ما الذي كان هنا قبل النّظام الشمسي؟

النّظام الشمسي قديم، فعمره 4.6 مليار سنة بالتّحديد، ولا يشكّل شيئاً بالنّسبة للكون؛ فالكون موجود منذ حوالي 13.8 مليار سنة أو أكثر أو أقل ببضع مئات ملايين من السّنين، مّما يعني أنَّ الكون أقدم من النّظام الشّمسي بثلاث مرّات.


يعتقدُ العلماءُ أنَّ عمرَ مجرّةِ دربِ التّبّانةِ حوالي 13.2 مليار عام، فهي قديمةٌ تقريباً قِدمَ الكونِ نفسهِ، حيث تشكّلتْ عندما اندمجتْ مجرّاتٌ قزمةٌ صغيرةٌ مع بعضها لخلقِ المجرّةِ الحلزونيةِ الّتي نَعرفُها اليوم.

اتّضح أن مجرة درب التّبانة لديها 8.6 مليار سنة من الوقت غير المحسوب، وقد تعرضت لكل الأنواع المحتملة من الأضرار خلال مليارات ومليارات السّنين قبل ظهور النّظام الشمسي.

تستغرق مجرّتنا 220 مليون سنةٍ لتكمل دورةً واحدةً، وقد أكملت بالمجمل 60 دورةً. فكما يبدو، إنّها تُدَوِّرُ وتمزج المواد مع بعضها مثلَ خلّاطٍ فضائيٍّ عملاق، بحيث تجتمع سحب الغاز والغبار مع بعضها في مناطق التشكيل النجمي (Star Formation) الشاسعة، وتتحول النّجوم الضخمة إلى مستعرات فائقة، ثم تتمزق العناقيد النجمية مرةً أخرى، محركةً النّجوم بعنف داخل درب التّبّانة. يحدث كل هذا في الأذرع الحلزونية (Spiral Arms) للمجرّة، حيث تتحوّل مناطق الكثافة العالية إلى مناطق تشكيل نجمي.

لذلك دعونا نعود، أكثر من 4.6 مليار سنة، قبل وجود الأرض، أو الشمس، أو حتى النظام الشمسي، حيث كانت منطقتنا بالكامل عبارة عن غاز وغبار، وعلى الأرجح داخل واحدة من الأذرع الحلزونية.

هل لديك الرغبة في معرفة كيف بدت في ذاك الحين؟ ستساعدك بعضٌ من صورك المفضلة الملتقطة باستخدام تلسكوب هابل الفضائي.

 


نظامنا الشمسي بعمر 4.5 مليار عام، وقد تشكّل الكون قبل ذلك بكثير، فما الذي كان يوجد قبل تشكّل النظام الشمسي؟
 


ها هي سُدم النسر Eagle والرتيلاء Tarantula والجبار "أورايون" Orion، وهي مناطق تشكّل نجمي، لكونها سحبًا من الهيدروجين خلّفها الانفجار العظيم (Big Bang)، مع الغبار المتشكل من النجوم العَجَزة، والمنثور مع أثقل العناصر التي شكلتها المستعرات الفائقة.

بعد بضعة ملايين من السنين، بدأت المناطق مرتفعة الكثافة بالتحوّل لنجومٍ كبيرةٍ وصغيرةٍ. دعونا نلقي نظرة مرة أخرى على سديم ذي تشكيل نجمي. هل ترى العُقَد المظلمة؟ تلك هي مناطق تشكيل نجمي حديثة ومحاطة بالغاز والغبار ضمن الحضانة النّجمية.

لقد شاهدت العديد العديد من النجوم، وبعضها ضخمٌ بشكلٍ هائلٍ جداً، والبعض الآخر أشبه بشمسنا أو ببعض الأقزام الحمراء الصغيرة. وستملك معظمها لاحقاً كواكب تحيط بها، أو ربما صارت في آخر مرحلة من حياتها، من يعلم؟
 

فإذا كانت هذه هي البيئة المحيطة، فإين تقع كل تلك النجوم؟

سديم الجبار "أورايون"، حقوق الصورة لـ: Vasco Soeiro
سديم الجبار "أورايون"، حقوق الصورة لـ: Vasco Soeiro


على ما يبدو، فإن الطّبيعة تكره الغرفة الفوضوية والعش النجمي المريح. فالسديم الذي ساهم في تشكيل شمسنا قد تم سحبه نحو النّجوم، أو قد تم نثره بعيداً من خلال رياح نجمية قوية من أكبر النجوم، وفي النهاية يُنظف السديم، مثلما تُنظف المراوح غرفةً مليئةً بالدخان.

وفي أبكر لحظة زمنية، بدا سديمنا الشمسي مثل سديم النسر، وبعد ملايين السنين بدا كعنقود الثريا النجمي Pleiades Star Cluster مع نجوم مضيئة محاطة بالضباب السديمي، أثّرت عليه القوى الثقالية من درب التّبّانة التي مزّقت أجزاء حاضنتنا الشمسية إلى شكلٍ مشابه لعنقود القلاص Hyades Cluster.

لتمزّق في النهاية التفاعلات الثقالية عنقودنا لأجزاء، حتى ضاعت نجومنا الشقيقة للأبد في الأذرع المتموجة لدرب التّبّانة.

لن نعرف بالضبط ما كان هناك قبل النّظام الشّمسي، حيث أنّ الأدلة ذهبت بعيداً في الفضاء، ولكن يمكننا أن نرى أماكن أخرى في مجرة درب التبانة، تعطينا فكرة تقريبية عما قد يبدو قريبًا لمختلف مراحل تطورها.


أول صورة ضوئية لتلسكوب "ترابيست" TRAPPIST، وتُظهر سديم الرتيلاء
أول صورة ضوئية لتلسكوب "ترابيست" TRAPPIST، وتُظهر سديم الرتيلاء

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات