انضمت إلى المجموعة ثلاثة نجوم مُغنية جديدة، لكنه من غير المرجح أن تسمع غناءها عبر الراديو. اكتشفت مجموعة من العلماء، يقودها إيريك ميتشل Eric MMichel، المواهب الغنائية لثلاثة نجوم قريبة HD49933 وHD181420 وHD181906، تتميز بكونها أكبر من شمسنا وأكثر سخونة منها، وتوصل العلماء إلى هذا الاكتشاف بواسطة بيانات من تلسكوب كوروت CoRoT الفضائي.
وقد قام ميتشل وزملاؤه بحساب دقيق للذبذبات الصوتية النابعة من تلك النجوم، والتي لا تتميز بإصدار صوت غريب فقط، لكنها قد تكشف كذلك عن معلومات مهمة حول كيفية تطور النجوم كلها.
يستمع العلماء إلى شمسنا منذ سبعينات القرن الماضي، عندما بدأ البحث في علم الزلازل الشمسية (helioseismology) . فقد كشف لنا علم الزلازل الأرضية (وهو علم يدرس كيفية تحرك الموجات الناتجة عن الهزات الأرضية) عن معلومات مهمة حول بنية الأرض، وكذلك الأمر بالنسبة لعلم الزلازل الشمسية، فهو يَستخدم ذبذبات الشمس لفهم البنية الداخلية لها.
والنجوم هي عبارة عن كرات ضخمة من الغاز تتماسك مع بعضها البعض بموازنة دقيقة بين الجاذبية التي تسحب الغاز إلى الداخل، والطاقة النووية الناشئة في مراكز النجوم والتي تدفع الغاز إلى الخارج، تنتقل هذه الطاقة خلال النجم بواسطة إشعاع في الطبقة الداخلية، وبالحمل الحراري (مثل تسخين وعاء مملوء بالماء فوق موقد) في الطبقة الخارجية، وهناك جزء من الطاقة يُغادر الشمس على شكل ضوء، أما البعض الآخر فينعكس عن السطح ويعود إلى الجزء الداخلي للنجم.
وتُسبب هذه الموجات المنعكسة من الطاقة اهتزازَ طبقة الحمل الحراري، فيستطيع علماء الزلازل الشمسية الذين يرصدون ذبذبات سطح النجم، فهْم كيفية تحرك الأمواج في الجزء الداخلي من النجم.
عندما يُفكر معظمنا في موجات الصوت، فإننا نتخيل أشكال موجات ناتجة عن العزف على وتر غيتار. تنشأ الموجة المستقرة (Standing Wave) عندما ترتدّ الموجة الابتدائية عند النهاية الثابتة للوتر، وتبدو بعض النقاط على الوتر وكأنها ثابتة وفقاً للموجة المستقرة (وتدعى العُقد)، في حين يهتز باقي الوتر بين هذه النقاط بالشكل المألوف لدالة الجيب (sine-function) ، وقد تحدث الموجات المستقرة في أوضاع مختلفة حسب ترددات الرنين للجسم المُهتز.
تحدث الموجات المستقرة أيضاً بشكل ثنائي الأبعاد، وذلك عندما تنتقل الاهتزازات عبر سطح ما. في الفيديو التالي، تُستخدم حبيبات أرز مستقرة على ورقة موضوعة على سماعات، وذلك بقصد إظهار كيفية تغير أوضاع الاهتزاز بتغير ترددات الصوت، حيث تُدفع حبيبات الأرز بعيداً عن المناطق المهتزة باتجاه العُقد. وكما تصف دالة الجيب الموجات المستقرة في بُعد واحد، تصف دوال بيسل Bessel functions أوضاع الاهتزاز ثنائية الأبعاد، أما بالنسبة لوصف الاهتزاز في ثلاثة أبعاد فهو أكثر صعوبة، ويحتاج إلى استخدام توافقيات كروية (Spherical Harmonics).
يستطيع علماء الزلازل الفلكية (Astroseismologists) رؤية اهتزاز الأمواج على سطح النجم فقط، حيث تتذبذب بعض المناطق، في حين تبقى مناطق أخرى ساكنة (العُقد). ويُعتقد أنه من الممكن أن تمتلك النجوم، ومن ضمنها شمسنا، عدة أوضاع للاهتزاز، وأن كل وضع يَنتُج عن مسارات ارتداد مختلفة عبر الجزء الداخلي من النجم، وبما أن الأمواج تتأثر بتركيبة الوسط الذي تنتقل خلاله، فإن كل وضع من أوضاع الاهتزاز يمثل عينةً مختلفةً من داخل النجم.
تمتلك الشمس ملايين الأوضاع المرئية، ولذلك بُني نموذج مفصل لبنية الشمس الداخلية، إلا أنه لم يتم التأكد من قابلية تطبيق هذا النموذج على نجوم أخرى غير الشمس. أُنجزت أول خطوة ذات أهمية كبيرة في علم الزلازل الفلكية، مع رصدٍ للنبض النجمي لنجم ألفا سنتوري أ (Alpha Centauri A) ، وهو نجم قريب يمتلك خصائص مشابهة جداً للشمس. لكن لم يكن هناك تقدم بالغ في ذلك إلى أن أصبحت تلسكوبات فضائية مثل كوروت متوفرة، مما سمح بقياس بيانات أكثر دقة ولفترات أطول.
استخدم ميتشل وزملاؤه بيانات تُكافئ ما يزيد عن 60 يوم من بيانات تلسكوب كوروت للنجم HD49933، وبياناتٍ بقدر 156 يوم للنجمين HD181420 وHD181906، مقارنةً مع بيانات خمسة أيام استُخدمت لرصد ذبذبات ألفا سنتوري أ. وأكدوا أن هذه النجوم الأثقل والأكثر سخونة من شمسنا، تصدر نفس الذبذبات النجمية أيضاً، وفوق ذلك، كانوا قادرين على قياس اتساع (Amplitude) الذبذبات بدقة، ووجدوا أنه على الرغم من كون هذه القيم أكبر من اتساع ذبذبات الشمس، إلا أنها كانت أصغر بـ 25% مما توقّعته النماذج النجمية.
أغاني هذه النجوم، بالإضافة إلى الأغاني الأخرى التي سنسمعها بواسطة تلسكوبات فضائية مثل كوروت وكبلر- الذي سينطلق قريباً - كلها ستُحسن فهمنا لبنية النجوم، وكيفية تطور محركات الكون هذه.
وفي نهاية المطاف، قد يؤدي ذلك إلى فهم أفضل لمسألة كيف وجودنا هنا. كان الكون البدائي يحوي الهيدروجين والهيليوم فقط، وأُنتجت كل العناصر الضرورية للحياة مثل الأوكسجين والنيتروجين والكربون من تفاعلات اندماج (Fusion) داخل النجوم، من ثَمّ، لسنا فقط مصنوعين من غبار النجوم (كما يقول المثل) لكن، وعبر الإصغاء إلى أغاني النجوم، قد نتمكن من معرفة كيف صُنع ذلك الغبار.