هل سنصل إلى نجم آخر؟

هناك جزءان منفصلان من دماغك أودّ التكلم معهما اليوم. أولاً، أريد أن أتحدث إلى الجزء المُتحكِّم بالقرار الذي يتعلق بالشخص الذي ستصوت له، أو بمقدار المبلغ الذي ستؤمن به على سيارتك، أو كيفية التعامل مع فكرة أن عدم دفعك للضرائب سيرسل بك إلى السجن. سندعو هذا الجزء من الدماغ "كيفن".


سنتجاهل بقية أجزاء الدماغ، خصوصاً تلك الأجزاء التي تعرف أي محطات الوقود تفضل، أو ما إذا كانت الممثلة لينا دونهام Lena Dunham رائعة أو الأكثر روعة، أو سواء كان أحد الفرق الرياضية هو الأكثر نجاحاً بالنسبة لك، أو تعتقد أنه يمكنك مغادرة كازينو بمال أكثر من الذي دخلت به، سندعو هذا الجزء "كيفن الآخر"، تكريماً لديف ويليس Dave Willis.


حسناً يا كيفن، بيني وبينك، لدي أخبارٌ سيئة، لقد خرَّب الخيال العلمي " كيفن الآخر". تماماً مثلما فعلت الكتب المصورة التي قلَّلت من قدرته على الحكم على احتمالية تمتع أحد الأشخاص برؤيةٍ حرارية، فلقد أفسد الخيال العلمي مدى وعيه بالسفر بين النجوم.


لكنك تعرف ذلك بالفعل، ليس مثل "كيفن الآخر"، أنت تتمتع بالذكاء. في الكلمات الخالدة للكاتب دوغلاس آدامز، يقول: "الفضاء هائل"، لكن عندما قال دوغلاس ذلك كان قد فهم بالفعل مقدار حجم الفضاء الهائل جداً. يبعد أقرب نجم عن الشمس مسافة أربع سنين ضوئية. هذا يعني أن الضوء، الذي يسافر بسرعة 300000 كيلومتر في الثانية، سوف يحتاج إلى أربع سنوات ليصل إلى أقرب نجم. في حين ستستغرق أسرع مركبة فضائية بشرية الصنع عشرات الآلاف من السنين للقيام بتلك الرحلة.


لكنّ الخيال العلمي يشجعنا على التفكير بأن القيام بتلك الرحلة هو أمرٌ ممكن، كما في ستار تريك عندما سافر كيرك وسبوك من عالمٍ إلى عالمٍ باستخدام محرك الاعوجاج مخالفين أمر رئيس التوجيه. قام كلٌ من هان وشويي في فلم حرب النجوم بمناورة Kessel في 12 فرسخ فلكي فقط، حيث يعتبر هذا مُربِكاً ويتطلب نظريات لإدراك المسافات الفضائية، واحتاج إلى غالاكتيكا، وقوات الدفاع الذاتي 3، ونقابة الملاحين جميعها للمشاركة في طي الفضاء.


يتنبأ الخيال العلمي بكل ما هو على وشك أن يحدث، أليس كذلك؟ مثل الهواتف المحمولة.. 

المهم هنا أن الخيال العلمي يقوم بتلويح يديه كمن يحاول تمويه العقبات الرئيسية، مثل قوانين الفيزياء. أبق معي هنا، هذا لا يشبه عبور الطريق بصورة تخالف أنظمة السير، ربما لا تنطبق عليك في تلك اللحظة بالذات، هذه هي القوانين الفيزيائية للكون التي ستلقي بكامل ضرباتها عليك إذا حاولت تجاهلها. 


لذلك دعونا نقول إننا نريد بالفعل إرسال مركبة فضائية لنجمٍ آخر، مع إطاعة قوانين الفيزياء طبعاً، سنقوم بخفض المعايير إلى أقصى حد. نحن لا نتحدث هنا عن السفن السياحية الضخمة المليئة بالسياح الساعين إلى قضاء يوم ممتع في أحد الكواكب. أنا لا أتحدث عن إرسال فريق متخصص من مشاة البحرية لحماية المستعمرين من مخلوقات (xenomorphs) الفضائية، أو ربما تدابير أخرى أكثر شمولا.


لا، أنا أتحدث عن مركبات فضائية روبوتية صغيرة جدا تسافر من الأرض إلى نجم ألفا قنطورس، إن أسرع مركبة فضائية بشرية الصنع تم إطلاقها هي مركبة (New Horizons)، حيث تصل سرعتها إلى 14 كيلومترٍ في الثانية، سيتطلب الأمر 100000 سنة للوصول إلى أقرب نجم. هذا يرجع في معظمه إلى افتقارنا لقوة الدفع الكافية. أفضل خيار لنا هو المحرك الأيوني، الذي تستخدمه مركبة (Dawn) التابعة لوكالة ناسا الفضائية، باستخدام هذه التقنية سيتطلب الأمر 19000 عام للوصول إلى ألفا قنطورس إذا استخدمنا محرك أيوني بمساعدة جاذبية الشمس.


فكر بالسنوات الـ 81000 التي سنوفرها في هذه الرحلة! أنا شخصياً سأقضيها في تعلم العزف على القانون! لذا يمكننا البدء برمي الأموال والموارد وتموليها لتطوير تكنولوجيا محركات الدفع مثل محركات المادة المضادة، أو حتى تفجير القنابل النووية في الجزء الخلفي من المركبة الفضائية !
 

أفضل الأفكار تكمن باستخدام الأشرعة الشمسية، مثل شراع جمعية الدراسات الكوكبية الشمسي (lightsail)، باستخدام ضوء الشمس بالإضافة لليزر قوي لتسريع المركبة . لكن إذا أردنا السير على هذا الطريق، يمكننا أيضا إرسال مركبات شراعية ضوئية فضائية التي تتسارع بسهولةٍ أكبر، وعندما تصل هذه المسابر المصغرة لهدفها يمكنها أن تتصل ببعضها وتشكل حلقات اتصال متتابعة ، أو حتى مصانع روبوتية !!!! 


آسف، اعتقد أن "كيفن الآخر" هو من كان يتكلم، فأين نحن في الواقع ؟


أعلن هارولد وايت Harold White، باحث من وكالة ناسا أنهم يختبرون تقنية مستقبلية تسمى محرك (EM)، حيث بإمكانه دفع المركبات الفضائية دون الحاجة إلى قوة دفع مثل الصواريخ الكيميائية أو محرك الأيون. حتى لو نجح هذا المحرك المجنون بالعمل فعلاً فإنه لا يزال يحتاج إلى الانصياع لقوانين الفيزياء، لا يمكن السفر بسرعةٍ أسرع من سرعة الضوء؛ حيث سيحتاج الأمر إلى مصدرٍ هائلٍ من الطاقة لتشغيل المفاعل.


تعمل وكالة ناسا أيضاً على مفهوم محرك اعوجاج فعلي يعرف باسم محرك "الكيوبير" (alcubierre)، ما يستطيع هذا المحرك فعله هو مثل نسجٍ من الخيال العلمي، عن طريق طي نسيج الفضاء سيسمح بسرعاتٍ أسرع من سرعة الضوء، وعندما أقول إن ناسا تعمل على ذلك فأنا أعني أنهم قاموا بالعديد من الحسابات الرياضية الخيالية.


لكن بمجرد الانتهاء من الحسابات، يمكنهم المباشرة بعملية البناء، أليس كذلك؟ هذا المفهوم نظري بحت حتى أن الفيزيائيين لا يزالون يتجادلون ما إذا كان محرك الكيوبير سيحتاج إلى طاقة تساوي طاقة الكون بأسره، التي اعتقد أنها تشكل عقبة . أوه هناك شيء آخر، "كيفن الآخر" شكراً لصبرك. هذه مكافأتك، الحيوانات أحادية القرن الخرافية هي حقيقية وكان كيفن يكذب عليك طوال هذه المدة، اذهب وطاردها أيها النمر وضع رهاناتك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات