مختبرات المادة المظلمة تُصبح مراكز علمية تحت أرضية

عميقاً تحت أقدامنا، وأسفل الجبال والمناجم يحدث تحول علمي في الوقت الراهن؛ فالمختبرات التي بُنيت في الأساس للبحث عن جسيمات مثل: النيوترينوات (neutrinos)، والمادة المظلمة الغامضة (dark matter) تُستغل الآن من قِبل باحثين من كافة أرجاء العالم لاستكشاف علوم موجودة خارج عالم فيزياء الجسيمات الفلكية.

 

في عدد مايو/أيار من مجلة (Physics World) يصف شون بيلينغ (Sean Paling)، مدير وكبير علماء مختبر بولبي تحت الأرضي بالمملكة المتحدة، وستيفين سادلر (Stephen Sadler)، زميل الأبحاث الفخري في جامعة شيفيلد ومدير شركة دوريدج (Durridge) لأجهزة الرادون، كيف يُمكن لتلك المختبرات تحت الأرضية المساهمة في مجالٍ واسع من التطبيقات انطلاقاً من أبحاث أجهزة المُتجولين المريخيين (Mars rovers)، ومروراً بالرسم المقطعي للميونات (muon tomography)، والتأريخ الإشعاعي (radioactive dating)، والبيولوجيا الفلكية (astrobiology).

 

مثل العديد من المختبرات تحت الأرضية، يُقدم مختبر بولبي بيئة خالية بالكامل تقريباً من وجود تداخل ناجم عن جسيمات الإشعاع الكوني التي تُعتبر مصدراً ثابتاً لضجيج الجسيمات غير المرغوب بها على سطح الأرض، أدركت العديد من المجموعات غير العاملة في مجال فيزياء الجسيمات أن تلك البيئات قد تكون مفيدة لأبحاثهم.

 

كنتيجة لذلك، حصل استغلال كبير لمقترحات تمويل تلك المختبرات وتبعه تنويع وظائفها؛ حيث يستضيف مختبر بولبي الآن مشاريع متنوعة تشمل بيولوجيا الفضاء، وتطوير تقنيات محددة لمراقبة غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي سيُدفن داخل مناطق تخزين مستقبلية معدة لأَسْر الكربون.

 

لا يُعد مختبر بولبي فريداً في هذا المجال الجديد نسبياً، ففي مختبر كانفرانك (Canfranc) تحت الأرضي في اسبانيا يستكشف العلماء الرابط الموجود بين النشاط الزلزالي (seismic activity) وتفريغ مياه الأنهار (river discharge)، وفي مختبر غران ساسو الوطني (Gran Sasso) في ايطاليا يستخدم علماء الفيزياء التحليل الطيفي لأشعة جاما بهدف تأريخ النوى الجليدية المنتزعة من الجليد القطبي.

يقول بيلينغ وسادلر: "يتمتع كل مختبر تحت أرضي بعرضٍ فريد يعتمد على موقعه وجغرافيا مكانه".

 

يُعتبر بولبي في مقدمة المختبرات التي تستضيف مجال متنوع من المشاريع ذات الأهداف المتعلقة بالبحث خارج الأرض، ويختبر أيضاً الجيل الجديد من المُتجولين المريخيين الذين سيتجولون في كهوف المريخ (troglodytic Mars rovers)، بالإضافة إلى مشاريع تُركز على مراقبة أَسْر الكربون، وتأريخ المواد، وقياس النشاط الإشعاعي للمواد.

يقول تشارلز كوكيل (Charles Cockell)، مدير مركز علم بيولوجيا الفضاء في المملكة المتحدة: "إذا ما أردنا النجاح في استكشاف المريخ، نحتاج إلى أماكن في الأرض مشابهة لتلك الموجودة فوق المريخ. البيئة المظلمة لمنجم بولبي مكانٌ مثالي تماماً لفهم الحياة تحت الأرضية واختبار تقنيات الفضاء التي ستستكشف المريخ".

 

يبدو مستقبل بولبي مشرقاً جداً خصوصاً بوجود منحة حالية تُقدر بحوالي 1.8 مليون يورو قدّمتها لجنة منشآت التكنولوجيا والعلوم البريطانية بقصد بناء مختبر تحت أرضي جديد قريب من المختبر الحالي، ولن يكون المختبر الجديد متعدد الاختصاصات العلمية فقط، وإنما سيستضيف ويدعم جهود بريطانية خلال المرحلة التالية من تجارب البحث عن المادة المظلمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات