دارة تناظرية من ال DNA تؤدي عمليات رياضية (قد تتمكّن حواسيب الـ DNA من تشخيص ومعالجة الأمراض مستقبلا)

طوّر أحدُ خريجي جامعة ديوك Duke University تيانشي سونج Tianqi Song وبالتعاون مع أستاذ علوم الحاسوب جون ريف John Reif عدّة شُعيرات من الحمض النووي DNA الاصطناعي، والتي تُشكِّل عندما تُمزج معاً في أنبوب اختبار بالتركيز الصحيح، دارةً تناظريّة باستطاعتها القيام بعمليات الجمع والطرح والضرب، وذلك مع قيام الجزيئات بإنشاء و كسر الروابط فيما بينها. في حين أنّ معظم دوائر الحمض النووي DNA تكون رقمية، إلّا أنّ دارتهم قد قامت بالعمليات الحسابية بطريقة تناظرية (تماثلية)، دون الحاجة إلى دارة خاصة لتحويل الإشارات إلى أصفار وواحدات في البداية. حقوق الصورة: John Joyner



يحتوي الحمض النووي DNA على تعليمات لصنع كلّ شيءٍ حيّ، من الإنسان وحتى ذبابة المنزل، وغالبا ما يوصف بأنّه خطة الحياة.


في العقود الأخيرة، وضع بعض الباحثين لحروف الشيفرة الوراثية استخدامات مختلفة، كصنع أجهزة كمبيوتر صغيرة نانوية الحجم! (النانومتر= جزء من مليار جزء من المتر)، وفي دراسة جديدة، قام فريق من جامعة ديوك بقيادة البروفيسور جون ريف John Reif بتشكيل جديلة من الحمض النووي DNA الاصطناعي، والتي تشكِّل، عندما تُمزج معاً ضمن أنبوب اختبار بالتركيز الصحيح، دارةً تناظرية analog circuit باستطاعتها القيام بعمليات الجمع والطرح والضرب، وذلك مع قيام الجزيئات بإنشاء وكسر الروابط فيما بينها، على خلاف دارات الجهد (فرق الكمون)، تستخدمُ دارات الحمض النووي DNA تراكيز محددة لشٌعيرات الـ DNA كإشارات.


وقد صمّمت فرق أخرى دارات معتمدة على الحمض النووي بإمكانها أن تحل المسائل بدءاً من حساب الجذور التربيعية إلى لعب التيك تاك تو (tic-tac-toe). ولكن معظم هذه الدارات رقمية، إذ تُرمّز البيانات على شكل سلسلة من أصفار و واحدات، وبدلا من ذلك، فإنّ جهاز ديوك الجديد يؤدي العمليات الحسابية بطريقة تناطريّة عن طريق قياس التركيزات المختلفة لجزيئات محدّدة من الحمض النووي مباشرة، دون الحاجة إلى دارة خاصة لتحويلها إلى أصفار و واحدات.

وصف الباحثون طريقتهم في إصدار أغسطس من مجلة البيولوجيا الاصطناعية ACS.
إذ قال البروفيسور ريف: "أنّه على عكس الدارات القائمة على السيليكون والمستخدمة في معظم الأجهزة الإلكترونية الحديثة، فإنّ الطريق لا يزال طويلاً أمام التطبيقات التجارية لدارات الحمض النووي DNA".


ومن ناحية أخرى فإنّ العمليات الحسابية لأنبوب الاختبار بطيئةٌ، فقد تستغرق ساعات لتحصل على النتيجة.


ويقول أيضاً: "نستطيع أن نقوم بعمليات حوسبة محدودة بعضَ الشيء، ولكن لا يمكننا حتّى البدء في التفكير بمنافسة حواسيب العصر الحديث أو غيرها من أجهزة الحوسبة التقليدية ولكنّ دارات الحمض النووي يمكن أن تكون أدقّ بكثير من تلك المصنوعة من السيليكون. وبخلاف الدارات الإلكترونية فإن دارات الحمض النووي تعمل في بيئات رطبة، والتي قد تجعلها مفيدة للحساب داخل مجرى الدم أو الأماكن المكتظة للخلايا".

 

تستفيد هذه التقنية من قدرة الحمض النووي الطبيعيةِ على الانضغاط والتمدد لتنفيذ العمليات الحسابية. وتماما مثلما يقوم المغناطيس والنابض بالسحب أو الجذب، تقوم قواعد النكيلوتيدات Nucleotide للحمض النووي بالازدواج والارتباط بطريقة يمكن التنبؤ بها.


ففي البداية أنشأ الباحثون قطعا صغيرة من الحمض النووي الاصطناعي، بعضُ هذه القطع شعيراتٌ مفردة وأخرى مزدوجة ذات نهايات مفردة، حيث يتم مزجها في أنبوب الإختبار. 
عندما تواجه الجديلة المفردة تطابقاً تاماً مع نهاية أحد الجدائل الجزئية للجدائل المزدوجة، فإنّها تتلاقى وترتبط، ويؤدي ذلك إلى تفكيك الجديلة المقيدة مسبقا وانفصالها، وكأن أحدهم فصل ثنائيا راقصا.


يستطيع الزوج الجديد بدوره الاقتران مع جزيئات الــ DNA الأخرى الموجودة في الدارة ويؤدي ذلك إلى تأثير الدومينو.

يحلّ الباحثون المسائل الرياضية عن طريق قياس تراكيز الشعيرات الصادرة وذلك عندما يصل التفاعل إلى مرحلة التوازن، ومن أجل رؤية أداء داراتهم مع مرور الوقت خلال عملية التفاعل، استخدم ريف وسونج برنامجا حاسوبيا من أجل محاكاة التفاعلات على مجموعة من التراكيز المُدخَلة، كما أنهم قد جرّبوا الدارات في المختبر.


وإلى جانب الجمع والطرح والضرب، يقوم الباحثون أيضاً بتصميم دارات تناظرية للحمض النووي أكثر تطورا والتي يمكن أن تقوم بمجموعة واسعة من العمليات الحسابية، مثل اللوغاريتمات والعمليات الأسية.


يقول الباحثون أنّ الحواسيب التقليدية لطالما كانت رقميّة. ولكن بالنسبة للحوسبة بالحمض النووي فإنّ النمط التناظري لديه فوائده أيضاُ. وقد صرح سونج بأن دارات الـ DNA التناظرية تحتاج إلى شُعيرات أقلّ مما تحتاج إليه الداراتُ الرقمية.


كما أن الدارات التناظريّة أكثر ملائمة لإشارات التحسس والاستشعار التي لا تتلاءم بدورها مع نمط (الاطفاء-تشغيل) on-off، (إمّا إشارة كاملة أو لا شيء)، مثل الإشارات الحيوية والقياسات الفيزيولوجية الأخرى المعنية في تشخيص وعلاج المرض.


يأمل الباحثون في المستقبل البعيد، بالتوصل إلى برمجة مثل هذه الأجهزة لتحسس فيما إذا كانت كيميائية الدم المحدد تتوضع داخل أو خارج النطاق الطبيعي المعتبر، وتحرير حمض نووي معين DNA أو RNA (القريب الكيميائي للـ DNA) والتي تحتوي على تأثير يشبه تأثير المخدرات.


بدأ مختبر ريف أيضا بالعمل على الأجهزة المعتمدة على الحمض النووي التي تستطيع أن تكشف أنواعا معينةً من الخلايا السرطانية، وإطلاق المواد التي تحفز الجهاز المناعي على محاربتها.
وقال ريف: " حتّى أبسط أنواع حوسبة الـ DNA قد تملك تأثيرا كبيراً على الطب والعلم".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات