كشف نموذجٌ رياضيٌّ مطوّر عن تركيبةِ نجمٍ فائقِ الاندماج Ultracompact star قد يكون موجوداً فعلاً رغم اعتقاد الفلكيين سابقاً باستحالة وجوده، ودمج النّموذج التّأثيرَ الطّاردَ لاستقطاب الفراغ الكمومي Quantum Vacuum Polarisation وهي الفكرة الّتي تشير إلى أنّ الفراغ ليس فارغاً فعليّاً ولكنه مليء بالطّاقة الكموميّة والجسيمات، مع مبادئ النّسبيّة العامة السّاحرة.
وتعتبر تلك الحسابات نتاجَ جهودٍ بذلها راؤول كاربالو-روبيو Raúl Carballo-Rubio من المدرسة الدّوليّة للدّراسات المتقدّمة في إيطاليا، وهي تصف الفرضيّة الّتي لا يخضع وفقها نجمٌ فائقُ الكتلة إلى المبادئ الّتي وضعها الفيزيائيّون الفلكيّون.
وفي هذا السياق صرّح كاربالو-روبيو: "الشّيء المبتكر في ذلك التّحليل هو أنّه ولأول مرة جُمِعت كل هذه المكوّنات معاً في نموذج متجانس تماماً، من ناحيةٍ أخرى فقد تبيّن أنّ هناك تشكيلات نجميّة جديدة، يمكن وصفها بأسلوب بسيط إلى درجة مدهشة".
فنتيجة لقوى الدّفع والجذب الهائلة تتداعى النّجوم الضّخمة فائقة الكتلة وتنهار تحت تأثير جاذبيّتها حينما ينفذ كامل وقودها اللّازم للاحتراق، وعقب هذا يكون أمام النّجوم الضّخمة خياران لا ثالث لهما، فإمّا أن تنفجر على هيئة مستعر أعظم supernovae لتصير نجوماً نيوترونية، أو تنهار بالكامل لتصير ثقباً أسود، فالأمر يتوقف على كتلتها فهنالك عتبة كتلة محدّدة يسلك عندها النّجم الآفل واحداً من الطريقين.
ولكن ماذا لو كانت صاحبة الدّور في ذلك المشهد هي قوىً كموميّة فائقة؟ هذا هو السّؤال الّذي يطرحه كاربالو-روبيو، ليشير إلى أنّ دور ميكانيكا الكمّ سيضفي مجموعة مختلفة من العتبات أو حالات التّوزان عند انقضاء حياة النّجوم الضّخمة.
فبفضل استقطاب الفراغ الكموميّ، سيتخلّف لدينا ما يشبه ثقباً أسود لكن بسلوك مختلف، وذلك وفقاً للنّموذج الجديد، وقد سُميت تلك الأنواع الجديدة من النّجوم بـالنّجوم النّسبويّة شبه الكلاسيكيّة semiclassical relativistic stars، وذلك لأنّها نتاج عمل مشترك بين الفيزياء الكموميّة والكلاسيكيّة.
ومن تلك الاختلافات أنّ النّجم سيكون بلا أُفق، مثل نجم نظريّ آخر جعلته الفيزياء الكموميّة ممكناً، وهو الغرافاستار gravastar، حيث يكون هناك نقطة اللا عودة ذاتها للضّوء والمادّة كتلك الموجودة حول الثّقب الأسود.
تتمثّل الخطوة التّالية في معرفة ما إن كان بوسعنا رؤية أحدها، أو مشاهدة أيّ من التّموّجات النّاتجة عنها عبر بقيّة أرجاء الفضاء، وأحد الاحتمالات يقول بأنّ أنماط النّجوم الغريبة تلك لن تتواجد لزمن طويل على الإطلاق.
ويُدلي كاربالو-روبيو بتصريح آخر قائلاً: "من غير الواضح ما إذا كانت تلك التّشكيلات قابلةً للتّحقيق ديناميكيّاً في السّيناريوهات الفيزيائيّة الفلكيّة، وكم هو الزّمن الّذي ستستمر به إذا كان ذلك ممكناً".
قد ازداد الاهتمام بمجال الفيزياء الفلكيّة من خلال التّقدّم الّذي أحرزه العلماء في رصد الأمواج الثّقاليّة gravitational waves، وبسبب ذلك العمل الّذي قد يمكّننا من اكتشاف تلك الاختلافات في الثقوب السوداء ستُمكِّن المراصدُ والأدوات الّتي ستكون متاحة في السّنوات القليلة المقبلة العلماءَ من وضع الافتراضات المثيرة للجدل محل الاختبار.
ويختتم كاربالو-روبيو بقوله: "لو كانت هنالك نجومٌ كثيفةٌ وفائقةُ الاندماج في الكون، مشابهة للثّقوب السّوداء ولكن بدون آفاق، فينبغي أن يكون من الممكن اكتشافها في العقود المقبلة".
هل نقترب من اكتشاف نوع جديد من النجوم؟
- التاريخ:
- عدد المشاهدات: 5,190
- التصنيف: الكون
- وقت القراءة: 2 دقيقة, 4 ثانية
- #النجوم النيوترونية
- #استقطاب الفراغ الكموميّ
- #النجوم النسبوية شبه الكلاسيكية
- #الغرافاستار
- #الأمواج الثّقاليّة
المصادر
المصطلحات
- الأمواج الثقالية (gravitational waves): عبارة عن تموجات في الزمكان، نشأت عن حركة الأجسام في الكون. أكثر المصادر التي تُنتج مثل هذه الأمواج، هي النجوم النترونية الدوارة، والثقوب السوداء الموجودة خلال عمليات الاندماج، والنجوم المنهارة. يُعتقد أيضاً بأن الأمواج الثقالية نتجت أيضاً عن الانفجار العظيم. المصدر: ناسا
- الاستقطاب (Polarisation): هو اتجاه الاهتزازات الموجودة في مستوي عمودي على مستوي انتشار الموجة، ومن الممكن أن يتكرر هذا المصطلح في العديد من المجالات الأخرى.
- المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernovae): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
- المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
المساهمون
-
ترجمة
-
مُراجعة
-
تحرير
-
تصميم
-
نشر