وجدت دراسة مُفصَّلة لتحركات النجوم الموجودة في قرص أندروميدا اختلافات لافتة عن مجرتنا درب التبانة، مشيرةً إلى تاريخ أكثر عنفاً من عمليات الاندماج مع المجرات الصغيرة في ماضي أندروميدا القريب.
تُشكِّل بنية وتحركات النجوم الداخلية لقرص أندروميدا النجمي مفتاحاً مهماً لفهم تاريخ تَشكُّل المجرة، تسمى مجرة أندروميدا أيضاً (M31)، التي تعتبر أقرب مجرة حلزونية لمجرة درب التبانة وأكبر مجرة في المجموعة المحلية.
يقول (PuragraGuhathakurta) أستاذ علم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا، في سانتا كروز: '' في مجرة أندروميدا لدينا مزيج فريد من نظرات مفصلة وشاملة لمجرة مشابهة لمجرتنا، لدينا الكثير من التفاصيل في مجرتنا، لكن ليس بمنظور خارجي شامل .''
قامت دراسة جديدة بقيادة طالبي الدراسات العليا: كلير دورمان (Claire Dorman)، و(Guhathakurta) بجامعة كاليفورنيا، في سانتا كروز، بتجميع البيانات من مسحين كبيرين لنجوم أندروميدا: واحد أُجري بواسطة مرصد دبليو.ام .كيك (W. M. Keck Observatory) في هاواي، وآخر باستعمال تلسكوب هابل الفضائي. أما المشهد الطيفي والضوئي الناتج من المسح النجمي لهالة أندروميدا، فقد اُلتقط بواسطة تلسكوب الكيك\ديموس المتعدد الأطياف الضوئية (the Keck/DEIMOS multi-object spectrograph) لقياس السرعات الإشعاعية لأكثر من عشر آلاف من النجوم الساطعة المنفردة في أندروميدا.
أكمل مؤخراً جهاز هابل الحساس للألوان الخاص بأندروميدا (Panchromatic Hubble Andromeda Treasury-PHAT) مسحه موفراً تصويراً عالي الدقة في ستة أطوال موجية مختلفة لأكثر من نصف هذه النجوم.
يقول دورمان، الذي قدم نتائجه في اللقاء الشتوي للجمعية الفلكية في الخميس التاسع من يناير/كانون ثاني حيث قدمت دراسته سرعة تبدد كل من النجوم الشابة والقديمة والمتوسطة العمر، وهذه هي القياسات الأولى من نوعها لنجوم مجرة أخرى غير مجرتنا: '' تسمح لنا صور هابل عالية الدقة أن نميز النجوم عن بعضها في قرص أندروميدا المكتظ بالنجوم، أما التغطية الواسعة للأطوال الموجية فتسمح لنا بتقسيم النجوم إلى مجموعات وفقاً لعمرها ".
كشف تحليل دورمان مجرى واضحاً متعلقاً بالعمر النجمي، إذ تُظهِر النجوم الشابة حركة دورانية منتظمة نسبياً حول مركز المجرة، بينما يظهر أن حركة النجوم القديمة أكثر عشوائية، تتحرك أسراب النجوم المُرتبة جيدا بشكل متماسك بنفس السرعات تقريباً، بينما تتحرك أسراب النجوم غير المرتبة في سرعات مختلفة؛ مما يزيد من إمكانية التشتت.
يفسر دورمان قائلاً: '' إذا أمكنك النظر إلى حافة القرص، فسترى أن أسراب النجوم المنظمة تتجمع في مستوى رفيع جدا، بينما أسراب النجوم غير المرتبة فتُشكِل طبقة أكثر سمكا بكثير".
اعتبر الباحثون سيناريوهات مختلفة لتشكيل القرص النجمي وتطوره، يمكن أن تعزز مراقباتهم. سيناريو واحد ينطوي على اضطراب تدريجي لقرص النجوم المنتظمة كنتيجة لعمليات الاندماج مع المجرات الصغيرة التابعة لها، وقد وجدت الدراسات السابقة دليلاً على مثل هذه الاندماجات في تيارات المد والجزر للهالة الممتدة لأندروميدا التي يبدو أنها بقايا مجرات صغيرة مُفتتة، وقال دورمان إن النجوم في هذه المجرات يمكنها أيضاً أن تتراكم في القرص النجمي، لكن التراكم وحده لا يمكن أن يفسر الزيادة الملحوظة في سرعة التشتت مع تقدم عمر النجوم.
هناك سيناريو بديل يتضمن تَشكُّل القرص النجمي من قرص كثيف وملتف من الغاز والغبار الذي استقر تدريجيا،عندئذ تشكلت أقدم النجوم حين كان القرص ما يزال سميكاً وهذا تكوين فوضوي. مع مرور الوقت، استقر القرص في تكوين أرفع مع حركة منظمة، عندها تشكلت النجوم الأصغر في القرص في تكوين أكثر تنظيما.
وفقاً لدرومان، الجمع بين هذه الآليات يمكن أن يُعزز ملاحظات الفريق لقوله: '' يجب أن تدفع نتائجُنا المنظرين إلى تنفيذ محاكاة حاسوبية أكثر تفصيلاً لهذه السيناريوهات''.
بمقارنة هذه النتائج مع مجرتنا درب التبانة، كشفت عن اختلافات كبيرة مما يدل على تاريخ نمو أندروميدا العنيف في الماضي القريب، وكما قال درومان: ''حتى نجوم أندروميدا المُرتبة جيداً ليست مُرتبة مثل النجوم في قرص درب التبانة''.
في النموذج لمدا للمادة المظلمة الباردة (Lambda Cold Dark Matter) المُفضل حالياً لتشكيل بنية الكون، يُعتقد بأن المجرات الكبيرة مثل أندروميدا ودرب التبانة، قد نمت بفضل تفكيكها للمجرات الصغيرة التابعة لها ولحم نجومها وغازها، ويتنبأ علماء الكون أن 70 في المائة من الأقراص التي بحجم أندروميدا ودرب التبانة يجب أن تكون قد اندمجت مع مجرة ضخمة تابعة لها خلال الثماني ملايين سنة الماضية، وقرص درب التبانة منظم جدا ولا يرجح حدوث ذلك، بينما يناسب قرص أندروميدا هذه التوقعات بشكلٍ أكبر.
يقول (Guhathakurta) في هذا السياق: "إن حركة النجوم في قرص أندروميدا تعتبر طبقية أكثر، ودرب التبانة قد تكون ببساطة مجرة عزلاء مع تاريخ نمو هادئ على غير العادة".
الباحثون الآخرون الذين ساهموا في هذه الدراسة:
• Anil Seth من جامعة يوتاه.
• Daniel Weisz، و Julianne Dalcanton، وAlexia Lewis، وBenjamin Williams من جامعة واشنطن.
• Karoline Gilbert من معهد علوم تلسكوب الفضاء STScI.
• Evan Skillman من جامعة مينيسوتا.
• Eric Bell من جامعة ميشيغان.
•Katherine Hamren، و Elisa Toloba من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز.
تم تمويل هذا البحث من طرف مؤسسة العلوم الوطنية وناسا.