انفجارات نوفات تقليدية تُعتبر مصانع رئيسية لليثيوم في الكون

حول الصورة: انطباع فني لانفجار كلاسيكي لنوفا. حقوق الصورة: NAOJ. 

 

في الرابع عشر من أغسطس/آب من العام 2013، اكتشف الفلكي الياباني الهاوي الشهير كويوشي اتاكاغي (Koichi Itagaki) نجماً لامعاً جديداً في كوكبة الدلفين. بلغ قدر هذا النجم 6.8 عند اكتشافه ووصل إلى القدر 4.3 خلال يومين، وأُعطي اسم النوفا ديلفيني 2013 (V339 Del)، وكانت أول نوفا تُشاهد بالعين المجردة منذ العام 2007 عندما تم اكتشاف النوفا (V1280 Sco).

 

بعد ذلك بحوالي 40 يوم وفي سبتمبر/أيلول من العام 2013، رصد فريق من علماء الفلك هذه النوفا بقصد دراسة المواد التي تقذفها جراء الانفجار، واكتشفوا في تلك المرحلة أن النوفا تقوم بإنتاج كميات كبيرة من الليثيوم.

 

تُعتبر نوفا ديلفيني 2013 واحدة من بين النوفات الكلاسيكية التي تلمع عندما تحدث تفاعلات نووية انفجارية في المواد المتراكمة فوق سطح قزم أبيض موجود في نظام نجمي ثنائي لامع،ويُعتقد أيضاً بأن هذه التفاعلات النووية تُنتج سلاسل مختلفة من العناصر مقارنةً بتلك التي تحصل داخل النجوم أو في انفجارات السوبرنوفات. من المفترض أن عنصر الليثيوم يُنتج بشكلٍ نموذجي في هذه الانفجارات. لكن تاريخياً، لم يتمكن أحد من رصْد أدلة قوية على إنتاج هذا العنصر في انفجارات النوفا.

 

 
  • اكتشاف نظير البيريليوم (Be7) كمُشكِّل لليثيوم الموجود في أطياف النوفا
عندما رصدت المجموعة البحثية نوفا ديلفيني 2013 باستخدام تلسكوب سوبارو، استخدموا راسم الطيف عالي التشتت للتمييز بين المواد التي يقذفها انفجار السوبرنوفا على أربعة مراحل. 
 

 

حُدِّدت العديد من خطوط الامتصاص الناتجة عن عناصر مثل الهيدروجين، والهليوم، والحديد في الأطياف المرصودة. ومن بين تلك الأطياف، هناك مجموعة قوية من خطوط الامتصاص في مجال الأشعة فوق البنفسجية -الطول الموجي 313 نانومتر تقريباً- من الطيف، وبمقارنة هذه الخطوط مع خطوط أخرى قادمة من الهيدروجين، والكالسيوم، وعناصر أخرى تبيَّن أنها تعود إلى نظير البيريليوم (7Be) الذي يُعتبر رابع أخف العناصر في الكون. 

 

في النوفا الكلاسيكية، يأتي نظيري الهليوم: الهليوم-3، والهليوم-4 من النجم المرافق وتنصهر معاً لتشكيل العنصر المشع البيريليوم-7 في بيئة ذات درجة الحرارة مرتفعة وموجودة على سطح قزم أبيض. 

 

يتفكك هذا النظير المشع ليُشكِل نظير الليثيوم-7 خلال فترة قصيرة من الزمن، إذ يبلغ عمر النصف الخاص به 53.22 يوم، ولأن الليثيوم-7 هش للغاية في البيئات ذات درجات الحرارة المرتفعة؛ فمن الضروري انتقال البيريليوم-7 إلى مناطق أبرد حتى يُصبح لدينا وفرة من الليثيوم في الوسط بين-النجمي، والنوفات تُلبي هذا المطلب بشكلٍ كامل. لذلك، اُفترضت على أنها من المرشحين الأقوياء كمصادر لليثيوم في الكون. 

التفاعلات النووية لتشكيل عنصر 7Be، وبعده 7Li في انفجارات نوفات كلاسيكية. حقوق الصورة: NAOJ.
التفاعلات النووية لتشكيل عنصر 7Be، وبعده 7Li في انفجارات نوفات كلاسيكية. حقوق الصورة: NAOJ.

 

يعني هذا الاكتشاف أن انفجار النوفا يُنتج كميات كبيرة من الليثيوم-7 الناتج عن تفكك البيريليوم-7 بعد 50 يوماً من حدوث الانفجار، وبسبب وجود الأخير في فقاعات غازية تنفجر مبتعدةً عن المنطقة المركزية للنوفا وبسرعات مرتفعة، حوالي 1000 كيلومتر في الثانية، يُدمر الليثيوم-7 المُتشكِّل في البيئات ذات درجات الحرارة المرتفعة، ثم يصبح الليثيوم-7، المنتشر في الفضاء بين-النجمي، جزءاً من الجيل التالي للنجوم.

 

اكتُشف أيضاً أن وفرة البيريليوم-7، المحسوبة بالاعتماد على قوة خطوط امتصاصه، تُضاهي وفرة عنصر الكالسيوم، ويجب أن تكون كمية هذا العنصر كبيرة جداً؛ لأنه من المعروف أن عنصر الليثيوم نادر جداً في الكون.

 

  • تأثير هذا البحث 

تزداد كمية الليثيوم بسرعة كبيرة في المجرة خلال العصر الحالي، حيث ازدادت كمية العناصر الثقيلة. ولذلك، لطالما خمَّن علماء الفلك بأن النجوم منخفضة الكتلة، التي تمتلك عمراً أطول، يجب أن تكون من بين المصادر الرئيسية لعنصر الليثيوم في الكون، وبسبب حصول انفجارات النوفا في الأنظمة الثنائية، التي تطورت بوجود نجوم منخفضة الكتلة وخصوصاً بوجود مُرافِق غني بالهليوم-3 الضروري لإنتاج البيريليوم-7، تُعتبر هذه الأنظمة من بين المرشحين الأقوياء كمصادر لليثيوم.

 

تُقدم المراقبات، التي أُجريت باستخدام HDS الموجود على متن تلسكوب سوبارو، أولى الأدلة القوية التي تُثبت إنتاج النوفات لكميات كبيرة من الليثيوم الموجود في الكون، ويؤكد هذا الاكتشاف صحة نموذج التطور الكيميائي للكون انطلاقاً من الانفجار العظيم وحتى يومنا هذا.

 

أكثر من ذلك، فإن كمية الليثيوم المرصودة في انفجار هذه النوفا أعلى مما تم التنبؤ به من قبل التقديرات النظرية، بينت نوفا ديلفيني 2013 مميزات نموذجية للنوفات الكلاسيكية، وإذا ما أنتجت نوفات أخرى كميات كبيرة من الليثيوم، كتلك المنتجة بوساطة ديلفيني 2013، فإنها ستُعتبر المصانع الرئيسية لليثيوم في الكون. وفي المستقبل القريب، فإن المزيد من المراقبات لانفجارات النوفا سيقدم نموذج أكثر وضوحاً بكثير لتطور الليثيوم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات