أدلة على ولادة النجوم في مجرة مجاورة!

هذه اللوحة الفسيفسائية المكونة من 404 صور فوتوغرافية للمجرة M31، والتي تعرف أيضاً باسم مجرة أندروميدا. تُعطي في الجزء الأسفل من يسار الصورة نظرة مقربة على حقل مزدحم، وفي الأعلى يظهر عدد لا يعد ولا يحصى من النجوم إضافة إلى مجموعة كبيرة من عناقيد النجوم التي تبرق وتسطع باللون الأزرق، والتي تمتد على مسافة تقدر بـ 4400 سنة ضوئية. في الأسفل إلى جهة اليمنى نجد ستة عناقيد من النجوم الزرقاء الساطعة الخارجة عن حقل التجمع الرئيسي. ويمثل كل مربع يمتد فيه عنقود النجوم حوالي 150 سنة ضوئية.


المصدر: NASA/ESA, J. Dalcanton, B.F. Williams, L.C. Johnson (Univ. of Washington), PHAT team, and R. Gendler


اكتشف علماء الفلك أثناء قيامهم باستطلاع ومسح للصور التي التقطها تلسكوب هابل الفضائي لنجوم تشمل 2753 نجماً شاباً أزرق اللون توجد في مجرة M31 أو "مجرة أندروميدا"، المجاورة لنا، أن مجرتنا لديها نفس النسبة من النجوم حديثة التشكل وذلك وفقاً إلى كتلتها.

قبل تحديد ما هي نسبة النجوم وكتلتها المحددة ضمن العنقود المجري، أو دالة الكتلة الأولية Initial Mass Function، من الممكن أن يقوم العلماء بتفسير أفضل للضوء المنبعث من المجرات البعيدة، إضافة إلى فهم وإدراك تاريخ تكون النجوم في كوننا.

ويعتبر هذا المسح المكثف، والذي نجم عن تجميع ما يقارب 404 صور فوتوغرافية على شكل لوحة فسيفسائية التقطها تلسكوب هابل للمجرة M31 نتيجة جهد وتعاون فريدين من نوعهما بين علماء الفلك و"العلماء المواطنين" المتطوعين، والذين بذلوا جهداً عظيماً لا يقدر بثمن في تحليل هذا "الجبل" الهائل من بيانات تلسكوب هابل.

يقول دانيال فايز Daniel Weisz من جامعة واشنطن في سياتل: "لم يكن بمقدورنا إنجاز دراستنا حول دالة الكتلة الأولية لولا مساعدة "العلماء المواطنين"، وذلك نظراً للكم الهائل من بيانات وصور تلسكوب هابل". هذا ويعتبر فايز المؤلف الرئيسي في الدراسة التي ظهرت في عدد 20 يونيو/حزيران من مجلة Astrophysical Journal.

يعتبر قياس دالة الكتلة الأولية IMF هو الدافع الرئيسي وراء المسح البانورامي الطموح الذي أجراه تلسكوب هابل حول مجرة M31، وذلك باستخدام جهاز هابل الحساس للألوان الخاصة بأندروميدا (Panchromatic Hubble Andromeda Treasury)، أو اختصاراً PHAT.


وقد تم الحصول تقريباً على حوالي 8000 صورة تشمل 117 مليون نجم في قرص المجرة. وتم إنجاز ذلك عن طريق إظهار مجرة أندروميدا بالأشعة فوق البنفسجية، وبالضوء المرئي، إضافة إلى الأشعة تحت الحمراء القريبة.

تولد النجوم عندما تنهار سحابة عملاقة مكونة من جزيئات الهيدروجين والغبار والعناصر ضئيلة الأثر. وسرعان ما تتحول بقايا هذه السحابة إلى عقد صغيرة من المواد المترسبة مكونة مئات من النجوم. وبالطبع، لا تولد النجوم جميعها على حد سواء، حيث من الممكن أن تتراوح كتلتها من 1/12 إلى مئات أضعاف كتلة شمسنا.

قبل إجراء مسح هابل التاريخي لقرص مجرة M31 المليء بالنجوم، لم يمتلك علماء الفلك سوى قياسات IMF التي أخذوها من التجمع النجمي المجاور الموجود داخل مجرتنا. وبناءً على هذا، يمكن القول أن المسح الشامل الذي قام به تلسكوب هابل سمح للعلماء بمقارنة نسبة IMF بين عينة أكبر من أي وقت مضى من العناقيد النجمية التي توجد كلها على مسافة تبعد تقريباً 2,5 مليون سنة ضوئية عن الأرض.


ويتميز هذا المسح بأنه متنوع جداً نظراً لانتشار العناقيد في جميع أنحاء المجرة، كما أنها تختلف في ما بينها بالكتلة بأجزاء من 10، كما تتراوح في العمر بين 4 إلى 24 مليون سنة ضوئية.


وبشكل غير متوقع، جاءت النتائج لتصيب علماء الفلك بدهشة بالغة، حيث اكتشفوا أن نسبة IMF كانت متشابهة في جميع العناقيد التي تم مسحها. فعلى ما يبدو، قامت الطبيعة بتكوين هذه النجوم بنفس الطريقة التي تُصنع فيها مجموعة من الكعك المحلى، وذلك من جهة التوزيع المتناسق للنجوم انطلاقاً من النجوم العملاقة الزرقاء فائقة الكتلة، وصولاً إلى النجوم القزمة الحمراء. ويعلق فايز على هذا الأمر بقوله: "من الصعب جداً تخيل أن نسبة IMF هي موحدة في جميع أنحاء مجرتنا المجاورة، وذلك نظراً للآلية الفيزيائية المعقدة التي تكمن وراء تكوين النجوم".

ومن الغريب أيضاً في هذه النتائج هو أن النجوم الأكثر سطوعاً وضخامة في هذا العنقود هي أقل وفرة بنسبة 25% مما كان متوقعاً في الدراسات السابقة. ويستخدم العلماء الضوء المنبعث من هذه النجوم في تحديد وزن عناقيد النجوم والمجرات بعيدة المسافة، وذلك بغية قياس مدى سرعة تلك العناقيد في تشكيل النجوم.


تشير النتائج الحالية إلى أن التخمينات حول الكتلة والتي اعتمدت على الدراسات والبحوث السابقة كانت منخفضة للغاية، وذلك لأن العلماء افترضوا وجود عدد قليل من النجوم الخافتة منخفضة الكتلة جنباً إلى جنب مع النجوم الساطعة فائقة الكتلة.

ويعني هذا الدليل أيضاً أن الكون الفتي لم يكن يحتوي على الكثير من العناصر الثقيلة التي تقوم بتشكيل الكواكب، وذلك لأنه سيكون هناك عدد أقل من المستعرّات العظيمة (Supernovae) للنجوم فائقة الكتلة لتشكيل العناصر الثقيلة التي تعمل على تكوين الكواكب.

 

من المهم معرفة معدل تشكل النجوم في الكون الأولي، أي قبل 10 مليارات عام، على اعتبار أنه يمثل الوقت التي تشكلت فيه معظم النجوم في الكون.

تم تجميع فهرس PHAT لعناقيد النجوم، والذي يعتبر أساس هذه الدراسة، بمساعدة 30 ألف متطوع فرزوا آلاف الصور التي التقطها تلسكوب هابل بحثاً عن عناقيد النجوم.

يعتبر مشروع أندروميدا واحداً من مشاريع "علوم المواطن" العديدة التي استضافتها منظمة Zooniverse. استطاع العلماء المواطنون المتطوعون على مدار 25 يوماً إجراء أكثر من 1.82 مليون تصنيف فردي للصور على أساس مدى تركيز النجوم، وأشكالها، ومدى خروج النجوم من خلفية الصور. وهذا العمل يتطلب من شخص بمفرده 24 شهراً من العمل المستمر كي يستطيع إنجازه. وقد استخدم العلماء هذه التصنيفات في تحديد عينة تشمل 2753 من عناقيد النجوم، ما يعني زيادة يبلغ مقدارها 6 في عدد العناقيد المعروفة في منطقة مسح PHAT. وفي معرض تعليقه على هذا الأمر يقول فايز: "فتحت جهود هؤلاء العلماء المواطنين المجال أمام مجموعة متنوعة من التحقيقات العلمية المثيرة للاهتمام، بما في ذلك هذا القياس الجديد لـ IMF".

تلسكوب هابل الفضائي هو عبارة عن مشروع تعاون دولي بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، وهو مُدار من قبل مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا. ويقوم معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور،ماريلاند Space Telescope Science Institute (STScI) in Baltimore, Maryland بإجراء العمليات العلمية. ويعمل معهد STScI لصالح وكالة ناسا وذلك عن طريق رابطة الجامعات لأبحاث علوم الفلك في واشنطن.

لرؤية الصور أو للحصول على مزيد من المعلومات حول PHAT، وحول تلسكوب هابل الفضائي يمكنكم زيارة:



http://www.nasa.gov/hubble

http://hubblesite.org/news/2015/18

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernovae): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات