يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
سلسلة طبيعة الكون الجزء الثاني: حركة الأجرام السماوية

هذا المقال هو جزء من سلسلة طبيعة الكون، يمكنكم الإطلاع على أجزائها الأخري لاستكمال الفهم عبر الروابط التالية: الكرة السماوية وخرائط النجوم، تاريخ موجز للفلك، النظام الشمسي والأرض، التلسكوبات والأمواج الكهرومغناطيسية،  الكواكب الشبيهة بالأرض، القمر والكسوف والخسوف، الشمس.

 

سنناقش في هذا الفصل الحركة الظاهرية للأجرام السماوية، وسنفهم سبب حركة الشمس والقمر والكواكب في حين تبقى النجوم ثابتة.

حركة النجوم


يعلم الجميع أن الشمس تظهر من الشرق وتختفي في الغرب، وما هو معروف بدرجة أقل من ذلك أن كل شيء في السماء، بما فيه الأقمار والكواكب ومعظم النجوم تظهر أيضًا من الشرق وتختفي في الغرب، وتلك هي الحركة الرئيسة للأجسام في السماء، ويعود ذلك إلى دوران الأرض.

الحركة الرئيسة للأجسام في السماء
الحركة الرئيسة للأجسام في السماء


بإمكاننا أن نتخيل الأرض كمركز كرة كبيرة، تدعى الكرة السماوية، وأن الشمس والنجوم وغيرها تقع على محيط هذه الكرة، ولأن الأرض تدور من الغرب إلى الشرق، ستكون الحركة الظاهرية لكل شيء على هذه الكرة السماوية من الشرق إلى الغرب، وهذا هو سبب طلوع الشمس من الشرق.

وبإمكاننا أن شاهد أن هذه النجوم الواقعة بالقرب من قطب الكرة السماوية الشمالي لا تختفي أبدًا ويمكن تسميتها بالنجوم القطبية circumpolar stars، أحد هذه النجوم القطبية الذي يدعى "نجم القطب" Polaris ذا أهمية خاصة، لقربه الشديد من القطب السماوي الشمالي، ولذا يبدو ثابتًا. 

ويعتمد موضع نجم القطب بالنسبة إلى الأرض على خط العرض الذي يقف عليه المراقب، فعلى سبيل المثال بالنسبة لأشخاص في هونج كونج سيقع القطب في نقطة تشكل رأس زاوية 22.4° بين خط الأفق ومحور الأرض من جهة الشمال على سطح الأرض.

القطب السماوي الشمالي
القطب السماوي الشمالي


و بالمثل، لا تظهر بعض النجوم أبدًا. فالبشر في نصف الكرة الشمالي لا يمكنهم أبدًا رؤية النجوم القريبة من القطب السماوي الجنوبي، كما أنه ليس بإمكان البشر في نصف الكرة الجنوبي رؤية نجم القطب. ولسوء حظ سكان النصف الجنوبي، ليس هنالك نجم ساطع بالقرب من القطب الجنوبي السماوي.

وفيما يلي النمذجات الثلاث لما يمكن أن يُشاهد في نصف الكرة الشمالي، فالشكل الأول يشير إلى الشمال (لاحظ أن نجم القطب قليل الحركة)، والثاني والثالث يظهران حركة النجوم الأخرى في الجنوب والشرق على الترتيب.

حركة النجوم
حركة النجوم


حركة الشمس 


لا تتحرك النجوم في الكرة السماوية، فهي ثابتة. وبذلك يمكن اعتبار النجوم ثابتة بغض النظر عن حركة الأرض. (ملاحظة: الحقيقة أن بعض النجوم تتحرك في الكرة السماوية، وندعو ذلك بالحركة الصحيحة للنجوم proper motion، عادة ما تكون الحركة الصحيحة لنجم ما طفيفة ولا يمكن اكتشافها إلا في حال راقبنا النجم لعقود).

ومع ذلك، هنالك استثناء هام، فالشمس نجم أيضًا، إلا أنها تتحرك في الكرة السماوية، ويعود ذلك لدوران الأرض حولها، إذ تتحرك الشمس من الغرب نحو الشرق وتكمل دورة كاملة لها خلال عام، والمسار الذي تسلكه الشمس في الكرة السماوية يدعى مسار الشمس ecliptic والكوكبات الاثني عشر التي تمر بها الشمس تدعى دائرة البروج الفلكية.

 

(ملاحظة: يمر المسار الشمسي أيضًا ببرج حواء Ophiuchus ولكن نظرًا لأسباب تاريخية لا يدخل في دائرة البروج الفلكية). وتلك هي أصل الأبراج الفلكية في علم التنجيم، وخلافًا للاعتقاد الشائع، لا تتساوى الأزمنة التي تقضيها الشمس في كل كوكبة من المسار الشمسي. 


دائرة البروج
دائرة البروج


سؤال: ما هو اليوم؟ 


الإجابة: سيعرف معظم الناس اليوم بأنه الزمن المنصرم الذى تعود الشمس خلاله إلى الموضع نفسه بالنسبة إلى الأرض، مثلًا: من منتصف يوم معين وحتى منتصف اليوم الذي يليه. وتعمل الساعة الشمسية على هذا الأساس تمامًا، ويحدد ذلك اليوم الشمسي. وهنالك تعريف آخر أقل شيوعًا، إذ يمكن أن نطلق على عودة نجوم أخرى إلى الموضع ذاته تسمية يوم. وهذا هو اليوم الفلكي sidereal day، ونظرًا لدوران الأرض، يكون اليوم الشمسي أطول من اليوم الفلكي، فعلى وجه التقريب في العام 365 يوم شمسي في حين يبلغ عدد أيام العام 366 يوم فلكي، فهل تعرف السبب؟


اليوم الشمسي أطول من اليوم الفلكي
اليوم الشمسي أطول من اليوم الفلكي


وغالبًا ما تأتي الإجابة على النحو التالي: في السنة تقريبًا 365.2422 يومًا شمسيًا، ولتعويض الزيادة التي تعادل 0.24222 يومًا، سيكون عدد أيام بعض الأعوام 365 يومًا في حين يكون عدد أيام بعض الأعوام 366 يومًا (وتدعى بالكبيسة leap year) ويضاف اليوم الزائد إلى نهاية شهر شباط/فبراير كل أربعة أعوام، وبفعل ذلك نحن نضيف الكثير.

 

ومن هنا، لا يضاف هذا اليوم الإضافي كل مئة عام، إنما تتم إضافته مرارًا كل أربعمئة عام، وعلى سبيل المثال، سيكون شهر شباط/فبراير 29 يومًا في الأعوام 1988، 1992، 1996، 2000، 2400، 2800، إلخ. إلا أنه لن يكون 29 يومًا في الأعوام 1997، 1998، 1999، 1800، 1900، 2100، 2200، إلخ. ويدعى ذلك بالتقويم الجريجوري Gregorian calendar، وباستخدام التقويم الجريجوري لن يتجاوز الخطأ المتراكم في الـ 3000 سنة القادمة يومًا شمسيًا واحد.

الأمر مشابه لذلك بالنسبة إلى الحركة الظاهرية للقمر، فالزمن الفاصل بين تعاقب الأقمار الكاملة يشكل الشهر القمري synodic month، والذي هو 29.5 يوم. لاحظ أن التقويم الصيني يعتمد على كل من حركة الشمس والقمر، وليس على حركة القمر فحسب. 

لم ننته من مسألة الشمس بعد، فبما أن محور دوران الأرض يميل عن محور دوران الكرة السماوية  بـ 23.5 درجة، ستشرق الشمس من جهات مختلفة في مختلف أوقات العام.

محور دوران الأرض يميل عن محور دوران الكرة السماوية  بـ 23.5 درجة
محور دوران الأرض يميل عن محور دوران الكرة السماوية بـ 23.5 درجة


وعلى غرار خط الاستواء على الأرض، لدينا خط الاستواء السماوي على الكرة السماوية، حيث يتقاطع مسار الشمس مع خط الاستواء بزاوية 23.5 درجة. ونقطتا التقاطع هما: الاعتدال الربيعي vernal equinox والاعتدال الخريفي autumnal equinox. أما أبعد نقطتين في مسار الشمس عن خط الاستواء فتشكلان الانقلاب الصيفي summer solstice والانقلاب الشتوي winter solstice، وتمر الشمس عبر نقاط الاعتدال الربيعي والانقلاب الصيفي والاعتدال الخريفي والانقلاب الشتوي عادة في الـ 21 من شهر آذار/مارس والـ21 من شهر حزيران/يونيو والـ 21 من شهر أيلول/ سبتمبر والـ 21 من شهر كانون الأول/ديسمبر على الترتيب.

 

الانقلابات
الانقلابات

 

وحين تكون الشمس في فترة الانقلاب الصيفي، فإنها تشرق فوق نصف الكرة الشمالي، ليتلقى الكثير من أشعة الشمس ويصبح أكثر دفئًا، ومن هنا كان فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي .لاحظ أنه الشتاء في نصف الكرة الجنوبي حين تكون الشمس في فترة الانقلاب الصيفي. ففي فترة الانقلاب الصيفي، تشرق الشمس من أقصى نقطة في الشمال، أما في فترة الانقلاب الشتوي فتشرق من أقصى نقطة من الجنوب. ولهذا السبب يكون لدينا أيام طويلة الضياء وظلال قصيرة في حين يحصل العكس شتاء.

الخط الاستوائي للكرة السماوية
الخط الاستوائي للكرة السماوية


حركة الكواكب 


اعتبر القدماءُ الكواكب المتحركة على الكرة السماوية "نجومًا". وعمليًا، تتحرك الكواكب بسبب دورانها حول الشمس أيضًا. وهنالك تسعة كواكب أساسية هي: عطارد، والزهرة، والأرض، والمريخ، والمشترى، وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو، إضافة إلى العديد من الكواكب الثانوية.

ويعد كل من عطارد والزهرة كواكب داخلية inner planets إذ تقع مداراتهما داخل مدار الأرض. ولهذا عند مشاهدتهما من الأرض لا يبدوان بعيدين أبدًا عن الشمس، إذ يتأرجحان من شرق الشمس إلى غربها فحسب وهكذا دواليك، وبإمكاننا مشاهدتهما فقط قبل شروق الشمس أو بعد غروبها مباشرة.


نجم الصباح
نجم الصباح


وبما أن الزهرة هو ثالث الأجسام لمعانًا في السماء (بعد الشمس و القمر)، ففي حوزتنا أسماء خاصة به. فخلال الفترة التي نستطيع مشاهدته فيها قبل شروق الشمس، ندعوه بنجم الصباح، وتستمر هذه الفترة تقريبًا 100يوم، أما حين يكون بإمكاننا مشاهدته بعد غروب الشمس فندعوه بنجم المساء.

نجم المساء
نجم المساء


تدعى الكواكب الأخرى (المريخ، والمشترى، وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو) بالكواكب الخارجية outer planets. ونظرًا لدورانها الخاص، فهي تتحرك من الغرب إلى الشرق معظم الأوقات، ما ندعوه حركة الكواكب المباشرة prograde motion وهي حركتها من الغرب إلى الشرق، ولأن السرعة المدارية لكوكب الأرض أعلى، فإنها أحيانًا تدرك الكواكب الخارجية، الأمر الذي يبدو وكأنها تتحرك بالاتجاه المعاكس، من الشرق إلى الغرب ويدعى ذلك بالحركة الارتدادية retrograde motion. والكواكب الداخلية لديها أيضًا كلٌ من الحركتين المباشرة والارتدادية).

و عادة ما تستمر الحركة الارتدادية لكوكبٍ خارجي من أسابيع وحتى شهور، ولذلك فإن مشاهدتها غير ممكنة في ليلة واحدة.

 

حركة الكواكب المباشرة prograde motion وهي حركتها من الغرب إلى الشرق
حركة الكواكب المباشرة prograde motion وهي حركتها من الغرب إلى الشرق

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المستوي الشمسي (Ecliptic): هو مستوي مدار الأرض حول الشمس.

اترك تعليقاً () تعليقات