يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
سلسلة طبيعة الكون الجزء السادس: التلسكوبات والأمواج الكهرومغناطيسية

هذا المقال هو جزء من سلسلة طبيعة الكون، يمكنكم الاطلاع على أجزائها الأخرى لاستكمال الفهم عبر الروابط التالية: الكرة السماوية وخرائط النجوم، حركة الأجرام السماوية، تاريخ موجز للفلك، النظام الشمسي والأرض، الكواكب الشبيهة بالأرض، القمر والكسوف والخسوف، الشمس.

كان غاليليو أول شخص استخدم التلسكوب لمراقبة السماء. سنتعرف في هذا المقال على التلسكوبات وما هي طبيعة الضوء والأمواج الكهرومغناطيسية.

لماذا نحن بحاجة إلى تلسكوب؟


معظم الأجسام في السماء معتمة جداً، يجمع التلسكوب بفاعلية الضوء ويركّزه لنراه. وهكذا، فإن التلسكوب ذو منطقة التجميع الأكبر، والذي يكون عادةً بمرآة أو عدسة رئيسية أكبر، ويكون أكثر قوة. وهذا هو السبب الرئيسي في تفضيلنا للتلسكوبات الكبيرة.

تُحسّن التلسكوبات الكبيرة أيضاً الدقة resolution، إذ يمكننا أن نرى الأجسام بوضوح أكثر حتى لو بقي حجمها الظاهري نفسه. وهذا يماثل، ولكنه لا يكافئ، رؤية جسم مختل التعديل البؤري.

هناك ثلاثة أنواع من التلسكوبات: التلسكوبات الانكسارية refractors، والتلسكوبات العاكسة reflectors، والتلسكوبات الانعكاسية الانكسارية catadioptric telescopes والتلسكوبات الانكسارية، تُستخدم عدساتٌ لتوجيه الضوء إلى نقطةٍ تسمى البؤرة focus لتتم الرؤية. وفي التلسكوبات العاكسة، تُستخدم مرآة عوضاً عن ذلك. ويُستخدم في التلسكوبات الانعكاسية الانكسارية عدسة تسمى لوحة تصحيح correcting plate ومرآة. يبين الشكل التالي التصاميم البصرية الأساسية للتلسكوبات الثلاثة.

Reflective Coating: طلاء عاكس
Reflective Coating: طلاء عاكس


وبالإضافة إلى العدسة أو المرآة الرئيسية، يوجد عادةً مرايا عدة لجعل التركيز في مكانٍ مناسب، كما هو مبين في الرسوم البيانية أدناه.

التصاميم البصرية الأساسية للتلسكوبات الثلاثة
التصاميم البصرية الأساسية للتلسكوبات الثلاثة


مفاهيم خاطئة شائعة


  1.  يعتقد الناس عادةً أن التلسكوب الأكبر يُكبّر الجسم أكثر. إنّ التكبير هو نسبة الأحجام الظاهرة apparent sizes للجسم. على سبيل المثال، إذا كان الحجم الزاوي angular size للجسم هو دقيقة قوس واحدة وأصبح حجمه الظاهر من خلال التلسكوب 30 دقيقة قوس، فإن التكبير هو 30.

    ويمكن تغيير التكبير في أي تلسكوب بسهولة (عن طريق تغيير العدسة العينية للمجهر). ونادراً ما يزيد التكبير -حتى بالنسبة لأكبر التلسكوبات- عن 500. وعادةً ما يتراوح التكبير بين 100 إلى 200. وبالتالي، فإن التلسكوبات الكبيرة لا تكبّر أكثر، وإنما تُظهر الصور أكثر إشراقاً ووضوحاً.
     
  2.  إلى أي مدى يمكنك أن ترى باستخدام هذا التلسكوب؟ هذا ليس سؤالاً محدداً على نحوٍ جيد. إذا كان الجسم مشرقاً بما فيه الكفاية، فبإمكاننا -بغض النظر عن بعده- أن نراه. لذلك، يكون السؤال الصحيح هو "ما درجة عتامة الجسم الذي يمكن رؤيته باستخدام هذا التلسكوب؟''.


إن قاعدة التلسكوب أمر مهم جداً أيضاً. ففضلاً عن توفير دعم ثابت، يجب أن تكون القاعدة قادرة على تتبع النجوم على نحو مكافئ لدوران الأرض.

تلسكوبات الضوء المرئي
تلسكوبات الضوء المرئي


ناقشنا حتى الآن تلسكوبات الضوء المرئي. إلا أنّ هناك أيضاً تلسكوبات لموجات الراديو والأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية وأشعة غاما، ويمكن أن تكون هذه التلسكوبات مثبتة بالقاعدة أو تدور حول الأرض. ومن مزايا التلسكوبات الفضائية أنها لا تتأثر بالغلاف الجوي، مثل حالات الطقس أو الاضطرابات الجوية. وفيما يلي صورة التلسكوب أريسيبو Arecibo، وهو أكبر تلسكوب موجات راديوية (من حيث مدى المنطقة التي يغطيها)، معلّقاً فوق وادٍ في بورتوريكو ويبلغ قطره 300 متر.

بتصريح من ناسا
بتصريح من ناسا


خصائص الضوء


إنّ الأمواج الراديوية والأشعة تحت الحمراء والضوء المرئي.. إلخ، جميعها أشكال مختلفة من الأمواج الكهرومغناطيسية (موجة EM). تشكل المجالات الكهربائية والمغناطيسية المتأرجحة موجة كهرومغناطيسة ذات قمم وقيعان مماثلة لتلك الموجودة في موجات المياه. إنّ سرعة الضوء c هي نفسها لجميع أنواع الأمواج الكهرومغناطيسية في الفراغ (c = 299792450 متر/ثانية).

 

وتسمى المسافة بين قمم متتالية من نوع واحد من الأمواج بالطول الموجي wavelength، أما عدد الدورات التي تمر في ثانية واحدة هو التردد frequency. وتكون العلاقة بينهما في الأمواج الكهرومغناطيسية: 
c = الطول الموجي × التردد

إنّ كل لون في قوس قزح لديه تردد محدد.

الأمواج الكهرومغناطيسية
الأمواج الكهرومغناطيسية


تتراوح الأطوال الموجية للضوء المرئي من 400 نانومتر إلى 700 نانومتر. ولأمواج الأشعة تحت الحمراء والراديوية أطوال موجية أكثر طولاً ولكن ترددات منخفضة؛ وللأشعة فوق البنفسجية وأشعة غاما أطوال موجية أقصر وترددات أعلى. ويبين الرسم البياني أدناه أعتام الغلاف الجوي للأمواج الكهرومغناطيسية بترددات مختلفة. ويمكننا رؤية أن الغلاف الجوي للأرض غير شفاف -على سبيل المثال- بالنسبة لأشعة غاما، إلا أنّه شفاف للضوء المرئي. لذلك، علينا أن نضع تلسكوبات أشعة غاما في الفضاء.

1
1


كيف يمكننا إنتاج الضوء؟ مجرد القول "فليكن هناك ضوء" لن يفي بالغرض. ومع ذلك، عندما نقوم بتسخين شيءٍ ما فإنه سيشع موجات كهرومغناطيسية. عندما يكون الجسم غير ساخن بدرجة كبيرة، سيكون أحمر اللون. أما إذا ازداد سخونة، سيكون أصفر اللون ثم يصبح أبيض فأخضر وفي النهاية أزرق مع ازدياد سخونته.

إنتاج الضوء
إنتاج الضوء

 

يشع الجسم بغض النظر عن درجة حرارته أمواج كهرومغناطيسية بتردداتٍ عدة. إذا رسمنا شدة الإشعاع المنبعثة عند كل تردد، فسنحصل على طيف إشعاع. يطلَق على طيف الإشعاع هذا طيف الجسم الأسود black body spectrum. 

بالنسبة للجسم الدافئ، تكون ذروة الطيف باللون الأحمر. وإذا كان أكثر سخونة، تكون بالأصفر.. إلخ. وهكذا، يمكننا معرفة درجة حرارة سطح نجم من لونه.

2
2


إنّ الطيف الوارد في الشكل أعلاه مستمر في التردد ولكنها ليست الحالة الدائمة. قد يكون لطيف النجم خطوط امتصاص absorption lines أو خطوط انبعاث emission lines، وذلك لأن الذرات عند الضغط المنخفض قد تبعث أو تمتص الضوء بأطوال موجية معينة. وإذا مرت بعض الأمواج الكهرومغناطيسية ذات الطيف المتواصل عبر بعض الذرات منخفضة الضغط (مثل الغلاف الجوي الخارجي للنجم)، فإن تلك الذرات ستمتص الضوء الذي تحبه وتكوّن خط امتصاص.

 

3
3

 

وبالمثل، إذا انبعثت موجات كهرومغناطيسية من بعض الذرات منخفضة الضغط، فإنها سوف تكوّن خطوط انبعاث، وللعناصر المختلفة مجموعات مختلفة من الخطوط. ومن خلال التحليل الدقيق لطَيفٍ من النجوم، يمكننا معرفة العناصر التي قد تحتويها أسطح تلك النجوم.

4
4


تأثير دوبلر Doppler Effect


عند اقتراب مصدر موجات منك، فإن الموجة المقتربة منك تكون ذات تردد أعلى (طول موجي أقصر) مقارنةً فيما لو كان المصدر ثابتاً. وإذا كان المصدر مبتعداً عنك، فإنك سترى موجة بتردد منخفض (طول الموجة طويل) وهذا ما يسمى بتأثير دوبلر.

 

ويطلق على الحالتين المذكورتين في علم الفلك، الانزياح نحو الأزرق blue-shifted أو الانزياح نحو الأحمر red-shifted. حيث يقع الأزرق والأحمر، على التوالي، بالقرب من نهايات الترددات العالية والمنخفضة من الطيف المرئي. وإذا كانت سرعة المصدر v ليست كبيرة بالمقارنة مع c، تكون نسبة التغير في طول الموجة:


(الطول الموجي الملاحظ - الطول الموجي الأصلي)/الطول الموجي الأصلي= v/c

حيث v هي سرعة المصدر المبتعد عنك. من خلال مقارنة خطوط الامتصاص من النجوم مع تلك التي تم الحصول عليها في المختبر، يمكننا معرفة ما إذا كان النجم يتحرك مقترباً أو مبتعداً عنا ومدى سرعته.

يمكننا معرفة ما إذا كان النجم يتحرك مقترباً أو مبتعداً عنا ومدى سرعته
يمكننا معرفة ما إذا كان النجم يتحرك مقترباً أو مبتعداً عنا ومدى سرعته


سطوع نجمي


نستخدم مقدار اللمعان البصري visual magnitude المعروف أيضاً باسم مقدار اللمعان الظاهري apparent magnitude، للدلالة على لمعان النجم، وهو مقياس لوغاريتمي لشدة اللمعان. وبالتالي، فإن كلاً من المقدار وشدة اللمعان intensity مقياسان لسطوع النجم. وعلى وجه التحديد، إذا كان النجم A أكثر إشراقاً من النجم B بـِ 100 مرة، فإن الفرق بين مقدار النجمين A و B هو 5. 


\(mB - mA = 5\)

لاحظ أنه كلما كان النجم أكثر خفوتاً كانت قيمة المقدار أكبر. نقوم باختيار نجم ثابت بشكل عشوائي كمرجع وتحديد مقدار لمعانه بصفر، ويكون النجم ذو المقدار 1 هو أكثر خفوتاً بـ 2.51 مرة. وبالمثل، فإن النجم ذو المقدار 5 أكثر خفوتاً بـِ 100 حيث 2.51 للأس 5= 100. والعلاقة بين شدة اللمعان I والقدر m هي: 


\(m = - 5/2 log 10 ( I / I 0) \)

(ما هو I 0؟) يوضح الشكل التالي مقدار لمعان بعض الأجسام الشائعة.


يوضح الشكل مقدار لمعان بعض الأجسام الشائعة.
يوضح الشكل مقدار لمعان بعض الأجسام الشائعة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الامتصاص (absorption): العملية التي يقوم من خلالها الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر بإعطاء طاقته إلى ذرة أو جزيء.
  • الإصدارية (Emission): هي كمية الضوء، أو بشكلٍ عام الإشعاع الكهرومغناطيسي، الناتجة عن ذرة ما أو جسم آخر. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات