تايتان

القمر تايتان هو أكبر أقمار زحل المؤكَّد اكتشافها إلى الآن، والبالغ عددها 53 قمراً (هنالك 9 أقمار يجري التأكد من وجودها)، وهو عالَم متجمّد ومحاط بغلاف جوي ضبابي وسميك يحجِب سطحه. تمت دراسة تايتان بتفصيلٍ كبير قبل بضعة أعوام من قِبل مهمة (كاسيني - هويغنز) التي وصلت إلى زحل في العام 2004.

 

يُعتبر تايتان ثاني أكبر الأقمار الموجودة في النظام الشمسي، ويبلغ قطره عند خط الاستواء حوالي 2575 كيلومتر (1600 ميل)؛ فهو أكبر من قمر الأرض، بل وحتى أكبر من كوكب عطارد نفسه. ولا يفوقه حجماً إلا قمر المشتري غانيميد الذي يزيد قطره عن القمر تايتان بحوالي 112 كيلومتر فقط (62 ميل).

 

تبلغ درجة الحرارة فوق سطح تايتان حوالي 178 درجة سيلسيوس تحت الصفر (289 درجة فهرنهايت تحت الصفر). وعند درجة حرارة التجمد الشديدة هذه، فإنّ الجليد يكون بصلابة الصخر، مع العلم أنّ أكثر صخور تايتان مكوَّنة من جليد الماء.

 

يدور تايتان في مدار يبلغ حوالي 1.2 مليون كيلومتر (745000 ميل)، وهو يحتاج بالتالي إلى 16 يوم لإتمام دورة كاملة على مداره. ولتايتان أهمية كبيرة بالنسبة للعلماء، ذلك لأنه المكان الوحيد في النظام الشمسي المعروف عنه امتلاكه لدورة سوائل مشابه لتلك الموجودة على كوكب الأرض. يحوي تايتان بحاراً مكونة من الميثان السائل كان الفلكيون يفترضون وجودها فيه قبل قيام المركبة الفضائية بأول رحلة لها بالقرب منه، ولكن غلافه الجوي الضبابي حال دون الحصول على نظرة عن كثب لسطحه. وفي العام 1980، حاولت المركبة الفضائية فوياجر1 التقاط صور عن قرب للتضاريس الطبيعية الموجودة في تايتان، لكن الكاميرا المزوَّدة بها لم تتمكن من اختراق السحب السميكة. وعوضاً عن ذلك، بيّنت الصور تغيرات اللون واللمعان في الغلاف الجوي للقمر. 


وضغط الغلاف الجوي للقمر أكبر بحوالي 60% من الضغط الموجود في غلاف كوكب الأرض –وهو مكافئ تقريباً للضغط الموجود في حوض السباحة. سجَّل تلسكوب هابل الفضائي عام 1994 مجموعة من الصور لتايتان، ونتيجة لتلك الصور فقد اقترح العلماء وجود قارة لامعة وعملاقة في نصف القمر تايتان المواجه للمدار. لم تثبت نتائج هابل وجود البحار السائلة على القمر، لكنها اكتشفت وجود مناطق مظلمة ومناطق مضيئة وكبيرة فوق سطحه.


وقد كشفت المركبة الفضائية (كاسيني) التي تدور حالياً حول زحل، عن الطبيعة الغريبة للقمر؛ فقد صُمِّمت كاسيني بشكلٍ خاص للتوغّل عميقاً عبر ضباب تايتان، وذلك بتجهيزها برادار بألوان محددة من الضوء - وهو ما يُعرف بالنوافذ الطيفية - مما أتاح للعلماء إلقاء نظرة على ما يجري فوق سطح القمر. تمكنت كاسيني بعد عشرات الرحلات حول تايتان من وضع خريطة لجزء كبير من سطحه، وقامت بدراسات مفصلة لغلافه الجوي. 


وفي العام 2005 اخترقت كاسيني غلاف قمر تايتان بواسطة المجس هوينز الأوربي الذي زوِّدت به؛ ليقوم بأول هبوط فوق جُرم واقع في الجزء الخارجي لنظامنا الشمسي.
وبفضل كاسيني - هويغنز، فإننا نعرف الآن أن بحيرات وبحار تايتان مكونة من الميثان السائل والإيتان بالقرب من قطبيه. وتتوهج هذه الأجسام ويتم تصريفها أيضاً وفقاً لدورة فصلية مع حمل العواصف للأمطار إلى أحد نصفي القمر ثمَّ إلى النصف الآخر. كشفت المهمة أيضاً عن وجود قنوات جافة فوق السطح ناتجة عن عوامل النحت التي أحدَثَها الماء السائل الجاري هناك.


كشف جهاز الرادار في كاسيني عن وجود مساحات كبيرة مغطاة بكثبان بالقرب من خط الاستواء، وهي مشابهة لصحراء نامبيا على الأرض. ووجدت المهمة أيضاً محيطاً جوفياً مكوناً من الماء السائل.

وبسبب للتدنّي الشديد لدرجات الحرارة فوق تايتان والناتجة عن بعده عن الشمس فإنّ العمليات الكيميائية تستغرق زمناً أطول للحدوث، مما يضع كيمياء الغلاف الجوي للقمر في حالة تجمُّد شديد. وتستوحذ الكيمياء الغنية بالكربون اهتمام العلماء، ذلك لأنها قد تكون تعطينا مثالاً حياً لما حصل في الغلاف الجوي للأرض في المراحل المبكرة من تاريخها قبل ولادة الحياة.


اكتشافه
اكتُشف تايتان في 25 مارس / آذار عام 1655 من قبل عالم الفلك الهولندي كريستيان هويغنز.


كيف حصل تايتان على اسمه
جاء اسم تايتان من مصطلح عام يُطلق على أبناء أورانوس(Ouranos) وجايا (Gaia) في الأساطير الإغريقية القديمة. حيث كان الجبابرة (Titans) - أسلافاً الجنس البشري - قد التهموا التهام أطراف ديونيسوس (Dionysus) ابن زيوس (Zeus) الذي كان يعزم على جعل ابنه هذا مسيطراً على العالم. بعد ذلك، قام زيوس الغاضب مما فعله الجبابرة بابنه بصعقهم بالبرق، فأحرقهم جميعاً وتحوّلوا إلى رماد. ومن هذا الرماد، خُلِق الجنس البشري.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات