المتطوعون يغادرون كهف لومبريفز في 24 أبريل 2021. حقوق الصورة: Fred Scheiber/AFP via Getty Images
40 يومًا من العزلة: تجربة لتأثير العزلة على البشر
خرج 15 متطوعًا من أحد الكهوف في جنوب غربي فرنسا بعد بقائهم أربعين يومًا بعيدًا عن ضوء الشمس ودون أي ساعات أو هواتف، وذلك ضمن تجربةٍ لدراسة تأثير العزلة على البشر.
تألفت مجموعة المتطوعين من ثمانية رجال وسبع نساء خرجوا يوم السبت بعد قضائهم أربعين يومًا في كهف لومبريف Lombrives. شكّلت هذه التجربة جزءًا من مشروع ديب تايم Deep Time الذي يهدف لاستكشاف مقدرة البشر على التكيف مع العزلة، وبلغ تمويل المشروع نحو 1.4 مليون دولار بقيادة معهد التكيف البشري.
وثّقت بعض اللقطات على مواقع التواصل الاجتماعي خروج المتطوعين من الكهف وسط تصفيق الحاضرين، أما المتطوعون فكانوا مبتسمين ويرتدون نظارات خاصة لحماية أعينهم من الشمس، لا سيما أنهم قضوا مدة طويلة في الظلام.
نام المتطوعون ضمن خيم أثناء وجودهم في الكهف، واعتمدوا على توليد الطاقة الكهربائية عن طريق دراجة في ظل غياب الضوء الطبيعي، أما المياه فحصلوا عليها من بئر يصل عمقه إلى 146 قدم تحت الأرض.
وبسبب غياب ضوء الشمس، اضطر أعضاء الفريق لتتبع ساعاتهم البيولوجية لمعرفة مواعيد نومهم وأكلهم وغيرها من المهام الأخرى، لكنهم فقدوا إحساسهم بالوقت بسرعة كما كان متوقعًا.
وبحسب صحيفة الغارديان يقول رئيس المشروع وأحد المتطوعين كريستيان كلوت Christian Clot: "ها نحن ذا! لقد غادرنا للتو بعد أربعين يومًا، إنها مفاجأةٌ حقيقيةٌ"، فقد صرح أحد المتطوعين باعتقادهم أنهم قضوا 23 يومًا فقط في الكهف.
انقطع تواصل الفريق مع العالم الخارجي بشكلٍ كاملٍ أثناء التجربة، حيث مُنعوا من استعمال الهواتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى.
جوان فرانسوا Johan Francois هو أستاذ رياضيات وأحد المتطوعين في التجربة، أخبر جوان مراسلي الـBBC أنه ركض في دوائر داخل الكهف لنحو عشرة كيلومترات كي يحافظ على رشاقته، وأضاف أنه امتلك "دوافعًا في أحشائه" ليخرج من الكهف.
أما المتطوعون الأخرون فقد كان لهم رأي أخر، إذ وضح ثلثا الفريق أنهم أرادوا البقاء في الكهف لمدة أطول.
تقول مارينا لانسون Marina Lançon، وهي إحدى النساء السبع اللواتي شاركن في التجربة في مقابلتها مع صحيفة الغارديان:
"لأول مرة في حياتنا شعرنا وكأننا أوقفنا الزمن. لأول مرة امتلكنا الوقت للتوقف وعيش حياتنا والقيام بالمهام المترتبة علينا، لقد كانت تجربة رائعة".
ولكن في كل الأحوال فرحت لانسون بخروجها وسماع زقزقة العصافير من جديد.
راقب العلماء الفرنسيون والسويسريون من معهد التكيف البشري المتطوعين عن كثب أثناء وجودهم في الكهف، فقد تعقبوا أنماط نوم الفريق بشكلٍ متكرر بالإضافة إلى تفاعلاتهم الاجتماعية ووظائفهم المعرفية عن طريق مستشعرات عدة، كما فحصوا نشاطهم الدماغي قبل وبعد التجربة.
يشرح العلماء المسؤولون عن المشروع أن ذلك سيساعدهم في فهم كيفية تكيف الناس مع ظروف الحياة الصعبة ومع كونهم في عزلة تامة عن العالم المحيط.
قال كلوت بعد خروجه من الكهف: "سيتطور مستقبل البشر على هذا الكوكب. ينبغي علينا تحسين فهمنا لقدرة أدمغة البشر على إيجاد حلول بديلة في أي موقف".