التُقطت هذه المشاهد الثلاثية للأرض خلال تحليق مركبة جونو بتاريخ 9 أكتوبر من سنة 2013. تظهر الصورة إلى أقصى اليسار ثلثي قارة أمريكا الجنوبية. مع تحرك المركبة نحو الشرق، نرى أن كلاً من ساحل تشيلي والخط الثلجي الذي ترسمه جبال الأنديز يتراجعان نحو الطرف الأيسر للكوكب (الصورة في المنتصف). تتضمن الصورة الثالثة مشاهد لساحل الأرجنتين مع وجود بعض الانعكاسات الضوئية، أو المناطق البراقة، قبالة ريو نيغرو شمال سان ماتياس، بالإضافة أيضاً إلى بعض تشكيلات السحب فوق القارة القطبية.
المصدر: NASA/JPL-Caltech/MSSS
عندما تصل المركبة الفضائية جونو إلى كوكب المشتري بتاريخ 4 تموز/يوليو، سيحظى البشر بفرصة الحصول على مشاهد جديدة تظهر السحب الملتفة لهذا الكوكب العملاق، ويعود الفضل في ذلك إلى الكاميرا الملونة المعروفة باسم: جونو كام (JunoCam). وبخلاف البعثات الفضائية السابقة، لن يتمكن العلماء المختصون من إنتاج المشاهد المعدلة أو حتى اختيار الصور التي ينبغي التقاطها. وعوضاً عن ذلك، سيشكل عامة الناس فريق تصوير افتراضياً، إذ سيساهمون في جميع الخطوات الرئيسية الخاصة بمعالجة الصور بدءاً من تحديد المعالم المثيرة للاهتمام، وانتهاء بمشاركة الصور النهائية على شبكة الإنترنت.
يقول سكوت بوتون Scott Bolton، وهو الباحث الرئيسي في بعثة جونو من المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث Southwest Research Institute : "إنها حقاً كاميرا العامة! وطبعاً نحن نأمل أن ينضم الطلاب والصفوف الدراسية بأكملها إلى فريقنا".
بدأ فريق بعثة جونو المرحلة الأولى الخاصة بجونو كام من إخلال إطلاق منصة ويب على الموقع الإلكتروني للبعثة. وبالطبع، سيكون هواة الفلك مدعوين خلال الفترة الحالية أو أثناء مدة البعثة إلى تسليم صور كوكب المشتري التي التقطوها بواسطة تلسكوباتهم. ستكون هذه المشاهد منطلق مجموعة من النقاشات التي ستجرى عبر الشبكة العنكبوتية. ستتمحور تلك الحوارات حول اختيار أي من دوامات المشتري، أو الأشرطة او البقع الموجودة على سطحه ليتم تصويرها بواسطة جونو كام أثناء عبور المركبة بشكل متكرر وقريب من الكوكب. وفي هذا الصدد، ستلعب مشاهد التلسكوبات الأرضية دوراً جوهرياً في تحديد وتتبع التغيرات الحاصلة في معالم سحب الكوكب عند اقتراب المركبة من الكوكب.
تقول كاندي هانسن Candy Hansen، وهي أحد أعضاء فريق التخطيط العلمي لبعثة جونو كما تقود عمليات التخطيط للكاميرا: "ستبتعد مركبة جونو عن المشتري بين عمليات التحليق القريب التي ستجريها بالقرب منه، وبالتالي، سيتقلص الكوكب في مجال الرؤية الخاص بجونو كام ليصبح صغيراً جداً، وغير مفيد لاختيار المعالم التي يجب التقاطها. وعليه، فإننا نعتمد حقا على المساعدة التي سيقدمها الراصدون الموجودون على سطح الأرض".
ستقترب مركبة جونو من المشتري بشكل يفوق أي مركبة مدارية سابقة، مما يمنح جونو كام فرصة التقاط أفضل المشاهد المقربة التي تظهر أشرطة السحب الملونة الخاصة بالكوكب. ومن المقرر أيضاً أن تتحرك المركبة الدوارة والعاملة بالطاقة الشمسية كل 14 يوماً لعدة ساعات بعيداً عن المشتري، وذلك بهدف جمع مجموعة كبيرة من البيانات العلمية، بالإضافة طبعاً إلى عشرات الصور التي ستلتقطها جونو كام. وعند وصول المركبة إلى أقرب نقطة لها من الكوكب، ستلتقط جونو صوراً من على بعد مسافة تقدر بنحو 3،100 ميل (5000 كم) فوق سحب المشتري.
تقول ديان براون Diane Brown، وهي مديرة برنامج جونو في مقر وكالة ناسا في واشنطن: "لا يقتصر الأمر على الصور الملونة عالية الدقة التي ستلتقطها جونو كام لأشرطة المشتري، إذ سنحظى أيضًا بمتعة رؤية أولى المشاهد لقطبي الكوكب، واللذين لم يتم تصويرهما من قبل".
وعلى نقيض معظم الكاميرات الموجودة على متن المركبات الفضائية، صممت جونو كام خصيصاً كي تعمل على متن مركبة فضائية دوارة. يتوجب على المركبات الفضائية في العادة أن تتجه بدقة متناهية نحو الهدف المراد تصويره، وذلك منعاً لتشوه الصور. ولكن نظراً لأن مركبة جونو تدور مرتين في الدقيقة الواحدة، فقد صمم فريق البعثة كاميرا تستطيع تصوير عدة خطوط بيكسل كل مرة وعند السرعة المناسبة، وذلك لإلغاء تأثير الدوران وتجنب تشوه الصور.
كانت أفضل الصور التي حظينا بها لكوكب المشتري هي تلك التي التقطتها مركبتا فوياجر أثناء تحليقها بالقرب من الكوكب سنة 1979. وكما هو معلوم، سيكون مجال الرؤية الخاص بجونو كام أعرض بكثير من كاميرات بعثة فوياجر ذوات الزوايا الضيقة. ويعني هذا الأمر أن كل صورة تلتقطها جونو كام ستكون أشبه بمنظر شامل، كما أن الصور عالية الدقة ستظهر صفوفاً عريضة من السحب. وبالتالي يمكن القول أن جونو كام هي حصيلة عدة عقود من الإنجازات التقنية، والتي ساهمت في جعلها أقل وزناً، وأقل استهلاكاً للطاقة وأقل تكلفة أيضاً.
وبعد وصول بيانات بعثة جونو كام إلى الأرض، سيعالج أعضاء من العامة الصور للحصول على صور ملونة. وقد اختبر فريق جونو بنجاح مدى نجاح هذا المنهج عند التقاط جونو كام لأولى صورها عالية الدقة، والتي تظهر كوكبنا أثناء تحليق المركبة فوقه في أكتوبر/تشرين الأول من سنة 2013.
كان الهدف المقصود منذ المراحل الأولى للبعثة أن تكون جونو كام أداة لتوعية العامة، وذلك بخلاف الأدوات الأخرى التي تخدم الهدف العلمي الأساسي للبعثة. سيضمن علماء بعثة جونو أن ترسل جونو كام بعض المشاهد الجميلة للمناطق القطبية للمشتري، إلا أن العامة سيختارون الغالبية العظمى من الصور، هذا فضلاً عن أنهم سيعالجون البيانات بأنفسهم.
تقول بوتون: "نريد منح الناس فرصة المشاركة مع وكالة ناسا، وكذلك فإن مساهمة العامة هي عنصر رئيسي لنجاح جونو كام. وبالتالي يمكنني القول بأن هذا الأمر يظهر المساهمة العلمية للمواطنين العاديين بأفضل صورة ممكنة."
قم بزيارة هذا الموقع لمزيد من المعلومات حول جونو كام والمعالم الجديدة التي سيساهم هواة الفلك في اختيارها
ستضيف منصة الويب الخاصة بجونو كام قريباً قسماً خاصاً بالنقاشات حول البدء بتحديد المعالم المثيرة للاهتمام كي تلتقطها صور جونو كام.
صممت شركة Radical Media الموقع الإلكتروني الخاص ببعثة جونو منذ سنة 2011، وقد تم تطوير الموقع وتحديثه ليشمل المعالم الجديدة، بالإضافة طبعاً إلى قسم تفاعلي خاص بجونو كام.
أُطلقت بعثة جونو في سنة 2011، وهي تستخدم جميع التقنيات المعروفة من أجل البحث عما يوجد أسفل السحب الغامضة التي تغطي كوكب المشتري، وذلك بهدف معرفة المزيد عن منشأ الكواكب وبنيتها وغلافها الجوي والمغناطيسي.
يتولى مختبر الدفع النفاث ومقره باسادينا في كاليفورنيا إدارة البعثة لصالح الباحث الرئيسي سكوت بوتون من المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث في سان أنطونيو. تعد بعثة جونو جزءاً من برنامج (New Frontiers) الذي يديره مركز مارشال لرحلات الفضاء ومقره هانتيفيل في ألاباما. قامت شركة لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء ومقرها دنفر بتصميم المركبة الفضائية.
وختاماً يجدر التنويه إلى أن مختبر الدفع النفاث هو قسم من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والذي يدير المختبر لصالح وكالة ناسا.