأوكتان. حيث رقم أوكتان هو مقياس لمقدرة البنزين على مقاومة الاحتراق المبكر (طرقات المحرك). وهذا الرقم يقاس بالنسبة إلى خليط من 4,2,2- ثلاثي ميثيل بينتان (أحد متزامرات-isomer- الأوكتان) وإن-هيبتان. 


فمثلاً، 87% أوكتان تعني أن البنزين له كفاءة تشغيل مثل خليط من 87% أيزو أوكتان، 13% إن-هيبتان. بالطبع كلما ارتفع رقم الأوكتان ارتفعت مقاومة البنزين للاحتراق، وبالتالي ارتفعت جودته.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات