ناسا تحتفل بالذكرى الـ 25 لتلسكوب هابل بصورة فلكية آسرة للألباب

تُظهر هذه الصورة الأخّاذة مجموعاتِ نجوم شابة مولودة حديثاً تُشبه في لمعانها وتألّقها الألعاب النارية المتلألئة. اختارت وكالة ناسا هذه الصورة لتكون الصورة الرسمية للاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لإطلاق تلسكوب هابل ورحلة الاكتشاف الطويلة التي بدأها التلسكوب في 24 أبريل/نيسان عام 1990 لسبر أغوار المجموعة الشمسية وما وراءها.


وفي وصف هذه المناسبة يقول جون غرنسفيلد John Grunsfeld، رائد الفضاء والمدير المساعد في مديرية المهام العلمية Science Mission Directorate التابعة لوكالة ناسا: "لقد غيّر هابل نظرتنا إلى الكون بشكل كامل، وكشف لنا عن الجمال الحقيقي والغنى الرائع الذي يتمتع به كوننا. مشهد الألعاب النارية النجمية وغيوم الغاز المتألقة هذا هو الصورة الأنسب التي تُعبّر عن احتفالنا بـ 25 سنة أمضاها التلسكوب في تحقيق الاكتشافات العلمية الهائلة".


يقع في قلب هذه الصورة المتألّقة عنقودٌ عملاق يضم حوالي 3,000 نجمٍ ويطلق عليه اسم عنقود ويسترلند ٢ "2 Westerlund" تيمّناً باسم عالم الفلك السويدي بينغت ويسترلند Bengt Westerlund، الذي يُنسب إليه اكتشاف هذه المجموعة في ستينيات القرن الماضي. يقع العنقود في منطقة ولادة نجوم مزدحمة ونشطة تُعرف باسم Gum 29K وتبعد عنا مسافة 20,000 سنة ضوئية في كوكبة القاعدة أو كارينا Carina.


ولكي يتمكّن من التقاط هذه الصورة الاستثنائية، قام تلسكوب هابل باستخدام كاميرا الأشعة ما تحت الحمراء القريبة واسعة المجال 3 Near-infrared Wide Field Camera باختراق الغطاء الغباري المحيط بمنطقة ولادة النجوم، ما منح علماء الفلك رؤية واضحة للسديم وتجمّعات النجوم الكثيفة داخله. يتراوح عرض العنقود بين 6 إلى 13 سنة ضوئية.


إضافة إلى هذا، يبلغ عمر هذا العنقود النجمي العملاق حوالي مليوني سنة، ويضم مجموعة من ألمع وأضخم النجوم في المجرة وأعلاها حرارة. وتُطلِق أضخم النجوم في هذا العنقود سيولاً من ضوء الأشعة ما فوق البنفسجية ورياحاً شديدة القوة مكوّنة من الجسيمات المشحونة التي تشقّ طريقها عبر غيمة غاز الهيدروجين المُحيطة بالعنقود.


يكشف لنا هذا السديم عن مشهدٍ يضم مجموعة مُبهرة من الأعمدة والجسور والوديان التي تُشبه تلك التي نراها في عالم الخيال. تتكوّن الأعمدة من الغاز الكثيف، ويعتقد العلماء أنها ربما تكون حاضنات للنجوم الجديدة. يبلغ طول هذه الأعمدة بضع سنوات ضوئية وتُواجه العنقود النجمي المركزي. كما تُحيط المناطق الكثيفة الأخرى بالأعمدة، بما فيها تلك الخيوط البنية الضاربة للحمرة والمُكوّنة من الغاز والغبار.


تعمل النجوم الساطعة على نحت المنطقة الغازية داخل السديم، ولها دورٌ في تشكّل الأجيال التالية من النجوم. عندما تضرب الرياح النجمية جدران الغاز السميكة، تعمل موجات الصدمة الناتجة عنها على تحفيز عملية ولادة نجومٍ جديدة على طول تلك الجدران. تُمثّل النقاط الحمراء المنتشرة في مختلف أرجاء المشهد مجموعاتٍ غنية من النجوم المُتشكّلة حديثاً والتي لا تزال مُحاطة ومُغلّفة بشرانقها المكوّنة من الغاز والغبار. يبلغ عمر هذه النجوم الصغيرة الخافتة بين مليون ومليوني سنة فقط، وهي بذلك تُعتبر من النجوم صغيرة السن نسبياً، فهي لم تبدأ بعدُ بإشعال الهيدروجين في قلوبها. أما النجوم الزرقاء اللامعة التي ترونها منتشرة عبر أرجاء الصورة فهي في الغالب نجومٌ بعيدة وليست موجودة ضمن السديم نفسه.

 


 تحليق نحو العنقود النجمي، ويسترلند 2
حقوق الفيديو: ناسا/وكالة الفضاء الأوروبية إيسا



ولأن العنقود صغير السن جداً – وفقاً للمقاييس الفلكية – فإنه لم يكن لديه الوقت الكافي لنشر نجومه عميقاً في الفضاء ما بين النجوم، ما يمنح علماء الفلك فرصة مميزة لجمع المعلومات حول كيفية تشكّل العنقود من خلال دراسته ضمن بيئة ولادة النجوم خاصته.


تمزج المنطقة المركزية في الصورة، والتي تحتوي على العنقود النجمي، بين بيانات الضوء المرئي التي تم الحصول عليها بواسطة كاميرا المسح المتطوّرة Advanced Camera for Surveys التابعة لتلسكوب هابل وتعريضات الأشعة ما تحت الحمراء القريبة near-infrared exposures التي تم الحصول عليها بواسطة الكاميرا واسعة المجال 3. أما المنطقة المحيطة فتتشكّل من عمليات الرصد بالضوء المرئي التي قامت بتنفيذها كاميرا المسح المتطوّرة. من جهة أخرى تُمثّل درجات اللون الأحمر غاز الهيدروجين بينما تُمثل درجات اللون الأخضر المُزرقّ غاز الأكسجين.


تلسكوب هابل الفضائي هو مشروع تعاون دولي بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية إيسا European Space Agency. يتولى مركز غودارد لرحلات الفضاء Goddard Space Flight Center التابع لناسا في غرينبيلت، ماريلاند مهمة إدارة التلسكوب. من جهته يتولى معهد علوم تلسكوب الفضاء Space Telescope Science Institute في بالتيمور، ماريلاند، عمليات هابل العلمية. يتم تشغيل معهد علوم تلسكوب الفضاء لصالح ناسا بواسطة اتحاد الجامعات لأبحاث علم الفلك Association of Universities for Research in Astronomy في واشنطن.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات