هل يصلح محرك EmDrive للسفر عبر الفضاء؟

محرك EmDrive المستحيل، والذي يُزعم أنه يُولد قوةً دافعةً عبر الموجاتِ المكروية المرتدة داخل حجرةٍ مخروطية الشكل. حقوق الصورة: SPR Ltd./www.emdrive.com


لا ترفع سقف توقعاتك!

يزعم محرك EmDrive أنه يجعل المستحيل ممكنًا، وذلك عبر دفع مركبة فضائية بدون الحاجة إلى الدفع وبدون دافع وبدون نفث. فقط وصّله وشغّله، وستتمكن من بلوغ وجهة الأحلام المنشودة.

ولكن لا يتعارض محرك EmDrive مع تصورنا الأساسي للكون وحسب، بل إن التجارب التي تحاول قياس تأثيره لم تتكر بعد؛ عندما يتعلق الأمر بمحرك EmDrive عليك أن تواصل الحلم.
 



الموجات المكروية المستقبلة


تحمل أسماء متعددة، (محرك EmDrive وQ-Drive وتجويف الميكروويف الرنان RF Resonant Cavity والمحرك المستحيل). لكن تحوم جميع هذه التسميات حول نفس الشيء، بارتداد بعض الإشعاعات داخل حجرةٍ مغلقة وبطريقةٍ ساحرة ستحصل على قوة الدفع.

هذه معضلة كبيرة لأن جميع أشكال الصواريخ (وبالطبع كل أشكال الحركة عبر الكون الواسع) تتطلب الحفاظ على الزخم، لكي تحصل على الحركة عليك أن تدفع شيئًا ما، إمّا أن تدفع قدميك باتجاه الأرض أو أم الطائرات تدفع نفسها باتجاه الهواء أو الصواريخ تدفع بعض أجزائها (مثال غاز العادم) من النهاية الخلفية لكي تحصل على الدفع الأمامي.

ولكن هذا الأمر مختلفٌ في محرك EmDrive المكوّن من صندوقٍ بداخله أمواج مكروية ترتد ومن المفترض أنها تستطيع أن تحرك نفسها.

قد تتجاوز التفسيرات التي تشرح آلية عمل محرك EmDrive حدود الفيزياء التي نعرفها، ربما بسبب التفاعل مع طاقة الفراغ الكمية للزمكان (حتى طاقة الفراغ الكمية للزمكان لا تسمح بأن يرتد أي شيء منها)، أو ربما لأن فهمنا للزخم ليس صحيحًا (حتى مع عدم وجود أمثلةٍ أخرى في تاريخ تجاربنا الطويل). أو ربما تكون نوعًا جديدًا من الفيزياء تبشرنا بها تجارب محرك EmDrive.
 



لا تعبث مع الزخم


بحديثنا عن الزخم، إن حفظ الزخم واضحٌ تمامًا، إذ يمكنك في نظامٍ مغلق أن تجمع زخم كل الأجسام مع بعضها، ومن ثم تتفاعل مع بعضها، ثم يمكنك جمع زخم كل الأجسام مع بعضها مرةً أخرى. يجب أن يساوي الزخم الكلي عند البداية الزخم الكلي عند النهاية، وبالتالي فإن الاندفاع هو زخم.

رافقتنا فكرة حفظ الزخم لعدة قرون (بل هي مضمنة في قانون نيوتن الثاني الشهير)، ولكن في بدايات القرن الماضي حصلت على مكانةٍ جديدة، حين أثبت الرياضي العبقري إيمي نوثير (Emmy Noether) أن حفظ الزخم (بالإضافة إلى قوانين الحفظ الأخرى مثل حفظ الطاقة) هو انعكاسٌ لحقيقة أن كوننا يملك تناسقيةً محددة.

على سبيل المثال، يمكنك اختيار مكانٍ ملائمٍ لإجراء تجربة فيزيائية، ثم يمكنك إعادة تجربتك الفيزيائية بنقلها إلى أي مكان آخر في الكون لكي تكررها مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات البيئية (مثلًا اختلاف ضغط الهواء أو حقول الجاذبية)، ستكون النتيجتان متطابقتَين.

هذه هي تناسقية الطبيعة. لا تكترث الفيزياء أين تُجرى التجارب.

أدرك نوثير أن تناسقية الفضاء تؤدي مباشرةً إلى حفظ الزخم، إذ لا يمكنك أن تحصل على واحدةٍ دون الأخرى.

فإذا كان محرك EmDrive يمثل انتهاكًا لحفظ الزخم -وهذا ما يدعيه- عندها ستنهار قاعدة تناسق الطبيعة.

تعبّر تقريبًا كلّ النظريات الفيزيائية، بدءًا من قوانين نيوتن وانتهاءً بنظرية الحقل الكمي، عن تناسقية الفضاء وحفظ الزخم في معادلاتها الأساسية.

بالطبع، إن معظم النظريات الفيزيائية الحديثة هي ببساطة إعادة تصريح معقدة لحفظ الزخم، وبالتالي فإن اكتشاف خلل في هذه التناسقية لن يكون فقط توسيع الفيزياء المعروفة وحسب، بل سيزيح بشكلٍ كاملٍ جهود استمرت قرون لفهم كيفية عمل الكون.


واقع التجربة


بالتأكيد هذا ليس مستحيلًا، فقد حدثت ثوراتٌ علمية من قبل ولكنها تحتاج إلى الكثير من الحجج لكي تحدث. وإلى الآن هذه النظرية ليست مقنعةً إلى هذا الحد.

منذ تقديم مبدأ محرك Emdrive في عام 2001، تدّعي مجموعةٌ ما كل بضع سنوات أنها أجرت قياسًا لمجموعة قوى آتيةٍ من جهازها، ولكن يقيس هؤلاء الباحثون أثرًا شديد الصغر وقوًى صغيرةً لدرجة أنها لا تمكّنها من إزاحة قطعة ورق، ويؤدي هذا إلى عدم موثوقية الأهمية الإحصائية وخطأ في الحساب.

بالطبع، لم تقدم أيٌ من هذه النتائج المنشورة حسابات تتجاوز بأهميتها مجرد كونها رقمًا بالكاد يصلح للنشر، دون وجود أهمية حقيقية.

ومع ذلك، طوّرت مجموعاتٌ أخرى محرك Emdrive الخاص بهم في محاولة لإعادة حساب النتائج، وهذا ما يجب أن يفعله العلماء الحقيقيون. فشلت هذه المحاولات في قياس أي شيء على الإطلاق في حين وجدت محاولاتٍ أخرى متغيرًا مناقضًا يفسر ببساطة النتائج المقاسة الهزيلة. مثل تفاعل السلك في الجهاز مع الحقل المغناطيسي للأرض.

هذا ما نملكه بعد 20 عام من تقديم محرك Emdrive الأولي، مجموعة تجارب لم تقدم أي تفسيرٍ عن كيفية نجاح المحرك (بالإضافة إلى النزعة الهادفة إلى تحطيم الفيزياء الحالية وانتهاك كل التجارب الأخرى التي حصلت في المئة عام الماضية).

قفزةٌ نوعيةٌ وثورةٌ تعيد فهمنا للفيزياء في مجال السفر عبر الفضاء أو مكوك الأحلام؟ من الواضح تمامًا في أيّ صف تقف الطبيعة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات