الصورة: رسمة فنية لمركبة جونو عند كوكب المشتري. سيدخل المسبار إلى مدار الكوكب الأكبر في المجموعة الشمسية في الرابع من يوليو/تموز 2016. المصدر: NASA/JPL-Caltech
كتابة: إليزابيث هويل
ستدرس المركبة الفضائية جونو تفاصيل كوكب المشتري، لإعطاء العلماء فكرة أفضل حول طقس الكوكب الغازي الضخم وبيئته المغناطيسية وتاريخ تشكله. ومن المتوقع أن تصل جونو إلى كوكب المشتري في 4 يوليو/تموز 2016.
في حال نجاحها، سوف تكون مهمة جونو ثاني مهمة طويلة الأمد تستهدف كوكب المشتري بعد المركبة الفضائية غاليليو التي أطلقت في الأعوام من 1990 وحتى 2000. ومع ذلك فمن المقرر أن تقضي مهمة جونو فترة أقصر بكثير، إذ من المخطط أن تتحطم على كوكب المشتري في فبراير/شباط عام 2018.
تاريخ التطوير
تعد جونو أحد المسابير الثلاثة الجديدة التي تعمل ناسا على تشغيلها أو بنائها ضمن مشروع الآفاق الجديدة (New Frontiers). المسباران الآخران هما "نيوهورايزونز" الذي حلّق حول بلوتو في عام 2015، و "أوسايرس-ركس" (OSIRIS-REx) الذي من المتوقع أن يطير إلى الكويكب بينو 101955 في عام 2020 لجمع عينة ثم يعود إلى الأرض.
أطلقت ناسا مشروع الآفاق الجديدة في عام 2003 كبرنامج للمهمات المتوسطة التي تبلغ تكاليف تطويرها وتشغيلها 1 مليار دولار لكل بعثة (على النقيض من ذلك، كلفت عربة كيريوسيتي نحو 2.5 مليار دولار). ومن المتوقع أن يبدأ اختيار المهمة الرابعة في نوفمبر عام 2017 على أن تنطلق في عام 2024.
حدد المجلس الوطني للبحوث مسبار المشتري كأولوية للأبحاث العلمية في دراسته العقدية عام 2003، والمعنونة بـ: "آفاق جديدة في النظام الشمسي: استراتيجية الاستكشاف المتكاملة" (New Frontiers in the Solar System: An Integrated Exploration Strategy) ومن بين الأسئلة التي طُرحت في ذلك الوقت:
- هل لدى المشتري نواة مركزية، مما سيساعد على توضيح كيفية تشكل الكوكب؟
- ما هي كمية المياه في غلافه الجوي، مما يساعد الباحثين على فهم كيفية تكون الكواكب الكبيرة؟
- كيف يمكن لأنظمة الطقس في الكواكب الضخمة بأن تظل مستقرة جداً؟
- ما هي طبيعة الحقل المغناطيسي والبلازما المحيطة بالمشتري؟
ووقع الاختيار على جونو في عام 2005 وكان من المتوقع أصلاً إطلاقها في يونيو/حزيران 2009، لكنه تأجل حتى أغسطس/آب 2011 بسبب قيود الميزانية في ناسا.
كتب ريك غراميير Rick Grammier مدير مشروع جونو في تدوينة عام 2008: "شكل تغيير الجدول الزمني تحديات لفريق عمل جونو. سيضيف التضخم تكلفة زائدة، وكذلك النفقات الفردية والإدارية بسبب أن المشروع سيأخذ وقتاً أطول من المتوقع، حتى مع تجميد حجم فريق العمل عند مستوى منخفض خلال السنوات الأولى".
وأضاف: "هناك تحدٍّ آخر، وهو معرفة كيفية الحفاظ على إرث التصاميم لدينا والإبقاء على الموظفين الماهرين، والاستفادة القصوى من خبراتهم خلال المراحل المبكرة من المشروع والتي تمدَّدت بشكل مفاجئ".
قرر الفريق الاستفادة من "المرحلة ب" الطويلة بشكل غير اعتيادي (وهي مرحلة التخطيط) لإيجاد وتقليل المخاطر في تطوير المركبة الفضائية. ومع حصولهم على ثلاث سنوات للعمل بدلاً من سنة واحدة كما هو معتاد، فإنهم يأملون في تجنُّب تغييرات التصميم في وقت متأخر من الخطة، وفجوات الاتصال وغيرها من المسائل.
الإطلاق ومناورات الطيران
أُطلقت جونو من قاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية في 5 آب/أغسطس 2011. وفي حين أنه سبق لثماني مركبات فضائية أخرى المرور بجوار كوكب المشتري في العقود الماضية، إلا أن ما يجعل جونو تتميز عنهم هي قدرتها على توليد الطاقة الشمسية من جوار المشتري. تعتمد المركبات الفضائية الأخرى على الطاقة النووية، ولكن احتياطات توليد البلوتونيوم تضاءلت في ناسا في العقود الأخيرة.
وذكرت ناسا في 2016 عندما حققت جونو رقم قياسي جديد في قطع المسافة الشمسية لجميع المركبات الفضائية: "أصبح من الممكن الاستفادة من الطاقة الشمسية على جونو بسبب تحسن أداء الخلايا الشمسية، والأدوات ذات الكفاءة من ناحية الطاقة والمركبة الفضائية، صممت المهمة لكي تتمكن من تجنب ظل المشتري، ولكي تدور بمدار قطبي يمكِّنها من التقليل من الإشعاع الكلي". (وكان الرقم القياسي السابق تحمله بعثة روزيتا، التي وصلت إلى المذنب 67P/تشوريوموف-جيراسيمنكو -وراء مدار المريخ- في عام 2014).
قبل الخروج لكوكب المشتري، حصلت جونو على سرعة إضافية لأكثر من 8800 ميل في الساعة (3.9 كيلومتر في الثانية) عندما مرت بالقرب من الأرض في 9 أكتوبر 2013. التقطت المركبة الفضائية صوراً لكوكبنا، وكذلك استمعت إلى إشارات لاسلكية للهواة كجزء من جهود التواصل مع مشغلي الإذاعة الهواة.
في فبراير/شباط 2016، قامت المركبة الفضائية جونو بعمل مناورة طيران لوضعها على مسار الوصول للكوكب الغازي الضخم في 4 يوليو 2016. ويُعد عيد الاستقلال الأمريكي موعداً ميموناً بالنسبة لناسا في وصول عدة مركبات فضائية في الماضي. ومن الأمثلة على ذلك وصول بعثة المريخ باثفايندر وسوجورنر إلى الكوكب الأحمر (1997)، والاصطدام المخطط لديب إمباكت مع المذنب تمبل 1 (2005).
وكان من المفترض أيضاً أن تهبط فايكنغ 1، وهي المهمة الأولى التي ستهبط على المريخ في 4 يوليو 1976، ولكن عندما اقتربت المركبة الفضائية كشفت الصور بأن الموقع خشن للغاية ولا يسمح بالهبوط. هبطت فايكنغ 1 بنجاح في موقع بديل في 20 تموز 1976، بعد سبع سنوات من أول هبوط بشري على سطح القمر.
البقاء في المشتري على المدى الطويل
حلقت العديد من المركبات الفضائية بالقرب من المشتري في طريقها إلى مواقع أخرى في النظام الشمسي (مثل بايونير 10 و11، فوياجر 1 و2، ونيوهورايزونز). وحتى خلال عملية التحليق القصيرة، كانت المركبات قادرة على جلب بعض المعلومات المثيرة للاهتمام حول كوكب المشتري وأقماره. على سبيل المثال، التقطت نيوهورايزونز انفجاراً كبيراً على سطح القمر البركاني أيو.
مع ذلك، حتى الآن بقيت مهمة واحدة فقط هناك لمدة طويلة: وهي غاليليو. فبعد انطلاقها من مكوك الفضاء أتلانتيس في أكتوبر/تشرين الأول عام 1989، وصلت غاليليو إلى كوكب المشتري في عام 1995 وأمضت ثماني سنوات في دراسة الكوكب وأقماره.
تشمل اكتشافات غاليليو إيجاد المحيطات المحتملة المملوءة بالماء المالح تحت قشور كل من يوروبا وكاليستو وجانيميد. كما أرسلت مسباراً يهبط في الغلاف الجوي لكوكب المشتري. ولكن تكمن أهميتها بسبب قضاءها ما يقارب العقد داخل نظام المشتري، مما أعطى العلماء فرصة نادرة لرصد أكبر كوكب في النظام الشمسي عن قرب ولمدة طويلة.
تهدف جونو إلى أبعد من ذلك. وفقاً لناسا فإنها ستركز فقط على كوكب المشتري وستحاول الإجابة على بعض الأسئلة التالية:
- ما هي كمية المياه المتوفرة في غلاف المشتري الجوي؟ وهذا أمر مهم لمعرفة ما إذا كانت النظريات التي نعرفها لتشكيل النظام الشمسي صحيحة، أو إذا كانت بحاجة إلى المزيد من العمل.
- كيف يبدو الغلاف الجوي للمشتري؟ على وجه التحديد، ما هي خصائص كل طبقة مثل تكوين الغاز ودرجة الحرارة و حركات السحاب؟ ستساعدنا معرفة حالة الطقس على المشتري في معرفة المزيد عن الطقس للكواكب الغازية الضخمة عموماً. (من المهم بالنسبة للكواكب في نظامنا الشمسي وكذلك الكواكب الخارجية).
- ما هي المجالات المغناطيسية والجاذبية لكوكب المشتري؟ هذا سيعطي العلماء بعض التلميحات لما يبدو عليه الهيكل الداخلي لكوكب المشتري.
- كيف يمكن للبيئة المغناطيسية لكوكب المشتري بأن تؤثر على غلافه الجوي؟ وسيأتي جزء من هذه الدراسة من خلال دراسة الشفق.