تلسكوب هابل التابع لناسا يكتشف طبقة (واقية من الشمس) في أحد الكواكب البعيدة.

اكتشف تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا طبقة ستراتوسفير (Stratosphere) -وهي إحدى الطبقات الأولية في غلاف الأرض الجوي- على كوكب خارجي كبير الكتلة وملتهب الحرارة يعرف باسم (WASP-33b).

 

يمكن أن يقدم وجود طبقة الستراتوسفير دلائلَ على تركيب الكوكب والطريقة التي تشكل بها. تحتوي طبقة الغلاف الجوي هذه على جزيئات تقوم بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي مما يجعلها تتصرف كطبقة واقية من الشمس (Sunscreen) للكوكب الذي تحيط به، وحتى الآن، لم يكُن العلماء متأكدين فيما إذا كانت هذه الجزيئات يمكن أن توجد في الأغلفة الجوية للكواكب الضخمة فائقة الحرارة الموجودة في أنظمة نجمية أُخرى. 

نُشرت هذه النتائج في عدد 12 يونيو/حزيران من مجلة الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal.

 

شرح الفيديو: تمكن العلماء؛ باستعمال تلسكوب هابل التابع لناسا من اكتشاف طبقة ستراتوسفير (Stratosphere) على الكوكب (WASP-33)، وتتكون طبقة الستراتوسفير، عندما تقوم الجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي القادم من النجم. عملية الامتصاص هذه تؤدي لتدفئة طبقة الستراتوسفبر وتجعلها تتصرف كطبقة واقية من الشمس للكوكب تحتها.



يقول آفي مانديل Avi Mandell وهو عالم كواكب في مركز غودارد للطيران الفضائي في غرينبلت- ميريلاند، ومؤلف مشارك في الدراسة: "بعض هذه الكواكب حارٌّ جداً في المناطق العليا من أغلفتها الجوية. وهي تشكّل بشكلٍ أساسي طبقات تغلي في الفضاء"، ويضيف: "عند درجات الحارة هذه، لا نتوقع بالضرورة أن نجد غلافاً جوياً يمتلك جزيئات يمكن أن تقود إلى وجود هذه الهياكل متعددة الطبقات".

في غلاف الأرض الجوي، تتموضع طبقة الستراتوسفير (Stratosphere) فوق طبقة التروبوسفير (Troposphere)، وهي الطبقة المضطربة والنشطة طقسياً والتي تمتد من سطح الأرض حتى ارتفاع توجد عنده جميع السحب الخارجية تقريباً. وفي التروبوسفير، تكون درجة الحرارة أكثر دفئاً عند القاع -مستوى أرضي- وتبرد تدريجياً في الارتفاعات الأعلى. 

الستراتوسفير هي النقيض لذلك، ففي هذه الطبقة تزيد درجة الحرارة مع الإرتفاع وهي ظاهرة تُعرف باسم الانقلاب الحراري (Temperature inversion)، وتحدث هذه الظاهرة على الأرض لأن طبقة الأوزون ضمن الستراتوسفير تمتص معظم الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس وتمنعها من الوصول للسطح، وتحمي بذلك الغلاف الحيوي (Biosphere) وبالتالي ترفع درجة حرارة الستراتوسفير.

يحدث الانقلاب الحراري بشكل مشابه في الأغلفة الجوية للكواكب الأُخرى في نظامنا الشمسي، كالمشتري وزحل. وفي هذه الحالات، فإن الجزيئات المَعنية هي مجموعة مختلفة من الجزيئات تُعرف باسم الهيدروكربونات (Hydrocarbons). ومع ذلك؛ لا ينجو الأوزون و لا الهيدروكاربونات من درجات الحرارة العالية لمعظم الكواكب الخارجية المعروفة، وهي كواكب تقع خارج نظامنا الشمسي (Exoplanets)، وهذا يقود إلى الجدال في إمكانية تواجد الستراتوسفير فيها.

تمكن الباحثون باستعمال تلسكوب هابل من إنهاء هذا الجدال عن طريق تحديد الانقلاب الحراري في الغلاف الجوي لكوكب (WASP-33b)، الذي تُقدَّر كتلته بـ 4 أضعاف ونصف كتلة المشتري، ويعتقد أعضاء الفريق أيضا أنهم قد عرفوا الجُزَيء الذي يسبب الانقلاب الحراري، وهو أوكسيد التيتانيوم (Titanium Oxide).


تم اكتشاف طبقة السترتوسفير ضمن كوكب (WASP-33b) عن طريق قياس الخفوت في الضوء نتيجةً لمرور الكوكب خلف نجمه (أعلى الصورة).
تم اكتشاف طبقة السترتوسفير ضمن كوكب (WASP-33b) عن طريق قياس الخفوت في الضوء نتيجةً لمرور الكوكب خلف نجمه (أعلى الصورة).


"يخلق هذان الخطان من الأدلة حالة مقنعة جداً بأننا اكتشفنا طبقة ستراتوسفير على كوكب خارجي"، وفقاً لكوري هاينس Kore Haynes المؤلف الرئيسي للدراسة، والمتخرجة من جامعة جورج ماسون في فيرفاكس-فيرجينيا، و التي عملت في مركز غودارد مع مانديل عندما تم إجراء البحث.

حلّل الباحثون مراقبات كاميرا هابل واسعة المجال-3 من قبل المؤلف المشارك دريك ديمنغ Drake Deming في جامعة ماريلاند في كوليج بارك. يمكن للكاميرا واسعة المجال-3 التقاط الطيف القادم من المنطقة القريبة من تحت الحمراء حيث تظهر إشارة الماء، ويمكن للعلماء أن يستخدموا الطيف لتحديد وجود الماء والغازات الأُخرى في الأغلفة الجوية للكواكب البعيدة وتحديد درجة حرارتها.

استخدمت هاينس وزملاؤها المراقبات التي أجراها هابل والبيانات من الدراسات السابقة لقياس الانبعاثات القادمة من المياه ومقارنتها مع الانبعاثات القادمة من الغازات في المناطق الأعمق من الغلاف الجوي، وحدد الفريق أن هذه الانبعاثات من المياه ناتجة في الستراتوسفير عند درجة حرارة 6000 فهرنهايت، أما بقية الانبعاثات فتأتي من الغاز الموجود في المناطق المنخفضة من الغلاف الجوي وذو درجة حرارة تصل إلى حوالي 3000 فهرنهايت.

عرض الفريق أيضاً أول دليل رصدي على وجود أوكسيد التيتانيوم في الغلاف الجوي لكوكب (WASP-33b)، وهو من بين المركبات القليلة ذات القابلية القوية لامتصاص الأشعة المرئية وفوق البنفسجية والقادرة على البقاء في حالتها الغازية ضمن غلاف جوي حار كما في حالة كوكبنا هذا.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة نيكو مادهوسودان Nikku Madhusudhan من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة: "إن فهم الروابط بين الستراتوسفير والمكونات الكيميائية هو أمر حاسم لدراسة العمليات التي تجري في الغلاف الجوي لكوكب خارجي"، ويضيف مادهوسودان قائلاً: "يُمثل اكتشافنا إنجازاً مفتاحياً في هذا الاتجاه".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الستراتوسفير (stratosphere): الطبقة الرئيسية الثانية في الغلاف الجوي للأرض، وتقع مباشرةً فوق طبقة التروبوسفير.
  • الكواكب الخارجية (Exoplanets): أو الكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي.

اترك تعليقاً () تعليقات