بُقعة المشتري الحمراء العظيمة

علي بُعد 500 مليون ميل تقريباً يبدو الغلاف الجوي لكوكب المشتري الهائل وكأنه مرجل مشتعل النشاط، حيث يحتوي على البرق، وأحزمة الغيوم المتعاكسة، والمئات من الأعاصير الدوارة التي تظهر في أشكال بيضاوية حمراء وبيضاء وبُنية، ولعل أضخم إعصار من بينها هو الإعصار المُضاد الأسطوري، الذي يسمى بالبقعة الحمراء العظيمة (GRS)، وهو في الواقع أضخم إعصار نعرفه في النظام الشمسي.


ويُعد ذلك الإعصار الواقع في النصف الجنوبي للمشترى أكبر من كوكب الأرض، وبداخله رياح تتحرك بسرعة هائلة تقدر بـ 500 ميل/الساعة. ومع أن خط طوله يتحرك تبعاً لنطاق الغلاف الجوي المحيط، إلا أن خط عرضه لا يزال ثابتاً، كما تُبين التسجيلات المستمرة له، ويرجح أنه تم رصده لأول مرة من قبل ليندر بانديوس (leander bandtius) عام 1632،وهو رئيس دير دينس بيرج (Dunisburgh). وفي عام 1664، قام الفيلسوف والمعماري متعدد الثقافات روبرت هوك (Robert Hooke)، برصد بقعة تحركت من الشرق إلى الغرب على الكوكب. وفي العام التالي، كان الفلكي والرياضي المهندس جيوفانى كاسينى (Giovanni Cassini) أول من أكد أنها بقعة دائمة.


قامت مركبة فوياجر الفضائية (Voyager) عام 1979، بقياس المحور الطولي لتلك البقعة، وقُدِرت بحوالي 14,500 ميل عرضاً، وبالعودة للقياسات التاريخية في أواخر القرن الثامن عشر فقد كان عرض البقعة على وشك الوصول إلى 25,500 ميل. حياة هابل الطويلة سمحت للفلكيين، بمراقبة نشاط الغلاف الجوي للمشتري فترة تُقارب العقدين. وفي دارسة قامت بها إيمي سايمون (Amy Simon)، من مركز جودارد للتحليق الفضائي التابع لناسا، تُبين قياسات هابل، أن ارتفاع البقعة الحمراء العظيمة من قمتها إلى قَعْرها يصل إلى 8,000 ميل ويبلغ عرضها 10,250 ميل، إلا أن البقعة تقلصت الآن إلى أصغر حجم تم قياسه، فاقدة نصف حجمها في غضون المئة عام الأخيرة.


تُشير ملاحظات هابل إلى أن البقعة الحمراء العظيمة، تصغر سنوياً بمقدار 580 ميل على طول محاورها الأساسية، كما أن شكلها يتغير من البيضاوي إلى الدائري، ومن المتوقع أنه على ذلك النحو، سيغدو شكلها دائرياً بالكامل في غضون أربع سنوات، بينما من الممكن أن يختفي هذا الإعصار تماماً أو يصبح أضخم، حيث أن هذا النوع من الأعاصير (حتى الأعاصير التي على الأرض ) من الصعب تصورها أو التنبؤ بها على وجه الدقة بسبب تعقيداتها.

وفى ملاحظات جديدة لهابل، تظهر دوامات صغيرة جداً تُغذي ذلك الإعصار. قامت سيمون وفريقها بالإشارة إلى أن تلك الدوامات، هي المسؤولة عن التغيير المفاجئ في الديناميكية الداخلية والطاقة للبقعة، وهم ينوون دراسة التحركات المستقبلية للدوامات الصغيرة، بالتزامن مع التحركات الداخلية للبقعة، لتحديد ما إذا كانت تلك الدوامات قادرة على تغذية أو اضعاف كمية الحركة الداخلة للدوامة المتقلبة، وما إذا كانت قادرة على المساهمة في تغيرات الحجم والشكل للبقعة الحمراء الهائلة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

المساهمون

اترك تعليقاً () تعليقات