حقيقة السباق الفضائي نحو المريخ

30 تموز/يوليو. لحظة انطلاق مسبار مارس 2020 بريزيرفانس Mars 2020 Perseverance التابع لوكالة ناسا NASA إلى المريخ. (حقوق الصورة: © ULA)


تتجه أنظار الولايات المتحدة والصين والإمارات العربية المتحدة جميعها نحو المريخ.

مع الإطلاق الناجح لمسبار مارس 2020 بريزيرفانس Mars 2020 Perseverance التابع لوكالة ناسا يوم الخميس الموافق لـ 30 تموز/يوليو، فإنّ ثلاث دول تمتلك اليوم مركباتٍ تتجه نحو الكوكب الأحمر، إذًا هل نستطيع القول أنّ هذا سباقٌ فضائيٌّ نحو المريخ؟ ليس تمامًا! لكنها صدفةٌ مثيرةٌ لعلوم الكواكب.

يمثل إطلاق مسبار بريزيرفانس المتجول ثالث مهمة تنطلق إلى المريخ في الأسبوعين الماضيين بعد أن أطلقت الإمارات العربية المتحدة مسبار الأمل المداري الخاص بها إلى المريخ فوق صاروخٍ ياباني في 19 تموز/يوليو، والذي سيصل بدوره إلى مدار المريخ في شباط/فبراير 2021.


وبعد مسبار الأمل الإماراتيّ، انطلقت مهمة تيان وين-1 Tianwen-1 الصينية في 23 تموز/يوليو حيث أُرسلت حينها مركبةً مداريةً ومركبة هبوط وعربةً جوالةً إلى الكوكب الأحمر، ومن المقرر أن تصل في شباط/فبراير 2021، وأخيرًا وليس آخرًا، انطلقت مهمة مسبار بريزيرفانس للهبوط في فوهة جيزيرو Jezero Crater الضخمة في 18 شباط/فبراير 2021.


بالتالي، ووفقًا لمدير وكالة ناسا جيم بريدنشتاين Jim Bridenstine، فإنه مع وجود ثلاث مركبات تندفع عبر الفضاء باتجاه الكوكب الأحمر، قد يبدو الأمر وكأنه التعريف الأكثر حرفيةً لمصطلح "سباق الفضاء" لكنّ الحال ليست كما تبدو عليه.


صرّح بريدنشتاين خلال مؤتمرِ صحفيّ يوم الأربعاء الموافق لـ 29 تموز/يوليو بأنّ الصين أطلقت مسبارًا إلى المريخ أيضًا، وتابع في حديثه عن الصين: "بالتأكيد نحن نرحب بمزيد من العلم ومزيدٍ من الاكتشافات، ونشجعهم على مشاركة ما تعلموه مع العالم بأسره، تمامًا كما تشارك ناسا ما تعلمته مع العالم بأسره، لذلك نتطلع قُدمًا إلى قيامهم بذلك".


وأضاف بريدنشتاين: "يتناهى إلى مسمعي أنّ الناس يُدرجون هذه الأمور تحت مُسمّى السباق، وأنا حقًا أريد أن أكون واضحًا بشأن هذا الموضوع هنا، هذه هي المرة التاسعة لنا للهبوط بمركبةٍ آلية على سطح المريخ، فبالفعل نحن فعلنا ذلك قبلًا عدّة مراتٍ".


وأكدّ بريدنشتاين أن مهمّات الولايات المتحدة الأميركيّة والصين والإمارات العربيّة المتحدة تنطلق وتهبط (أو تصل في حالة مسبار الأمل) في أوقاتٍ مماثلة لكنها لا "تتسابق" للوصول إلى المريخ أولًا. إذًا، لماذا أُطلقت عدة مهام متتالية خلال هذه المدّة الزمنية القصيرةِ جدًّا؟


في الحقيقة، توجد فترةٌ زمنيةٌ قصيرةٌ تأتي كلّ 26 شهرًا، تقترب فيها الأرض والمريخ من بعضهما البعض، وتتيح هذه الفترة الفرصة للرحلة الأسرع والأكثر كفاءةً من الأرض بالوصول إلى المريخ، وتنتهي هذه الفترة في منتصف شهر آب/أغسطس، لذا إذا قررت هذه المهام الانتظار، فسيتعيّن عليها تأخير موعد انطلاقها حتى الفترة التالية، والتي ستكون في غضون عام 2022.


إذاً، فإنّ هذا الأمر لن يؤخر المهمة وأهدافها فحسب، بل سينتهي الموضوع بتكلفةٍ كبيرةٍ للغاية، وعلى سبيل المثال ذكر المدير بريدنشتاين: "إذا اضطرت ناسا لتأجيل إطلاق مهمة بريزيرفانس حتى عام 2022، فسيتعين عليها وضع هذا المسبار في مستودعاتها وسينتهي به الأمر في المخزن"، وعلى حد قوله: "سيكلّف هذه الأمر دافعي الضرائب الأميركيين نصف مليار دولار".


في الحقيقة، كان من المقرر أصلًا إطلاق مهمةٍ رابعةٍ إلى المريخ هذا الشهر بواسطة فريقٍ آخر من بلدانٍ عدّة، وكانت وكالة الفضاء الأوروبية ESA ووكالة روسكوزموس Roscosmos الروسية تأملان في إطلاق المركبة إيكزو مارس روزاليند فرانكلين ExoMars rover Rosalind Franklin إلى المريخ في تموز/يوليو، لكن مشاكل تصميم المظلات واستمرار تفشيّ وباء فيروس كورونا أخرت الرحلة، وبحسب وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة روسكوزموس فإن هذه المهمة أُجِّلت لعام 2022.

وأشار بريدنشتاين إلى أن مهمة بريزيرفانس، وهي المهمة التاسعة لمؤسسة ناسا، ليست الوحيدة المصممة للهبوط على كوكب المريخ، ولكن للوكالة أيضًا عددًا من المهام الرائدة الأخرى الجاري العمل عليها، بما في ذلك مهمة أوسايرس- ريكس OSIRIS-REx المتجهة نحو كويكب بينو Bennu، ومسبار نيو هورايزونز New Horizons ضمن حزام كايبر Kuiper Belt (منطقة من النظام الشمسي تتكون من الأجسام المتجمدة والصخور) بالإضافة إلى برنامج طاقم تجاري سريع النموّ، وبعبارة أخرى بحسب بريدنشتاين: "إنهم لا يتنافسون على إنجازات الفضاء".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات