الثقوب السوداء، نظرة عامة

حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


 

يعتقدُ العديدَ منَ البشر أنّ الثقوب السوداء تتمتّع بقوّة جذب هائلة، وبالتالي يخيلُ لهم أنّ الثقوب السوداء بخاصيّتها تلك يمكنُها جذب أيّ نجم أوكوكب أوحتى شعاع ضَوء نحوها والتهامهُ بِبساطة عاجِلاً كانَ أمْ آجلاً. لكنْ هل هذا صحيح؟ وما هوالثُّقب الأسود؟ وكيف يتكوّن؟ ولمَ أطلقَ عليه هذا المصطلح؟ وما مدى قوته الحقيقيّة؟ وما الذي يمكن أن يَحدث لوأنّ الثُّقب الأسود ابتلعَ شخصٌ ما؟ العديد من الأسئلة تخطر في بالنا لمجرّد سماعنا لهذا المصطلح، دعونا نتعرّف بالتفصيل عن إجابات الأسئلة التي خطرت ببالِكم.

 

بدايةً يُطلق مصطلح الثُّقب الأسود على الحيِّز في الفراغ الذي يتمتع بجاذبية عالية، كما أن هذا المصطلح كان ظهوره حديث جداً، بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ تحديد مساحة هذه الثقوب ليسَ بالأمر السَّهل. تاريخياً، في عام 1916 م توصَّل عالم الفلك الألماني كارل شفارتسشيلد إلى أول حلّ دقيق فيما يخصُّ النظرية النسبيّة للعالِم آينشتاين المتعلّقة بالثقب الأسود، إذا تتنبّأ النظريّة النسبية العامة بأنّه يمكن لكتلة مضغوطة بقدرٍ معيّن أن تشوّه الزمكان لتشكيل الثّقب الأسود، ويُطلق على حدود المنطقة التي لا يُمكن الهروب منها اسم " أفق الحدث ".

 

في عام 1958 استنتجَ الأمريكي ديفيد فنكلشتاين أنَّ الثقب الأسود - كما ذكرنا سابقاً - بأنّه عبارة عن حيِّز في الفراغ يمكنه جذب أي شيء نحوَهُ بسهولة. أما في عام 1969 م ربطَ العالِم الأمريكي جون هويلر الثقب الأسود تصويرياً بِفكرة ترجعُ إلى الوراء مئتي عام على الأقلّ، حين كانت توجد نظريتان بخصوص الضّوء وهُما: الأولى تنصّ على أنّ الضوء يتألف من أجسام صغيرة تنتقل في خطوط مستقيمة خلال الفراغ وتُسمى بنظرية الجسيمات الضوئيَّة، أما النظرية الثانية التي وضعها نيوتن فتقول بأنَّ الضوء يتألف من موجات، وجميعنا يعلمُ بأنّ كلنا النظريتان صحيحتان معاً.

 

كيف تتكون الثقوب السوداء


يعتقدُ العلماء بأنّ أصغر الثقوب السوداء نشأَ عندما بدأ الكون. في النظريّة النسبيّة فسّرَ آينشتاين كيفَ تكوَّنت تلكَ الثقوب، حينَ ينتهي نجمٌ عملاق وينهارُ يترك خلفهُ نواة كبيرة، إذا كانَ حجم النواة أكبر من حجم الشَّمس على الأقل ثلاث مرّات فإنَّ الجاذبيّة تُنهي كلّ القوى وتحوِّلها إلى ثقب أسود، كما أنَّ الثقب الأسود ليس ثقب، ولكن عبارة عن كميّة كبيرة من مادة مضغوطة في مساحةٍ صغيرة. أي نستنتج أنَّ الطريقة الأكثر شيوعاً لتكوين الثقب الأسود هي الموت النجمي، وعندما تصلُ النجوم إلى نهاية حياتها، سوف يتضخّم معظمها، وينفذ وقودها، ثمّ تبرُد لتشكّل أقزاماً بيضاء . وكما نوّه العالِم الفيزيائي ستيفن هوكنج: "أنه كما يوجد في علم الفلك ثقوب سوداء يمكن للأشياء أن تهوي داخلها ولكن لا يمكنها أن تخرج منها، أيضاً ينبغي أنْ تكون هناك أجرام أخرى حيثُ يُمكن للأشياء أن تخرج منها ولكنّها لا يمكنها أنْ تهوي لداخلها، ويمكننا أن نسمّي هذه الأجرام بالثقوب البيضاء".

 

الجاذبيّة داخل الثقب الأسود قويّة جداً لهذا لا يمكنُنا رؤية ما بداخلها. اكتشف ستيفن هوكنج ما يُسمى إشعاع هوكنج كما يعتقدُ ستيفن بأنّ هذه الثقوب يمكن أنْ تكون ممرّات إلى كونٍ آخر.

 

ماذا عَن لو أنّ الثقب الأسود ابتلعنا؟ وإذا وقعتَ في أحد هذه الثقوب هل يمكن أن تُلاقي نفسك في بُعدٍ آخر؟

 

فمثلاً إذا وجدتَ نفسك عند أفق الحدث فستَرى النجوم تدور حولَ الثقب بشكل دائِري ثمّ ستتحرك أسرَع فأسرَع بفعلِ الجاذبيّة. كما نعلمُ أن الجاذبيّة قوية جداً، فإذا سقطتَ في الثقبِ الأسود ستتعرّض قدماك لسحبٍ كبير أقوى من رأسك، وسيتمدّد جسمُكَ.

 

أنواع الثقوب السوداء


1) ثقب نجميّ الكتلة: كتلته بين 10 و20 ضعف كتلة شمسنا.

2) ثقب فائق الكتلة: يوجد في مركز معظم المجرّات، أكبر مليون مرّة من كتلة شمسنا، وقد تصل كتلته إلى إلى 31 مليار ضعف كتلة الشمس.

3) ثقب متوسّط الكتلة: كتلته بين النجميّ والفائق.

4) ثقب صغير: بحجم جسيم ذرّيّ، قد تكون تشكّلت هذه الثقوب بعد الانفجار العظيم مباشرةً.

 

يوجد في مركز الثقب الأسود ما يُسمّى "المتفردة"، وهي نقطة صغير ذات كثافة غير محدودة، وهو مكانٌ تنهار فيه قوانين الفيزياء الطبيعية.

 

علاقة الثقوب السوداء بالديناميكا الحراريّة


ذكَر العالِم ستيفن هوكنج أنّ أول إشارة إلى احتمال وجود صلة بينهما أتت مع الاكتشاف الرياضيّ عام 1970. تتزايد مساحة أفق الحدث، أي حدّ الثقب الأسود، عندما يسقط المزيد من المادّة داخل الثقب الأسود؛ ووفقاً لذلك فعندما يصطدم ثقبان أسودان، ويتداخلان ليشكّلا ثقباً أسوداً واحداً، فإنّ مساحة أفق الحدث حولَ الثقب الأسود الناتج تكون أكبر من حاصل جمع مساحتيْ أفقي الحدث حول الثقبين الأسودين الأصليين.

 

 كم هو عددُ النجوم التي تتحوّل إلى ثقوب سوداء في مجرّتنا؟ نظريّاً يوجد نجمٌ من كلّ ألف نجم جاهز ليصبح ثقب أسود عند نهاية حياته، مجرّة درب التبّانة التي نعيش فيها تحتوي على مئة مليار نجم على الأقل، أي أنّها مرشّحة لاستضافة نحو 100 مليون ثقب أسود، معظم هذه الثقوب لم تقعْ عليها أعين العلماء بَعد، فقد سجّلوا حتى الآن وجود نحو15 ثقباً في المجرّة بأكملها فقط، وأقربها يقع على بُعد 1200 سنة ضوئية تقريباً.

 

ما هو حجم هذه الوحوش الكونيّة غير المرئية؟


تتفاوت أحجام الثقوب السوداء، فأصغرها يكون بحجم ذرّة واحدة، وبالمقابل هناك ثقوب مهولة الحجم ويصلُ عرضها إلى عشرات مليارات الكيلومترات.

 

إمسح وإقرأ
شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات