في 24 أبريل/نيسان 1990، أُرسل تلسكوب هابل الفضائي إلى مداره على متن مكوك الفضاء ديسكفري، ليكون أول تلسكوبٍ فضائيّ من نوعه. قدّم التلسكوب نظرة جديدة على الكون، وعلى مدار 25 عام، وصل، وفاق كل التوقعات، وأرسل بياناتٍ وصوراً غيّرت فهم العلماء للكون وزاد من إدراك العامة له.

في هذه الصورة المذهلة والتي تمَّ نشرها بمناسبة اليوبيل الفضي لهابل، نُشاهد عنقوداً عملاقاً ومؤلفاً من 3000 نجم. يُعرف هذا العنقود بـ ويسترلوند (Westerlund 2). يقع هذا العنقود في بقعة نجمية صاخبة جداً وتُعرف بـ (Gum 29) والتي تبعد عنّا حوالي 20 ألف سنة ضوئية باتجاه كوكبة "كارينا".

 

 

من الصعب رصد الحاضنة النجمية، لأنها محاطة بالغبار، لكنّ كاميرا هابل واسعة المجال 3 أبحرت داخل الستار الغباري، مما أعطى للعلماء نظرةً واضحة على العنقود.
تساعد رؤية هابل الحادة على تمييز المناطق النجمية عالية الكثافة، والموجودة في العنقود المركزي، الذي يصل عرضه إلى 10 سنوات ضوئية.

 

يبلغ عمر العنقود حوالي 2 مليون سنة فقط، لكنه يحتوي بعضاً من أكثر النجوم لمعاناً وسخونةً، وأكبرها كتلة. تقوم بعض النجوم فائقة الضخامة بنحت فجوات عميقة في المادة المحيطة عبر إطلاق كميات هائلة من الأشعة فوق البنفسجية ومجارٍ عالية السرعة من الجسيمات المشحونة (الرياح النجمية)، وتحدد هذه الجسيمات سحابة غاز الهيدروجين المحيطة، والتي يجري داخلها تشكل النجوم، وهي المسؤولة عن الأشكال المذهلة والغريبة لسحب الغاز والغبار الموجودة في الصورة.

 

الأعمدة الموجودة في الصورة مؤلفة من غاز وغبار كثيفين، وهي تقاوم التآكل الناجم عن الإشعاع العنيف والرياح القوية. يبلغ طول هذه الكتل الغازية بضعة أعوام ضوئية، وتتجه نحو العنقود المركزي، وتحيط مناطق كثيفة أخرى بالأعمدة، بما في ذلك أشرطة مظلمة مكونة من الغاز والغبار.

 

بالإضافة إلى نحت بقع غازية، تستطيع النجوم اللامعة المساعدة في خلق أجيال جديدة من المواليد، وعندما تصدمُ الرياح النجمية جدراناً غازية كثيفة، فإنها تُنشئ أمواج صدمةٍ تُولّد بدورها موجة جديدة من الولادة النجمية على طول جدار الفجوة.

 

تُمثل النقاط الحمراء المبعثرة على طول المشهد توزعاً غنياً من النجوم المتشكلة، والتي لا تزال مغلفة بشرانقها الغازية والغبارية. لم تقم هذه الأجنة النجمية بعد بإشعال الهيدروجين الموجود داخل مراكزها لتُضيء على شكل نجوم، مع ذلك، تسمح الرؤية القريبة من تحت الأحمر لتلسكوب هابل لعلماء الفلك بتحديد هذه المواليد حديثة العهد، ومعظم النجوم الزرقاء اللامعة الظاهرة في هذا المشهد هي غالباً نجوم موجودة في المقدمة.

 

تمزج المنطقة المركزية من الصورة -التي تحتوي العنقود النجمي- بيانات مرئية قادمة من الكاميرا الاستقصائية المتقدمة، مع تعريضاتٍ بالأشعة تحت الحمراء أجرتها الكامير واسعة المجال 3. المنطقة المحيطة مكونة من مراقبات بالضوء المرئي أجرتها الكاميرا الاستقصائية المتقدمة. تبين الصورة القوة الرصدية لتلسكوب هابل، وتثبت أن قصة هابل لم تنتهِ بعد، رغم أنه يستمر بالعمل منذ 25 عام. 

 

أسّس هابل لعصر مرافقه تلسكوب "جيمس ويب الفضائي" الذي سيقلع في العام 2018، لكن هابل لن يُستبدل بخليفته، وإنما سيعملان معاً. الآن، وبعد 25 عاماً على الإقلاع، حان زمن الاحتفال بمستقبَل هابل المشوّق، إضافةً إلى تاريخه الرائع.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات