البحث عن الحياة الخارجية يجب أن يأخذ كل الاحتمالات بعين الاعتبار

يشدّد بعض العلماء على أن استشعار علامات الحياة على كواكب أخرى خارج مجموعتنا الشمسية، يجب أن يراعي طيف واسع من الاحتمالات. ويبحث العلماء في مركّبات الغلاف الجوي للكواكب الخارجية عن غازات تُنتج من قبل الأحياء الغريبة، وتشمل هذه الغازات الأوكسجين والميتان، وغازات أخرى ذات طابع حيوي مألوف ضمن الغلاف الجوي للأرض، وكتب كل من سارا سيجر (Sara Seager) وويليام بين (William Bain) من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology - MIT) مقالة للمراجعة نُشرت في مجلة (Science Advances) في السادس من شهر مارس/آذار لعام 2015.


كتبت سيجر في إيميل أرسلته إلى موقع Space.com : "نعلم أن عدد الكواكب التي يُمكن الوصول إليها ليس بالكبير"، لتضيف لاحقاً:" نرغب بالتأكد من عدم نسياننا لأيّة علامة حيوية، وذلك من خلال بذل قصارى جهدنا في التفكير بطريقة خارجة عن المألوف. يُعتبر الأوكسجين على الأرض من أعظم العلامات الحيوية، لكن ما هي فرص وجوده على الكواكب الأخرى".


تنوّع العوالم 


حتى الآن اكتشف العلماء أكثر من 1800 كوكب غريب، أغلبها مختلف وبشدة عن عوالمنا هنا في مجموعتنا الشمسية. وفي مقالتهم، كتب كلٌ من سيجر وبين: "أكثر أنواع الكواكب شيوعاً في مجرتنا هي كواكب بحجم يقع بين الأرض ونبتون، لكن وكنتيجة مذهلة ومميزة عُثر على صنف جديد من الكواكب التي لا تشبه الأرض بحجمها وليست بالعملاقة حتى، وصنف آخر لم توضع نظرية مقبولة حول تشكله بعد". 


يُعزز هذا التنوع في أشكال الكواكب الخارجية من إمكانية اختلاف حياة الكائنات الأخرى عن حياتنا على سطح الأرض، حتى ولو كانت تسكن عالم صخري كعالمنا، وكمثال: كيف سيكون شكل الحياة على كواكب أخرى شبيهة بالأرض وتملك هيمنة كبيرة لجزيئات الهيدروجين على أغلفتها الجوية بدلاً من النتروجين والأكسجين المهيمنين على الغلاف الجوي للأرض؟


كتب الباحثان في مقالهما: "على الرغم من عدم رصدها بعد، فإن كواكب كهذه من الممكن توقعها نظرياً". واستناداً إلى هذا البرهان، يدافع الباحثون بكتابتهم لمنهاج واسع الأفق يُعرّف أولاً "كل الغازات الداعمة للحياة من خلال دراسة منهجية وشاملة سواءً من وجهة نظر الجزيئات وبيئات الكواكب وأين ستتجمع وتبقى جزيئات هذا الغاز". 


ويُضيف الباحثان: "من الأهداف المرجو تحقيقها قريباً هو فهم أيُّ الجزيئات من الممكن أن تكوّن الغازات الحيوية في الغلاف الجوي للكواكب، وكنقطة بداية وُضعَ جدول منظّم للمواد الكيميائية التي تُسهم في تكوين الحياة، وذلك للتنبؤ بأيّ من هذه الجزيئات أو المواد سيكون مستقر ومتطاير وقابل للرصد عن بعد بواسطة التلسكوبات الفضائية". 


وقالت سيجر في رسالة إلكترونية  أرسلتها لموقع Space.com: "يتطلب مشروع صعب كهذا بضعة سنين ليكتمل"، لكنّها كتبت في مقالتها مع بين: "يستطيع الباحثون اختصار الوقت لأن بحثاً دقيقاً حول علامات الحياة فوق عوالم أخرى يعود على الأرجح لعقد من الزمن".


تكثيف البحث


بدأ العلماء استشعار الغلاف الجوي للكواكب الخارجية مستخدمين أجهزة مثل التلسكوب الكبير في تشيلي العائد للمرصد الفلكي الأوروبي الجنوبي. وسيبدأ الإنجاز بالتسارع قريباً لإطلاق ناسا القمر الصناعي العابر والماسح للكواكب خارج مجموعتنا الشمسية (Transiting Exoplanet Survey Satellite - TESS) في عام 2017، وإطلاق التلسكوب الفضائي جيمس ويب التابع لوكالة ناسا أيضاً (James Webb Space Telescope - JWST) في عام 2018، حيث سيجد TESS عدداً من الكواكب القريبة ذات البنية الصخرية ليقوم JWST بالتحري عن بنية غلافها الجوي، مع العلم أن معظم الكواكب المكتشفة حتى الآن - بما في ذلك المكتشفة من قبل التلسكوب الفضائي كبلر التابع لناسا – بعيدة جداً لدرجة تجعل من الصعب متابعة دراستها.


التلسكوبات الأرضية الضخمة، مثل: التلسكوب الضخم ماجلان وتلسكوب الثلاثين متر والتلسكوب الأوروبي فائق الضخامة (والتي تتمتع بسطوح مجمِّعة للضوء ذات العرض 80 قدم (24 متر) و 98 قدم (30 متر) و 128 قدم (30 متر) على الترتيب)، ستزيد من سرعة البحث أكثر عندما تصبح على الانترنت في منتصف عشرينيات القرن الحالي.


لكن تعتقد سارا سيجر بالإضافة إلى العديد من العلماء بأن البحث عن دليل للحياة يحتاج إلى تلسكوب فضائي ذو مرآة بعرض يتراوح بين 33 إلى 39 قدم (10 إلى 12 متر) مثل تلسكوب الفضاء واسع الفتحة ذو التكنولوجيا المتقدمة (Advanced Technology Large-Aperture Space Telescope ATLAST).


وكتب كل من سارا سيجر وويليام بين عن هذا التلسكوب في مقالتهما شارحين: "من المحتمل أن تقوم أداة كهذه بتحليل الأغلفة الجوية للكواكب بشكل كافٍ ليقوم العلماء بتقليص بعض الأرقام، ومن المهم أن نعرف بإنّ الكشف عن دليل للحياة سيتركّز على الأرجح حول استنتاج احتماليّة وجوده، لأنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل الكشف عنه بشكل مؤكد".


تقول سارا سيجر في رسالتها لموقع Space.com : "أرى مستقبل غازات الدليل الحيوي قريب من نتائج كبلر"، وتضيف:" أطلعَنا كبلر على أن الكواكب الصغيرة شائعة وبكثرة، وحدّدنا بعضها (تلك التي تكون في مناطق الحياة بالنسبة لنجومها)، لكن المعلومات الأكثر أهمية كانت إحصائيّة. وفي حال اكتشافنا للعديد من الكواكب التي تملك غازات غير عادية، فمن الممكن أن نصبح قادرين على إقناع أنفسنا بوجود حياة خارج الأرض، لكن من غير الضروري أن تكون فوق كوكب محدد".


عن الصورة
تُشير الصورة لنموذج فنّي لكوكب "كبلر – 186 أف"، وهو أول كوكب شبيه بالأرض تقريباً يُكتشف خارج مجموعتنا الشمسية، ويدور حول نجمه ضمن منطقة الحياة (المنطقة السكنية)، هذا ويبحث العلماء عن علامات للحياة في الغلاف الجوي للكواكب الشبيهة بكبلر – 186 أف، آخذين بالاعتبار الطيف الواسع للغازات المحتملة ذات الطابع الحيوي بالإضافة إلى تلك الموجود منها على الأرض.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات