دور البيانات الضخمة في العلوم الاجتماعية

يمكن لعلم البيانات أن يساعد على الإجابة عن المسائل البحثية في العلوم الاجتماعية. حقوق الصورة: Colourbox.

لقد اعتدنا بالفعل على حقيقة أن بصمتنا الرقمية تُسجل وتُخزّن في مكانٍ ما وتُقيَّم، مما أحدث ثورة في صناعة الإعلان. إذ تستخدم كثير من الشركات، مثل أمازون Amazon وأوبر Uber، بياناتنا لتجعل إعلاناتها أكثر فاعلية. ومع ذلك، فإن فكرة تأثير بياناتنا على حياتنا الشخصية تقتصر غالبًا على ما تستخدمه غوغل وفيسبوك من هذه البيانات.

وعلى الرغم من تقدم الأبحاث الكبير، مثل التعرف على الكلام ومعالجة الصور، إلا أن نجاح مثل هذه التطبيقات في العلوم الاجتماعية يُعتبر نادرًا. ففي عام 2014، تراجع تضخم البيانات من مرحلة "ذروة التوقعات" إلى مرحلة "الهبوط وخيبة الأمل" في تقرير هايب سايكل الذي أجرته شركة جارتنر Gartner Hype Cycle.

ينصبّ تركيزنا في مختلف المجالات العلمية على المتطلبات التقنية لتسجيل وتخزين كميات كبيرة من البيانات بكفاءة ومعالجتها تلقائيًا. تملك مناهج الذكاء الاصطناعي، كالتعلم الآلي، إمكانات كبيرة، لكن لم تستفد العلوم الاجتماعية منها إلا القليل، بل يبدو أنها تسجل تراجعًا في التخصصات الأخرى أيضًا. ويبدو أن العلماء الاجتماعيين بدلًا من أن يستغلوا وفرة البيانات في أبحاثهم، فهم يستخدمون الفرص المتاحة أمامهم فقط.

إن المجال المتاح مليء بالتخصصات العلمية الأخرى، فعلى سبيل المثال يجمع المهندسون بيانات الحركة الفردية عن طريق الاستشعار، ويستخرج علماء الحاسوب نماذج إحصائية من البيانات. ويُعرف هذا النهج القائم على دراسة الظواهر الاجتماعية من خلال البيانات بعلم الاجتماع الحاسوبي. وقد ظهر في الآونة الاخيرة افتراض أن علم الاجتماع، بما يشمله من نماذج واختبارات، قد عفا عليه الزمن. لكن بدلًا من ذلك سيظهر شكل جديد من العلوم الاجتماعية تُستبدل فيه النظريات ويحل محلها التعلم الآلي للقوانين الاجتماعية.

يمكن لعلم البيانات أن يساعد في إيجاد الإجابة على الأسئلة البحثية في العلوم الاجتماعية، إلا أنه لا يستطيع تطوير هذه المسائل. حيث لا يمكن أن تحل ارتباطات إحصائية مكان العلاقة السببية. والعلوم الاجتماعية لا تبحث فقط عن ماهية الأشياء بل عن أسبابها أيضًا، لذلك، لا غنى عن علماء الاجتماع لصناعة علم الاجتماع الحاسوبي.

إن ما نحتاجه هو نماذج اجتماعية جديدة تُطوّر مع الأخذ في الاعتبار مقارنتها ببيانات ضخمة لم تكن متاحة سابقًا، مما يتطلب خبرة منهجية جديدة، وهذا الأمر متروك للجامعات لتدريسها. وفي إدارة تصميم الأجهزة، تحدينا ذلك من خلال تطوير دورات حول نظرية الشبكات المعقدة، والنماذج القائمة على النظم الاجتماعية، والتحليل الإحصائي للبيانات الاجتماعية.

والعكس صحيح، إذ يمكن أن تستفيد العلوم الهندسية من العلوم الاجتماعية. كما تعتمد الأنظمة التقنية على البعد الاجتماعي، حيث أنه من غير المجدي تصميم أنظمة إمدادات الطاقة الذكية أو منصة مشتركة لتطوير البرمجيات دون أخذ السلوك البشري والعلاقات الاجتماعية في الاعتبار، وهنا تظهر المهارات الأساسية في العلوم الاجتماعية. ويتطلب الأمر تدريب مهندسين وعلماء حاسوب على اختصاصات متعددة، بينما لا تزال تطويرات علم الاجتماع قائمة، وهذا سيحدد النجاح على كلا الجانبين.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات