يصف الطيف الكهرومغناطيسي جميع أطوال الأمواج الضوئية، بدءًا من السُدم المظلمة إلى النجوم المتفجّرة فهو يُظهر عالَماً كان ليكون غير مرئيّ لولاه.
عندما تفكر بالضوء فأنت غالبًا تفكر بما بإمكان عينيك رؤيته، ولكن الضوء الذي تتحسسه أعيننا هو فقط البداية، فهو يمثل جزءًا صغيرًا جدًا من مجموع الأضواء التي تحيط بنا، ويَستخدم العلماء مصطلح الطيف الكهرومغناطيسي electromagnetic spectrum لوصف النطاق الكامل للضوء الموجود، بدءًا من الأمواج الراديوية وانتهاءً بأشعة غاما، فإنّ معظم الضوء المتواجد في الكون هو في الحقيقة غير مرئيّ بالنسبة لنا.
الضوء عبارة عن موجات من الحقول الكهربائية والمغناطيسية المتناوبة، ولا يختلف انتشار الضوء كثيرًا عن عبور الأمواج للمحيطات. وككل الموجات الأخرى، يمتلك الضوء بعض الخواص الأساسية التي تصفه، إحدى هذه الخواص هي التردد frequency (واحدته الهيرتز Hertz) والذي يمثل عدد الموجات التي تمر بنقطة ما في الثانية الواحدة، خاصية أخرى هي الطول الموجي wavelength وهو المسافة بين قمتين متتاليتين. وتربط هاتين الخاصيتين علاقة عكسية حيث إنّه كلّما ازداد التردد قَلّ الطول الموجي، والعكس صحيح.

تقع ترددات الموجات الكهرومغناطيسية التي تستطيع أعيننا التقاطها (الضوء المرئي) بين 400 و790 تيراهيرتز (THz) وهذا يشير إلى عدة مئات تريليونات المرّات في الثانية الواحدة. ويمثل الطول الموجي حجم فيروس كبير يتراوح من 390 إلى 750 نانومتر (1 نانومتر = 1 على مليار من المتر). وتفسّر أدمغتنا الأطوال الموجية المختلفة بألوان مختلفة، حيث يمتلك اللون الأحمر أكبر طول موجي، والبنفسجي الأقصر.
وعندما نمرر أشعة ضوء الشمس من خلال موشور زجاجي، نرى أنّه في الحقيقة يتكون من العديد من الأطوال الموجية الضوئية، حيث يخلق الموشور قوس قزح من خلال إعادة توجيه كل طول موجي بزاوية مختلفة قليلًا.

ولكن الضوء لا يقتصر على الأحمر أو البنفسجي، فكما توجد أصواتٌ لا يمكننا سماعها (ولكن بإمكان حيواناتٍ أخرى سماعها) فهناك أيضًا نطاقٌ واسعٌ من الضوء لا يمكن لأعيننا تحسسه. عامّةً، تأتي الأطوال الموجية الطويلة من أكثر الأماكن برودةً وظلامًا في الفضاء، في حين أنّ الأطوال الموجية القصيرة ترمز لأكثر الأحداث المفعمة بالطاقة.
يستخدم الفلكيون المدى الكامل للطيف الكهرومغناطيسي لمراقبة العديد من الأشياء. فتُستخدم الموجات الراديوية والموجات الميكروية (أكبر الأطوال الموجية، وأصغرها طاقةً) للتدقيق داخل السحب بين النجمية الكثيفة وتعقّب مسار الغازات الباردة والمظلمة. أما التلسكوبات الراديوية فقد استُخدِمت لوضع خرائط لبُنية مجرتنا، بينما تتحسس التلسكوبات الميكروية بقايا وهج الانفجار العظيم.

تتفوق تلسكوبات الأشعة تحت الحمراء في إيجاد النجوم الخافتة ذات الحرارة المنخفضة من خلال عبور تجمعات الغاز بين النجمي. بالإضافة إلى ذلك، فهي تُستخدم في قياس درجات حرارة الكواكب في الأنظمة الشمسية الأخرى. كما أنّ الطول الموجي للأشعة تحت الحمراء كبيرٌ بما فيه الكفاية للتحرك خلال السحب التي كانت ستَسُدُّ مجال رؤيتنا. وباستخدام تلسكوبات الأشعة تحت الحمراء العملاقة فقد استطاع الفلكيون عبور طُرق الغبار الضيقة للوصول إلى مركز مجرتنا.

تبعث معظم النجوم طاقتها الكهرومغناطيسية على هيئة ضوءٍ مرئيٍّ، وهو الجزء الصغير من الطيف الكهرومغناطيسي الذي تستطيع أعيننا التقاطه. ولأنّ الطول الموجي يرتبط بالطاقة، فإنّ لون النجمة يخبرنا عن حرارتها، حيث إنّ النجوم الحمراء هي الأبرد، والزرقاء هي الأكثر حرارة. وأقل النجوم حرارةً (أبردها) تبعث بالكاد أي ضوء مرئي، لذلك يمكن رؤيتها فقط بواسطة تليسكوبات الأشعة تحت الحمراء.
نجد الأشعة فوق البنفسجية (Ultraviolet) عند أطوال موجية أصغر من البنفسجي. وقد تكون على درايةٍ بالأشعة فوق البنفسجية لقدرتها على إحداث حروقات الشمس في جلدك. يستخدمها الفلكيون لاصطياد أكثر النجوم المفعمة بالطاقة، ولتحديد أماكن ولادة النجوم. وتختفي معظم النجوم والغازات عند مراقبة مجرات بعيدة باستخدام تلسكوبات الأشعة فوق البنفسجية في حين تظهر جميع أماكن تشكّل النجوم بوضوح.

وبعد الأشعة فوق البنفسجية تأتي أعلى الطاقات في المجال الكهرومغناطيسي وهي الأشعة السينية أو الإكس راي (X Ray) وأشعة جاما (Gamma Rays). يقوم غلافنا الجوّي بحجب هذه الأشعة، ولذلك يعتمد الفلكيون على التلسكوبات الفضائية لالتقاطها.
تأتي أشعة إكس راي من النجوم النيترونية (Neutron Star) الاستثنائية، أو من دوامة المواد فائقة الحرارة التي تدور حول الثقوب السوداء (Black Holes)، أو من اندماج سحب الغاز في عناقيد المجرات التي تصل حرارتها إلى مئات الملايين من الدرجات. وعلى الجانب الأخر، تكشف أشعة جاما (وهي أقصر طول موجي للضوء ومميتة للبشر) انفجارات المستعرات الفائقة (السوبرنوفا)، والتحلّل الإشعاعي الكوني، وحتى تفاعلات المادة المضادة.
وتُعدُّ انفجارات أشعة غاما واحدة من أعنف الأحداث المفردة في الكون، وهي عبارة عن وميض وجيز لأشعة جاما الصادرة عن المجرات البعيدة عند انفجار نجمة ما وتحولها إلى ثقب أسود.

خلاصة القول: يصف الطيف الكهرومغناطيسي جميع الأطوال الموجية للضوء، المرئية وغير المرئية. وكلما قلّ الطول الموجي ازدادت طاقة الضوء.
وباستخدام تيليسكوبات حساسة لنطاقات مختلفة من الطيف يحصل الفلكيون على لمحة عن مجموعة كبيرة من الأجسام والظواهر المتواجدة في الكون.