بناء مكتبة وراثية عالمية

تكمن متانة البيت في أساسه، فالبيت المبني على أساس قوي وصلب سيستمر على مدى العقود. تقوم وكالة ناسا بإرساء أسس قوية في بحوث علوم الحياة، وذلك بواسطة نتائج قادمة من بحوث حديثة، تُدعى (BRIC-19)، وموجودة على متن محطة الفضاء الدولية.

الأبحاث البيولوجية في العلب The Biological Research in Canisters) BRIC) هي سلسلة من البحوث، تُوضع خلالها العينات داخل حاويات مستطيلة بحجم علب الأحذية. لقد قامت ناسا بإطلاق بريك-19 في البعثة الرابعة لخدمة SpaceX قصد إعادة التموين في سبتمبر/أيلول 2014، وتحمل معها بذور نبات أرابيدوبسيس ثاليانا (Arabidopsis thaliana). قضت هذه البذور أسابيعاً لتنمو في أطباق بيتري(petri) في بريك-19 قبل أن تعود إلى الأرض في كبسولة دراغون (Dragon) في 25 أكتوبر/تشرين أول لكي يجري عليها العلماء الفحوصات اللازمة.

نبات الأرابيدوبسيس ثاليانا هو نبات مثالي، ويمتلك تركيب جيني يفهمه العلماء. يقوم الباحثون بمقارنة بناء وتطور الكائنات المعرضة لجاذبية ضعيفة (أو جاذبية مايكروية) مع تلك التي نعرفها جيداً على الأرض. إلى جانب الفوائد المحتملة التي ستوفرها لرواد الفضاء المستقبليين، قد تُقدم تجربة بريك-19 لنا نظرةً عميقة على النمو الجوهري للنباتات؛ فعلى الأرض، تؤثر الجاذبية على طريقة نمو النباتات والحيوانات. وبإزالة هذا العامل، قد تُعلمنا التجربة الكثيرَ عن كيفية تطور الكائنات الحية.

يقول الدكتور سيمون غيلروي (Simon Gilroy)، وهو الباحث الرئيسي في بريك-19: ''كنا نحاول تناول كيفية تجاوب النباتات مع الضغوط المؤثرة على نموها، وكيف تشعر النباتات بوزنها، وكيف تقوم بإنتاج الأنسجة المُقوية لمقاومة هذه القوى. كنا بحاجة إلى إزالة الجاذبية ومشاهدة كيفية تطور النباتات، ما يجعل من البيئة ذات الوزن المنعدم، في محطة الفضاء الدولية، المختبر الوحيد الذي يمكننا فيه القيام بهذا العمل''.

تختلف عمليات النمو والتطور في بيئة الجاذبية الميكروية، مما يكشف لنا عن عمليات أساسية؛ وسيقوم العلماء بالتحقق من الفروق بين النمو في الفضاء وعلى الأرض، وكيف يمكن استخدام هذا لتكييف نمو النباتات لتزدهر في الفضاء. قد يحسن فهمنا لكيفية نمو النباتات على المستوى الجيني، من إنتاج الكتلة الحيوية على كوكب الأرض.

أضاف غيلروي: "بناءً على أعمالنا السابقة في مجال الجاذبية والاستشعار باللمس، نعتقد أننا وجدنا الجين الذي يُعتبر المنظم الرئيسي لهذه العملية، والذي يُهندس الطفرات وإذا ما كان دائماً مُنشَّط أم لا. هذه هي النباتات التي وضعناها في الفضاء، ونحن متحمسون حقاً لنرى فيما إذا كان النبات الذي يمتلك نظامَ استجابةٍ ميكانيكية مُهندس لكي يكون دائما مُفعلاً، و لينمو بنفس الطريقة التي ينمو فيها على الأرض".

بريك-19 هو أول جزء من مختبر جين لاب (GeneLab)، وهو محاولة مبتكرة ومفتوحة لممارسة العلم؛ (جين لاب) هو مجموعة من التحقيقات عن علوم الحياة التي صُممت لتحقيق نتائج من شأنها أن تُفيد الناس الذين يعيشون و يعملون في الفضاء وكذلك على الأرض وذلك لتحسين صحة البيئة. من خلال (جين لاب)، ستقوم ناسا بإنشاء قاعدة بيانات حيث يمكن للعلماء حول العالم أن يُساهموا في المعلومات، وأن يستخدموا بيانات من بعض التحقيقات يُمكن أن تساعد في دراساتهم الخاصة.

يقول مارشال بورترفيلد (Marshall Porterfield)، مدير مقر ناسا لحياة الفضاء والعلوم الفيزيائية في واشنطن: ''(جين لاب) أداةٌ تعاونية، وهو نموذج بحثٍ جديد يمكّن التوصل إلى العديد من التطورات العلمية؛ وستستفيد قاعدة البيانات من تقنيات البحث لإنشاء مصدرٍ شاملٍ ومفتوح من البيانات العلمية من أجل مقارنة الحياة في الفضاء مع الحياة على الأرض".

ستولَّد الدراسات على متن المختبر المداري، مثل تلك التي أُجريت باستخدام بريك-19، كميات هائلة من البيانات الخام؛ وسيتم استخراج كل الجزيئات الحيوية الممكنة مثل الـ DNA، و الـ RNA، والبروتينات، والمستقبلات من الميكروبات، والأنسجة، والكائنات الحية في عدة نقاط خلال الرحلات الفضائية؛ وسنحصل على البيانات الخام من رسم خريطة جينات كاملة للأنسجة التي سافرت في الفضاء؛ وسيتم تحميل البيانات في قاعدة بيانات لعلوم الحياة و ستكون متاحة للجميع، وسوف تحتوي على الجين المتكامل والخرائط البيولوجية الجزئية للأنسجة والكائنات الحية التي سافرت إلى المحطة.

كما هو الحال مع بناء أي منشأة قوية ومعقدة – حيث يتم تثبيت كل قطعة موضوعة بعناية - فإن بناء قاعدة البيانات هذه سيأخذ وقتاً؛ وبمساعدة من بعض الأبحاث مثل بريك-19، ستكون النتيجة النهائية نصباً تذكارياً للعلم وستساعد في تحقيق الإنجازات الرائدة في السنوات القادمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات