لُغزٌ فلكيٌ قديم في طريقه للحل

عرض البوكمينستر فوليرين المتأين (Ionized Buckminsterfullerene) ورمزه هو +C60 في طوره الغازي في الفضاء.

 
المصدر: جامعة بازل University of Basel. 


في سابقةٍ هي الأولى من نوعها، تمكن علماء من جامعة بازل University of Basel من تحديد الجزيء المسؤول عن امتصاص ضوء النجوم (starlight) في الفضاء. ويعرف هذا الجزيءُ باسم البوكمينستر فوليرين ذو الشحنة الموجبة (positively charged buckminsterfullerene). وقد تمّ نشر نتائج هذا البحث في العدد الحالي من مجلة الطبيعة Nature.

فقد اكتشف علماء الفلك قبل حوالي 100 عام، أنّ طيف ضوءِ النجومِ يصل للأرضِ مع فراغاتٍ مظلمة، أُطلق عليها اسم الحزم المجرية (interstellar bands). ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف مساعي العلماء لإيجاد المادّة التي تقوم بامتصاص الضّوء في الفضاء مسببةً ما يُعرف بتشتت الحزم المجرية (diffuse interstellar bands) أو اختصاراً DIB. ويوجد أكثر من 400 حالةٍ معروفةٍ حتى الآن لتشتت الضوء المجَري. 



جزيء كرة القدم والسُحب المجَرية: 


توقع العلماء منذ فترة طويلة أن سبب امتصاص ضوء النجوم يكمن في وجودِ جزيئاتٍ معقدةٍ وأيّونات غازية في سُحبٍ من الكربون. ويُعرف هذا الجزيء باسم البوكمينستر فوليرين، حيث يتكون من 60 ذرةِ كربون مترابطة مع بعضها على شكل كرة قدم. وقد تم اكتشافه في منتصف ثمانينات القرن الماضي. 

وبعد هذا الاكتشاف ظهرت الكثيرُ من الأسئلة مثل: هل جُزيء كرة القدم هو المتسبب في ظاهرة تشتّت الحزم المجرية؟ 

ولذلك، يقوم فريق البحث في قسم الكيمياء بجامعة بازل، بقيادة البروفيسور جون ب. ماير John P. Maier، بدراسة الامتصاص الإلكتروني للبوكمينسترفوليرين المتأين، منذ عام 1993. وقد أظهر القياس المخبري للطيف أن خاصية الامتصاص تحدث عند طولين موجيين بالقرب من موقعين لتشتت الحزم المجرية، وذلك ما اكتشفه علماء الفضاء في العام التالي. 



ظروف مشابهة للفضاء الخارجي: 


ظهرت الحاجة لإيجاد طيفٍ في الطّور الغازي، لإثبات أن هذه الجزيئات هي المسؤولة عن امتصاص ضوء النجوم وبالتالي تكون مسؤولةً عن تشتت الحزم المجرية، وقد نجح الباحثون في جامعة بازل في تحقيق هذا الأمر. وفي هذا الصدد يقول ماير: "هذه هي المرة الأولى التي يتمّ فيها التأكد من وجود هذه الجزيئات في السُحب المجَرية بشكلٍ قاطع. وقد تمكنّا من تحقيق إنجازٍ كبير يسهم في حل هذا اللُغز القديم المتمثل في معرفة أسباب تشتت الحزم المجَرية". 

وللحصول على هذا الطيف داخل المختبر باستخدام ليزرٍ ثنائي الصمام (diode laser)، فسوف يتم عزلُ الآلاف من الفوليرينات (Fullerenes) في موجة راديوية (radiofrequency)، ثم تبريدها عبر صدمها بهيليوم مكثّف عند درجات حرارةٍ منخفضة جداً (حوالي 6 درجات كلفن)، وهو ما يخلق حالةً مشابهة لما يوجد في الفضاء الخارجي. 

وتتطابق نتائج الامتصاص التي تم الحصول عليها في المختبر تماماً مع ما تمّ ملاحظته في البيانات الفضائية، من حيث نطاقها الترددي وكثافاتها النسبية. ويساعد ذلك في تحديد اثنين من تشتت الحزم المجرية، بالإضافة إلى إثبات أن البوكمينستر فوليرين المتأين +C60 يوجد في الطور الغازي في الفضاء. ويضيف ماير قائلاً: "انه لأمرٌ رائع، مع مراعاة تعقيد هذا الأيون الجزيئي مع وجود إشعاع عالي للطاقة، في بيئة مثل هذه".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات