اكتشاف ثقب أسودَ جديد متوسط الحجم

تُظهر هذه الصورة التي التقطت بواسطة التلسكوب العملاق في المرصد الأوروبي الجنوبي، المنطقة المركزية من المجرة (NGC1313). وتشكِّل هذه المجرة موطناً لمصدر الأشعة السينية فائقة التوهّج (NCG1313X-1)، التي حددها علماء الفلك على أنها ثقب أسود مرشح متوسط الكتلة. يبلغ عرض  50000 (NGC1313)  سنة ضوئية، وتبعد حوالي 14 مليون سنة ضوئية عن مجرة درب التبانة في شبكة الأبراج الجنوبية.


حقوق الصورة: ESO


تأتي جميع الثقوب السوداء تقريباً في واحد من حجمين، الثقوب السوداء ذوات الكتل النجميّة التي يصل وزنها إلى بضع عشرات أضعاف كتلة شمسنا، والثقوب السوداء ذوات الكتل الهائلة التي تترواح ما بين مليون إلى عدة مليارات أضعاف كتلة الشمس. إن العلماء على يقين بوجود الثقوب السوداء متوسطة الحجم التي تقع ما بين هذين الحجمين، لكن من الصعب الحصول على دليل على ذلك، خصوصاً مع قلة الثقوب المرشحة المصوّرة حتى الآن.

نجح فريق بقيادة علماء فلك بجامعة ميرلاند ومركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، في الوصول إلى دليل يدعم وجود ثقب أسود جديد متوسط الحجم يبلغ حوالي 5000 ضعف كتلة الشمس. يضيف هذا الاكتشاف ثقباً أسودَ إضافياً إلى لائحة الثقوب السوداء المحتملة ذوات الكتل المتوسطة، كما يقدم دليلاً جديداً على وجود هذه الأجسام. هذا وقد ذكر الفريق نتائجه في النسخة الإلكترونية من مجلة الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal Letters بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2015.

سبقت هذه النتيجة نتيجةً مماثلة من قِبل جزء من فريق العلماء نفسه، باستخدام نفس التقنية التي نشرت في أغسطس/آب 2014. ولكن الدراسة السابقة قدمت قياساً دقيقاً لثقبٍ أسودَ يزن 400 ضعف كتلة الشمس باستخدام بيانات من القمر الصناعي روسِّي إكس ري تايمنج إكسبلورر التابع لناسا (RXTE)، أما الدراسة الحالية فقد استخدمت بياناتٍ من القمر الصناعي إكس إم إم نيوتن (XMM-Newton) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.

يقول المؤلف الرئيسي ديراج باشام Dheeraj Pasham، وهو باحث ما بعد الدكتوراة في معهد علوم الفضاء المشترك، وهو نتاج شراكة بحثية بين إدارات يو إم دي UMD في علم الفلك والفيزياء ومركز غودارد: "تُقدم لنا هذه النتيجة الدليل على وجود ثقوب سوداء بكل الأحجام، ولكنك عندما تشرح شيئاً ما للمرة الأولى، لابد من أن تساورك بعض الشكوك، فالتعرّف على مرشّح آخر بأداة مختلفة يدعم النتيجتين ويمنحنا الثقة بالتقنية التي نستخدمها".

يصنّف الثقب الأسود الجديد الذي يُعتقد أنه متوسط الكتلة المعروف بـ NGC1313X-1 مصدراً فائق الإشعاع للأشعة السّينية ultraluminous X-ray source، والذي يعتبر من أسطع مصادر الأشعة السّينية في الكون المنظور، إلا أنه مع ذلك فقد ثبت أنه من الصعب شرح أسباب شدة سطوع المصادر فائقة الإشعاع للأشعة السينية، ولكن يظن بعض علماء الفلك أنها ثقوب سوداء متوسطة الكتلة تقوم بجذب المواد من حولها بشكل نشط، منتجةً بهذه العملية كمياتٍ هائلة من الاحتكاك وإشعاعات الأشعة السينية.

ومع وجود الأشعة السينية العشوائية الصادرة عن NGC1313X-1، رصد باشام وزملاؤه نوعين من التوهّجات المتكررة، كلٌّ يومض بوتيرة مستمرّة وغير اعتياديّة. بحيث لمع الأول حوالي 27.6 مرة في الدقيقة والثاني حوالي 17.4 مرة في الدقيقة. وبمقارنة هاتين النسبتين تنتج نسبة 3:2 المثالية تقريباً. كما أن باشام وزملاءه وجدوا هذه النسبة أيضاً في M82X-1، وهو الثقب الأسود الذي وجدوه في أغسطس/آب 2014، على الرغم من أن وتيرة التوهج الكلية كانت أعلى في M82X-1.

وعلى الرغم من أن الفلكيين ما زالوا غير قادرين على تحديد السبب وراء هذه التوهجات الثابتة، إلا أنهم لاحظوا وجود النسبة 3:2 كحركة آلية والتي تبدو كأنها سمةٌ مشتركة للثقوب السوداء ذوات الكتل النجمية وربما الثقوب السوداء متوسطة الكتل أيضاً. يعتقد باشام أنه من المرجح أن سبب هذه التوهجات هي نشاط قريب من الثقب الأسود، بحيث تُبقي الجاذبية الشديدة على جميع المادة المحيطة في حيّز ضيق.

تستطيع النسبة 3:2 أيضاً تحديد كتلة الثقب الأسود بدقّة. بحيث تكون توهّجات الثقوب الصغيرة ذات وتيرة عالية، في حين تكون توهّجات الثقوب الأكبر أقل.

يقول المؤلف المشارك فرانسيسكو تومبيسي Francesco Tombesi، وهو عالم أبحاث مساعد في قسم UMD لعلم الفلك كما أنه مشارك في وكالة ناسا جودارد Goddard عبر مركز البحوث والتنقيب في علوم وتكنولوجيا الفضاء: "إذا أردنا تشبيه الأمر بالآلات الصوتيّة، وتخيّلنا أن الثقوب السوداء ذوات الكتل النجميّة هي آلة الكمان violin، والثقوب السوداء ذوات الكتل الهائلة هي آلة الكمان الأجهر double bass، ففي هذه الحالة ستكون الثقوب السوداء ذوات الكتل المتوسطة هي الكمان المتوسط المعروف بالفيولونسيل violoncello".


يأمل باشام وتومبيسي أن يؤدي تحديد مصادر الأشعة السينية فائقة التوهّج التي تحمل نسبة لمعان تساوي 3:2، إلى ترشيح عدد أكبر من الثقوب السوداء متوسطة الكتلة في المستقبل القريب.

يقول باشام: "إن طريقتنا تجريبية بحتة، فهي لا تعتمد على النماذج، ولهذا السبب فهي قويّة للغاية، نحن لا نعرف ما الذي يُسبب هذه التذبذبات، ولكن يبدو أنها مؤكدة، على الأقل في الثقوب السوداء ذوات الكتل النجمية".

تخطط ناسا لإطلاق تلسكوب الأشعة السينية الجديد، مستكشف التكوين الداخلي لنجم النيوترون (NICER) في العام 2016. وقد حدد باشام بعض الثقوب السوداء متوسطة الكتلة المحتملة التي يأمل أن يستكشفها باستخدام (NICER).

يقول باشام موضحاً: "من المهم تحديد وقت المشاهدة المناسب، لذا يجب عليك أن تبني الحالة باستخدام آليات مدروسة مع تحضير قائمة من الثقوب المرشحة التي يمكن أن تطبَّق عليها الدراسة، بذلك نكون قد وضعنا أنفسنا في الموقع الصحيح للمُضي قدماً نحو استكشافات أكثر إثارة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات